موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٩ سبتمبر / أيلول ٢٠١٩
البطريرك ساكو يكتب: سرّ المصالحة (الاعتراف) التوبة والغفران

الكاردينال لويس روفائيل ساكو :

يُخبِرنا الإنجيل عن مغفرة يسوع لاُناس عديدين. والمغفرة تعني أن يصالح الإنسان نفسه ويُصلِحُها. وجعلَ يسوع مغفرة بعضنا البعض شرطاً لمغفرة الله لنا: “فإِن تَغفِروا لِلنَّاسِ زلاتِهِم يَغْفِرْ لكُم أَبوكُمُ السَّماوِيّ وإِن لَم تَغفِروا لِلنَّاس لا يَغْفِرْ لكُم أَبوكُم زلاَّتِكُم” (متى 6: 14-15)، بمعنى آخر، إغفر لأخيك بقدر ما هو ضروري ولا تَتعب من مسامحة المسيئن اليكَ “سبعين مرة سبع مرات” (متى 18: 22). الغفران يُنشئُنا ويُنشي من أساءَ الينا، لأن الحُبّ أكثر تأثيراً وبِناءً، وإلاّ سقطنا في دوامة الكراهية والثأر!ُ

يغفر لنا الله خطايانا بفعل ندامتنا، وممارستنا سرّ التوبة – المصالحة، أي سرّ الرحمة الإلهية، وبصلاتنا وفعلنا للخير أيضاً. كلَّ مرَّة نعترف بخطايانا للكاهن الذي يمارس هذه الخدمة، انما يمارسها كما ذكرت، بإسم الرب وليس بإسمه، ننال رحمة الله وغفرانه. فالمُعَرِّف يقول في صيغة الحَلَّة: “مغفورةٌ لكَ خطاياكَ، إذهب بسلام ولا تَعُد الى إرتكاب الخطيئة”.

تمر ممارسة سرّ التوبة حالياً بأزمة، بسبب الجهل وحالة اللاوعي بالخطيئة، لذا تخلّى البعض عن الإعتراف، معتبراً إياهُ ممارسة من الماضي. والبعض الآخر لم يعترف منذ المناولة الأولى، أو من يوم زواجه. هذا تضييع فرصةِ الاستفادة من رحمة الله التي يمنحها لنا بممارستنا هذا السرّ. الإعتراف – التوبة يساعدنا على تجاوز ضعفنا، وتنقية الأجواء ومنحنا فرصة للمضيّ نحو الأفضل. الكاهن يساعدك من خلال التوجيه والإرشاد، ويغفر لك باسم الله وليس بإسمه. والكاهن مُلزَم بحفظ السرّ بشكل تام حتى ولو كلَّفه ذلك حياته. فلا يمكن أن يُفشي به. ولدينا أمثلة رائعة عن كهنة تعذَّبوا وماتوا بسبب ذلك.

الخطيئة ليست شأناً فردياً، إنما تهم كل الجماعة، وهكذا الحال بالنسبة للمُصالحة. يقول القديس اوغسطينس (354 – 430 م): “لايقولنَّ أحدٌ، عندما لا اُحبّ أخي فأنا اخطئ ضد إنسان، ولكن كيف لاتخطئ ضد الله عندما تخطئ ضد الحب”. كيف نقدر أن نعود الى البيت الأبوي من دون مصالحة إخوتنا؟ السرّ لا يكون صحيحاً من دون الغفران والمصالحة. ولتحديد مسؤولية الخاطئ لابد أن تتوفر لديه المعرفة والإرادة الحُرّة. الخطايا الجسيمة تحتاج الى سرّ التوبة (الإعتراف).

توجد طريقتان للإحتفال بسرّ المصالحة: رتبة جماعية، أي ضمن الجماعة الملتئمة للصلاة والتي تُقرُّ بضعفها وخطيئتها وحاجتها الى الغفران والعون. وتتضمن الرتبة قراءات من الكتاب المقدس، وموعظة، وفحص للضمير، وفعل الندامة، وفي ختامها يمنح الكاهن الحَلَّة – الغفران للتائب الذي يعترف فردياً بخطاياه، ويلتزم بحياة جديدة. ورتبة فردية، لا تزال هي السائدة في معظم كنائسنا. هذه الممارسة ترتكز على إعتراف فردي أمام الكاهن الذي يمنح الحَلَّة بإسم الله. واليكم الصيغة التي إعتمدناه في سينودس 2014: “يا إلهنا المملوء رحمة، أفِضْ حنانك على خادمك هذا، وإغفر خطاياه وخلّصه منها، وليجدّده روحك القدوس، وليثبّته في سلوك طريق البِرّ والقداسة، لتكن خطاياك مغفورة بإسم الآب والإبن والروح القدس الى الأبد”. يجيب التائب: آمين. ويرسم الكاهن علامة الصليب على جبين الشخص!