موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٩ أغسطس / آب ٢٠١٨
البطريرك الراعي يشارك في لقاء الشبيبة المارونية التحضيري لسينودس الشبيبة

البطريركية المارونية :

شارك البطريرك الكردينال بشارة بطرس الراعي في لقاء الشبيبة المارونية المنعقد في دار سيدة الجبل فتقا كسروان، منذ الجمعة، والذي يستمر حتى مساء الاحد، بمشاركة اكثر من 300 شابة وشاب من كل الأبرشيات المارونية في لبنان وفي النطاق البطريركي وبلدان الانتشار، والحركات الرسولية، بدعوة من مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية تحضيرًأ لسينودس الشبيبة الذي سوف يعقد من 3 الى 28 تشرين الأول المقبل في روما تحت عنوان: "الإيمان وتمييز الدعوات".

استهل اللقاء بكلمة ترحيبية لمنسق مكتب راعوية الشبيبة المونسنيور توفيق بو هدير ثم جرى عرض لنتائج حلقات الحوار التي خرجت بتمنيات وبأسئلة طرحها الشبيبة على غبطته وقد تناولت ثلاثة محاور، الأول التعرف الى التحديات والفرص التي تعيشها الشبيبة، من الازمة السياسية وتهديد الوجود المسيحي في لبنان والشرق، والحد من الهجرة، الى الازمة الاقتصادية ومحاربة الفساد والواسطة، الى البطالة وتأمين الشقق السكنية من خلال مشاريع تقوم بها البطريركية بأسعار مدروسة ولا سيما في المناطق الحدودية والاطراف لتثبيت الشباب المسيحي في أرضهم وإيجاد فرص العمل، والاقساط المدرسية والجامعية وخلق مخطط عملي لإنماء القرى في الأطراف.

أما المحور الثاني فكان عن المرافقة للتعمق في الايمان وتمييز الدعوات وضرورة خلق مراكز إصغاء داخل الأبرشيات والرعايا والتشديد على مشاركة العلمانيين في نشاطات الكنيسة ولا سيما منهم ذوو الاحتياجات الخاصة، كما على أهمية أن تعيد السلطة الكنسية إحياء التعليم الديني الواضح بأبعاده الروحية والليتورجية والاجتماعية والأخلاقية والإنسانية وتنشئة معلمي الدين والابتعاد عن الاجوبة الجاهزة والمعلبة والمبهمة والبعيدة من الواقع الذي يعيشه الشباب وضرورة توحيد عيد الفصح.

وتناول المحور الثالث العمل الرعوي والرسولي في بعديه الاقتصادي والروحي.

ورد البطريرك الراعي في موضوع الاقساط المدرسية والجامعية وثقلها على كاهل المواطنين وما يمكن ان تفعله الكنيسة او المدراس او الجامعات لخفض هذه الاقساط، قائلا: "انه سؤال كلاسيكي يسأل دائما، علما ان الموضوع ليس لدى الكنيسة انما عند الدولة. ان التعليم في لبنان كما في كل الدول، هو منفعة عامة. هناك تعليم رسمي تصرف عليه المبالغ الطائلة والتعليم الخاص الذي لا تتعرف عليه الدولة وضحيته هم الأهالي الذين يدفعون الضرائب كي تساعدهم الدولة، في المقابل، يدفعون ضريبة أخرى هي للمدرسة والجامعة. لا يمكننا ان نطالب بتخفيض او رفع الاقساط، فهذه لها حساباتها وموجودة في المدراس وهناك لجان الأهل وهناك تدرس الموازنات. انه تعليم خاص له أقساطه، مشكلتنا تكمن السنة في القانون الذي صدر ورقمه 46، عن رفع سلسلة الرتب والرواتب بشكل كبير تكلف المدراس الكاثوليكية وعددها 275 مدرسة وتضم 11 الف أستاذ، 120 مليون دولار. على كاهل من ستقع هذه الزيادة؟ على كاهل الأهل طبعا، وعليهم ان يدفعوا والا لن تستطيع المدراس الاستمرار. المشكلة ان هناك مدراس سوف تقفل ابوابها رغما عنها اذا لم تساعدها الدولة".

وقال: "لا يكفي ان تصدر الدولة القوانين، من سيدفع؟، المدرسة؟، المدرسة عبارة عن جدران، من سيدفع؟، انهم الأهل، والاهل صامتون. نحن نقول للدولة، وهذا موقفنا، عقدت كل المدراس المسيحية والإسلامية في لبنان، اجتماعين في بكركي، واتفقوا ان يتحملوا الملحق الرقم 17 على ان تتحمل الدولة الدرجات الست كي لا يحملوا الأهالي مزيدا من الاقساط".

وأوضح "ردا على كل من يقول ماذا تفعل الكنيسة، في العام الدراسي 2015- 2016 بلغت قيمة المساعدات السنوية للعائلات المعوزة 40 مليار ليرة، اما الحسومات لاولاد الهيئة التعليمية والموظفين بلغت 30 مليار". ولفت الى ان "نسبة 30 % من الشعب تحت مستوى خط الفقر، ونحن ذاهبون باتجاه الأسوأ. مشكلتنا مع الدولة وليس مع المدرسة ولا مع الكنيسة. المشكلة مع الدولة التي تأكل المال بالفساد والسرقة والهدر، والشعب المسكين صامت لا يفتح فمه ولا يعرف من يطالب. وهنا استشهد بقول لرئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي حينما قال ان لبنان ليس بلدا منكوبا انما منهوبا". نبهنا مرارا إلى أننا ذاهبون الى ازمة اجتماعية تربوية، سوف نخسر التعليم الخاص وقيمته وسوف تضعون الأساتذة في الشارع".

وعن موضوع البطالة دعا البطريرك الراعي "الشباب اللبناني الى الاستفادة من فرص العمل الكثيرة التي تقدمها الدولة من جيش وقوى امن داخلي وامن عام واجهزة عسكرية، وتقدم العديد من التسهيلات لهم. لماذا لا تستفيدون من هذه الفرص؟ هذا بلدكم وعليكم التضحية في سبيله والحفاظ على وجودكم. الشهداء استشهدوا في سبيلنا وعلينا ان نكون على مستوى شهادتهم واستشهادهم".

اما عن الوجود المسيحي في الشرق الاوسط، قال غبطته: "علينا أولا البقاء والعيش وايجاد وظيفة لكي أحافظ على وجودي. لذلك استراتيجية الكنيسة في هذا الاطار تكمن في المحافظة على مؤسساتها على الرغم من كل شيء لكي تظل تعطي فرص العمل، والوجود والضمانة للشعب مع إمكان استثمار أراضيها. كما ان هذا وطننا، وأجدادنا ضحوا في سبيله، انه كرامتنا وهويتنا وتاريخنا ومجدنا. انا لست يتيما انا ابن وطن له اسم ودور وقيمة ورسالة، كما ان لبنان بحكم تكوينه والعيش المنظم المسيحي الاسلامي، وهذا الامر بفضل المسيحيين والا كنا مثل كل الدول العربية حولنا، جعلنا نبني عيشا مشتركا، ولبنان هو البلد الوحيد حيث يعيش المسيحي والمسلم بالمساواة امام القانون وبالمشاركة في الحكم والإدارة. لبنان هو البلد الوحيد الذي نظامه ديموقراطي، وفيه كل الحريات العامة بدءا من حرية الدين والضمير والمعتقد والأحزاب والتعبير. وقد فصل لبنان بين الدين والدولة فيما اكد على الاجلال لله واحترام الاديان. هل نقول نحن ولا سيما المسيحيين، ان هذا الوطن ليس لنا؟ لدينا رسالة في هذا العالم العربي قال عنها البابا القديس يوحنا بولس الثاني ان لبنان اكثر من بلد صغير انه حامل رسالة ونموذج".

وردا على سؤال حول كيفية محاربة الفساد، اضاف البطريرك الراعي: "فيما كنا نزور فخامة رئيس الجمهورية فتح موضوع الفساد، وقال "أنشأنا وزارة لمكافحته وهو مستشر في الدولة"، فقال احد المطارنة للرئيس أعلنوا هذا المفسد، فأجاب "جميعهم مشارك في الفساد". هل هذا يعني ان الجميع متفق على نهب الدولة؟ ومع الأسف شعبنا صامت ومعتر ولا يعرف كيف يطالب ولا من يطالب. نحن نتحدث باسمكم وباسم الشعب. نحن مؤمنون ونصلي لكي يعطينا الله اشخاصا متجردين ولديهم كرامة وقيمة لوقف مسلسل الفساد في الدولة والمؤسسات". ودعا الشباب الى "قبول فرص العمل التي تقدمها الدولة والعمل على التغيير من الداخل ليس فقط على صعيد الفساد انما ايضا في مجرى وتفكير الدولة وسياستها".

وتابع البطريرك الراعي: "ان جمال لبنان هو في العيش معا، وكل قوته بجناحيه، فلا المسيحي او المسلم يضعف الاخر لانه بذلك يضعف بلدنا". ولفت الى "ان من يستغل الدين هم بعض السياسيين، وهم لا يعيشون دينهم، انما يستغلونه لمصالحهم السياسية، ويخلقون النعرات الطائفية". وتوجه الى الشباب بالقول: "نحن نحترم السلطة والسياسيين، انما ادعوكم الى الا تكونوا أدوات لاحد وتخلقوا العداوات مع شركائكم في الوطن، فهذا ما خرب وطننا".

وعن ازمة النازحين، قال غبطته: "نحن نعيش معهم مأساتهم في سوريا، ومعاناة الهجرة، من الناحية الانسانية نحن متعاطفون معهم، انما هذا حقهم وكرامتهم ان يعودوا الى وطنهم". أضاف: "نحن لا نقدم لهم الخدمة حين ندعوهم الى المجيء الى لبنان او اذا قلنا لهم ابقوا هنا، فنحن بذلك نقتلهم مرتين. في الحرب الاولى جرى تهديم منازلهم، وفي الحرب الثانية هدمنا هويتهم وثقافتهم وحضارتهم. نحن يهمنا ان يعود النازحون، مسلمين ومسيحيين، فهناك بنوا حضارتهم وتاريخهم وثقافتهم. وانا آسف للواقع الذي اصبحت فيه سوريا، هناك سياسة لهدم الدول العربية من لبنان الى العراق وسوريا وفلسطين، هناك قرار بوجوب هدم العالم العربي وإضعافه لتعيش اسرائيل، وهذا الامر يقتضي منا فهم الوضع والقول اننا نريد ان نتحدى وهذه ارضنا وهنا سنبقى".

وختم الكاردينال الراعي: "علينا ان نعرف كيف نفصل السياسات عن الحياة الاجتماعية وعدم خلط الأمور، ان السياسات تتغير ولها اسبابها وتطلعاتها لكن هناك شعب وحضارة وثقافة وتاريخ وعلينا التمييز وعدم خلط الأمور".