موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٣ فبراير / شباط ٢٠٢٢
البطريرك بيتسابالا يترأس قداسًا بمناسبة الاحتفال بيوم الحياة المكرسة
جانب من الاحتفال (تصوير: مكتب إعلام البطريركية اللاتينية)

جانب من الاحتفال (تصوير: مكتب إعلام البطريركية اللاتينية)

أبونا :

 

بمناسبة عيد تقدمة الرّب، وفيه تحيي الكنيسة الكاثوليكيّة اليوم العالمي للحياة المكرّسة، ترأس بطريرك القدس للاتين ببيرباتيستا بيتسابالا، مساء الأربعاء 2 شباط 2022، القداس الإلهي في الكونكاتدرائيّة البطريركيّة في البلدة القديمة بمدينة القدس، حيث أشاد بالرجال والنساء الذين اختاروا تكريس حياتهم كليّة لله.

 

وأشار البطريرك بيتسابالا في تأمله إلى أنّ سمعان وحنّة هما "شخصان حصلا على تعزية من الله. فسمعان الشيخ هو رجل صديق وتقي، لكنه يعلم أنه لا يكفي أن يكون المرء صديقًا وتقيًّا، وأن الحياة الحقيقية ليست فقط في الصدق، أي في منطق حياة بشريّة محضة، بل تسير وتأخذنا إلى أبعد من ذلك، وأنه يجب انتظارها. وينتظر سمعان طيلة حياته معتمدًا على وحي من الروح. ينتظر طيلة حياته، إلى أن أتى يوم، كباقي الأيام، وفي الهيكل، حصل فيه على العزاء".
 

ولفت إلى أنّ التعزية تقوم "على رؤية الخلاص، وبرؤيته بأمّ العين، أي باختباره فعليًا. هذا يعني القدرة على رؤية الله حاضرًا في حياتنا بطريقة جديدة وغير متوقّعة. وأن الرب يأتي في الوقت الذي لا ننتظره فيه. التعزية هي خبرة ما يرغب الإنسان فيها أكثر من غيرها، لكنه لا يستطيع الحصول عليه بقواه الشخصية. وهذا ما يصبح واقعًا بفضل النعمة. هي خبر السماء التي تُشَقّ بحيث يحصل الإنسان على أغلى ما يريد. وهكذا نحصل على خبرة الشفاء في داخلنا. وحده الله يمكنه أن يعزّي".

 

وقال: "لا يمكننا أن نعزي لوحدنا لأننا لا نملك كلام الحياة الأبدية. كلماتنا بشريّة وفقيرة ومحدودة وتعجز عن إعطاء الحياة أو الشفاء. لكننا عندما نختبر عزاء الله، يمكننا أن نصبح نحن أيضًا علامة تعزية بعضنا لبعض"، مشيرًا إلى أنّ "سمعان وحنه شخصان حصلا على التعزية لأنهما كانا شخصين مكرّسَين، بكل ما في الكلمة من معنى، أي رجل وامرأة ربطا معنى حياتهما بانتظار ما، رجل وامرأة أعطيا معنى لرغبتهما وعاشا مع هذه الرغبة دون تعب وخوف وتشاؤم".

 

وأكد البطريرك بيتسابالا على أنّ "الأشخاص المكرسين هم الذين يعلمون أن الله وحده يمكن أن يعزي، وأنه وحده يمكنه أن يعطي الحياة، ويختارون البقاء في حالة الانتظار والرجاء، في روح فقرٍ ينتظر اكتمال حياتهم من الله. ويشكّل هذا الانتظار، والحياة التي تتوق إلى ما هو أبعد من المنظور، حقيقة حياتهم". وقال: "أعتقد أن هذا هو أحد أكبر تحديات اليوم. القدرة على رؤية رغباتنا العميقة، وتمحور حياتنا حول ذلك، مع القبول بنوع من الفراغ والعيش في صحراء قاحلة لا حياة فيها سوى نظرة موجّهة إلى التعزية الآتية من الله".

أضاف: "تحوي ساعة السجود التي نقوم بها جميعًا مرة في الأسبوع على هذه الصفة، أي تفريغ قلوبنا والعيش فقط من نظرة إلى ما هو أعلى يتجسّد في واقع حياتنا. ولأن سمعان وحنة عرفا كيف ينتظران، عرفا كيف يتعرّفان على تعزية الله. لكنهما أيضًا عرفا خبرة الاندهاش. فالله يفاجئنا لأنه أصبح صغيرًا، طفلا، لأنه كباقي الأطفال، ولأن مجيئه لم يكن خارق العادة. هذه هي رسالتنا، نحن المكرسين: أن نحافظ على التعرّف على الله، وأن نتمرّن على التعرف عليه في كل فقير وكل فقر، ابتداءً من فقر حياتنا. يجب أن نتعرّف عليه في كل ما هو عادي. وما هو غير اعتيادي يحصل في داخلنا عندما نتعرّف على الله، لأن ذلك يبدّل حياتنا".

 

تابع: "ولأن التعرّف على الله تأتي بالسلام: "الآن أطلق يا رب عبدك بسلام" (لوقا 2، 29). لا يمكن لثمر كل ذلك أن يكون إلا السلام العميق، الذي كان ظاهرًا في وجه هذين الشخصين المتواضعين، اللذين لم يعودا يحتاجان إلى أي شيء، لأنهما رأيا الخلاص".

 

وخلص البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا تأمله لعيد التقدمة ويوم الحياة المكرّسة، بالقول: "نحن هنا ليوم لنتعرّف على كل هذا، ولنطلب من الله أن يتعمق موقف الانتظار والتعزية والمعرفة والوداعة والسلام دومًا في حياتنا وفي جماعاتكم الرهبانية وبالتالي في حياة كل واحد منا".