موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٨ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٣
البطريرك بيتسابالا: الآن هو الوقت المناسب لإظهار القرب

فاتيكان نيوز :

 

في مقابلة مع صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية لفت بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا إلى أنه لم يكن يتصور يومًا ما أن يندلع صراع من هذا النوع في الأرض المقدسة، مؤكدًا أنه لا توجد إستراتيجية للخروج من الأزمة من خلال القضاء على طرف ما، واعتبر أنه آن الأوان ليعرب الجميع عن قربهم وتضامنهم مع سكان المنطقة.

 

استهل نيافته حديثه مشيرًا إلى أن الصراع الذي اندلع بين إسرائيل وحماس لشهر خلا أدى إلى كسر شيء ما ورأى أن ترميم ما هُدم سيتطلب وقتًا طويلاً وجهدًا عملاقًا، كما أنه لا بدّ من الانطلاق مجددًا من نقطة الصفر. وأوضح بأنه عندما بدأت الأحداث في السابع من الشهر الفائت كان متواجدًا في إيطاليا للمشاركة في أعمال السينودس قبل أن يعود إلى القدس. ولفت إلى أنه أمضى في الأرض المقدسة 34 سنة وتمكن خلال تلك السنوات من بناء الكثير من العلاقات، التي لا تحمل طابعًا سياسيًا بل إنسانيًا، مع الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، مضيفًا أنه على أثر ما حصل مؤخرا بات يشعر بأن الجهود التي بذلها وكأنها كانت بلا فائدة.

 

هذا ثم سُئل نيافته عن أوضاع المسيحيين في الأرض المقدسة الذين يعيشون إيمانهم كانتماء ونمط حياة يرافقهم على الدوام، على خلاف المسيحيين في أوروبا. وقال إن المسيحيين، خلافًا للمسلمين واليهود، هم الجماعة الوحيدة بين الديانات الإبراهيمية الثلاث التي لا تتألف من مجموعة عرقية واحدة، وهناك جماعات مسيحية تنطق بالعبرية وأخرى تتألف من العمال الأجانب على سبيل المثال، وثمة أيضًا عدد من الكاثوليك الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي وهم يتواجدون حاليًا في قطاع غزة. وأضاف أنه يصغي إلى الكهنة من أجل الاطلاع على المواقف ووجهات النظر المختلفة قائلا: يجب ألا ننسى قبل كل شيء أننا مسيحيون، ولا بد أن نتساءل كيف ينبغي أن نعيش كمسيحيين في هذه الأوضاع.

 

ردًا على سؤال بشأن كيفية الخروج من هذه الحرب قال بطريرك القدس للاتين إن الصراع سينتهي عاجلاً أم آجلاً لكن نتائجه وانعكاساته ستكون وخيمة واعتبر أن الطرفين يفتقران اليوم إلى نظرة إستراتيجية لا تقتصر على القضاء على الآخر، بالإضافة إلى صعوبة الابتعاد عاطفيًا عن تاريخ الشعبين الصعب جدًا، أي المحرقة النازية والنكبة، وهذه المشاعر ساهمت في تأجيجها أحداث السابع من تشرين الأول.

 

ولفت إلى أنه يود أن يقرأ الأحداث التي تشهدها الأرض المقدسة اليوم في ضوء الإنجيل ليجد فيه كلمة تساعد المؤمن على عيش تلك الأوضاع الصعبة وما سيترتب عليها من نتائج، التي لا تزال مجهولة لغاية اليوم، لكن مما لا شك فيه أن الأمور لن تكون كما كانت في السابق. وهنا لا بد من الإصغاء والحديث مع الجميع، حتى مع الإرهابيين إذا كان ذلك ممكنًا. كما يتعين على المسيحي أن يحب الجميع، وهذا هو التحدي الكبير الذي يواجه الجماعة المسيحية في المنطقة أي أن يكونوا قادرين على محبة اليهودي والمسلم، الإسرائيلي والفلسطيني، حتى إن لم يعترف هؤلاء بمحبتنا.

 

وحول الوحدة بين المسيحيين في الأرض المقدسة، قال نيافته إنهم ليسوا منقسمين، قد يكونون مرتبكين، تعبين لكنهم ليسوا منقسمين. وأضاف أن هذا الارتباك جاء نتيجة الأحداث الأخيرة، لافتًا على سبيل المثال إلى أن المسيحيين الناطقين باللغة العبرية لم يتلقفوا جيدًا الرسالة الأولى التي أصدرها البطاركة، لكن من الأهمية بمكان أن تشعر الجماعات المسيحية بقرب الأساقفة منها، فالأسقف يمكن أن يخطئ لكن ينبغي أن يبقى حاضرًا. واعتبر أنه يتعين على الجماعة المسيحية أن تقوم برسالتها حيال الجميع، مع أن الوقت ما يزال مبكرًا لأن ثمة ألمًا كبيرًا، وإزاء الألم يضيق هامش التحليلات والتأملات، لأن الألم يمتص الكثير من الطاقات.

 

في الختام أكد البطريرك بيتسابالا على أنه بات يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أهمية الرسالة التي يقوم بها، والتي تتخطى حدود المسؤوليات الرعوية لتكتسي طابعًا أبويًا، طابع الأب الذي يصغي ويوجّه وينصح ويصحح ويحمي.