موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٩ فبراير / شباط ٢٠٢٠
البطريرك ساكو في ذكرى استشهاد المطران رحو: تاريخ كنيستنا مكتوب بالدم
البطريرك الكلداني يكتب لمناسبة ذكرى اختطاف رئيس أساقفة الموصل المطران بولس فرج رحو والشمامسة رفاقه في 29 شباط 2008 ثم استشهادهم
رئيس أساقفة الموصل المطران بولس فرج رحو

رئيس أساقفة الموصل المطران بولس فرج رحو

الكاردينال لويس روفائيل ساكو :

 

الشهادة هي قربان جسد – دم. وهي التعبير الأسمى لإيماننا. الشهادة هي الحب الأعظم. والشهيد ليس انتحاريا، بل هو شخص مؤمن، ويحبّ الحياة والخدمة، لكن الآخر يرفض ايمانه لانه مختلف عنه، فيُكرِهَه على تركِه، وعندما يرفض، للبقاء أمينا على إيمانه، تتم تصفيته جسدياً. وجاء في تراتيل شهداء ܣܗܕ̈ܐ مساء الثلاثاء: "صرخ الشهداء بوجه جلاديهم. لا ننكر المسيح، الذي من أجلنا مات".

 

تاريخ كنيستنا منذ القديم هو درب الصليب في حدِّ ذاته.

 

تاريخٌ مكتوب بالدم. في الكنيسة الأولى شهداء، وفي زمن شابور الثاني الفارسي ثمة قافلة من الشهداء، وبينهم القامة الكبيرة البطريرك مار شمعون برصباعي ورفقاؤه.  ودام اضطهاد هذا الملك (نيرون ما بين النهرين) أربعين سنة. ولنا شهداء عند قدوم المقاتلين المسلمين، الذين أكرهوا عدداً كبيراً من المسيحيين على الإسلام، ومن رفض قُتل أو اُرغم على دفع الجزية. انذاك، كنا الغالبية الساحقة في هذه البلاد. واضطهاد في فترات مختلفة من الخلافة العباسية، بالرغم من وجود نوع من ميثاق العيش المشترك. وشهداء في حكم المغول، والدولة العثمانية وآخرها كانت إبادة المسيحيين الأرمن والكلدان والسريان (سيفا – سيبفو). وليس صحيحاً ما تناقله بعض المتربّصين بكل ما أقوله وأعمله. ما قلته في مقابلة في ديار بكر، بعد القداس في كنيستنا هناك هو: ينبغي ان نتعلم العِبَر من الماضي لنحترم بعضنا البعض ونعيش بسلام واحترام. وذكرت ان اتراك اليوم ليسوا هم من قتل المسيحيين قبل قرن من الزمن، كما ان يهود اليوم ليسوا من صلب المسيح، انا لم أنكر الإبادة التاريخية الموثَّقة!

 

ولنا شهداء بعد سقوط النظام عام 2003، استشهدوا على أيدي المتطرفين الاسلاميين من تنظيم القاعدة ومن بينهم عدد من الشمامسة والكهنة والمطران بولس فرج، وكانت الذروة مذبحة كنيسة سيدة النجاة السريان الكاثوليك بـ48 شهيدًا تم قتلهم أثناء قداس الأحد. فضلاً عن شهداء داعش… كما قاسى مسيحيّونا من التفجيرات والتهديدات والخطف والتهجير والهجرة…

 

هؤلاء الشهداء هم قدوتنا، ولا نميز بينهم، ولا نستعمل تعبير سيد الشهداء ولا شيخ الشهداء، هذا تعبير يستعمله غيرنا، كلهم قديسون عبَّروا عن حبهم العظيم للمسيح وهذا أسمى قربان. ودماؤهم هي نسغ جديد لنمو جماعاتنا المسيحية. وفي السينودس الكلداني سنة 2015 قرر الآباء الاحتفال بذكرى جميع شهدائنا في الجمعة التي تلي عيد القيامة والتي كانت تعرف بجمعة المعترفين (القرار رقم 5).

 

"رفات القديسن، ذخائر كريمة، تزّين الكنائس بنعمٍ عظيمة، منها العون يأتينا، وذكرها يحمينا، تزيدنا ايمانا بالمسيح فادينا" (تراتيل الشهداء لمساء الجمعة).