موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٩ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٠
البطريرك الراعي من طرابلس: أسسوا لوطن الدولة الواحدة، لا لوطن الدويلات

أبونا :

 

زار البطريرك الماروني الكاردينال بشاره بطرس الراعي، قبل ظهر الأحد 8 تشرين الثاني 2020، أبرشية طرابلس المارونية، تلبية لدعوة راعي الأبرشية المطران جورج بو جوده، لإزاحة الستارة عن أربع لوحات تذكارية رفعت عند مداخل أربعة شوارع في المدينة حملت أسماء أربعة مطارنة خدموا أهل طرابلس، وهم: أنطون عبد، أنطون جبير، جبرايل طوبيا ويوحنا فؤاد الحاج.

 

وخلال الزيارة ترأس غبطته قداسًا احتفاليًا في كاتدرائية الملاك ميخائيل في منطقة الزاهرية.

 

وبعد إعلان الإنجيل، أشار البطريرك الراعي في عظته إلى أنّ "التجدد يعني إصلاح العيوب التي شوهت وجه الإنسان والكنيسة والمجتمع والوطن. فمع مرور الزمن، وجب العودة إلى الهوية الأساسية، إلى نقطة الإنطلاق، ومقابلتها مع الحاضر. إنّ التجدد في الكنيسة يطال الأشخاص والمؤسسات التربوية والهيكليات الراعوية والحركات والمنظمات الرسولية. والتجدد يشمل الدولة أيضًا بمواطنيها ومسؤوليها وهيكلياتها ومؤسساتها، لكي يتأمن فيها الخير العام، والسلام الإجتماعي، وبناء شعب تسوده الوحدة والوفاق والتضامن".

 

وقال: "ما يؤسف له حقًا، عندنا في لبنان، أن الجماعة السياسية تحارب التجدد في أدائها وممارساتها، وتحارب الإصلاح المطالب به دوليًا في الهيكليات والقطاعات. كنا ننتظر، مع الشعب الجائع والمنكوب والمتروك جريحًا على قارعة الطريق، حكومة إختصاص على قياس التحديات المصيرية. فنسمع بتشكيل حكومة محاصصة، بدلاً من حكومة تعتمد المداورة الشاملة في الحقائب الوزارية من دون استثناءات، وعلى أساس من الإختصاص والكفاية. فمن غير المقبول على الإطلاق أن يسيطر على الحكومة فريق، ويقرر شكلها فريق، ويختار حقائبها فريق، ويعين أسماء وزرائها فريق، فيما الآخرون مهمشون كأنهم أعداد إضافية. كفوا أيها السياسيون النافذون عن انتهاك الدستور والميثاق ووثيقة الوفاق الوطني. ما بالكم ترفعون لواء المبادرة الفرنسية، وتعملون بعكسها؟ أسسوا لسلام جديد، لا لثورة جديدة! أسسوا لوطن الدولة الواحدة، لا لوطن الدويلات".

 

وأضاف: "كنا ننتظر من الوزارات المعنية وبلدية بيروت أن تهب لمساعدة منكوبي إنفجار المرفأ وأهالي الضحايا وأصحاب المنازل المتهدمة، فإذا بها في غياب شامل وإهمال كأنهما مقصودان، فيكونا جريمة ثانية إلى جانب جريمة الإنفجار. إننا ننتظر تحقيقًا عدليًا يشمل الوزراء المعنيين المتعاقبين والمسؤولين الإداريين والموظفين، منذ إدخال كمية الـ2755 طنًا من نترات الأمونيوم المحظورة مثل الأسلحة إلى المرفأ وإيداعها في العنبر رقم 12 مع كميات كبيرة من المواد السريعة الإحتراق، من دون أن يجهز هذا العنبر بأي آلية إطفاء، فيا لجرم الإهمال وعدم الإكتراث! إليك أيها الرئيس فادي صوان، المحقق العدلي تتجه جميع الأنظار، وبخاصة أنظار أهالي الضحايا والمنكوبين والمعوقين، وأنظار الكنيسة والمجتمع بعد أكثر من ثلاثة أشهر سادها صمت مطبق يثير القلق. إنها ساعة القضاء النزيه والشجاع: فإما يستعيد الثقة به، وإما يفقدها بالكلية. لا أحد فوق القضاء سوى الله. قال أحد قضاتنا اللبنانيين: يخسر القاضي نصف قوته، عندما يخاف من الأقوياء؛ ويخسر النصف الثاني عندما يظلم الضعفاء!".

 

وتابع: "نحن والشعب نريد حقًا عدالة تكشف الفساد والمفسدين، ولكن نريدها عدالة شاملة لا انتقائية؛ عادلة لا ظالمة؛ حقيقية لا كيدية؛ قانونية لا سياسية. لذا نطالب أن يشمل التحقيق في آن كل المؤسسات المعنية بأموال الدولة والمواطنين: من مصرف لبنان إلى وزارات المالية والطاقة والأشغال العامة والداخلية والإتصالات والبيئة وسواها، ومن مجلس الإنماء والإعمار إلى مجالس المناطق ومجالس إدارات المصالح المستقلة، وصولا إلى جمعيات مختلفة الهويات التي تلقت أموالا وبددتها. وفي كل ذلك، يجب تجنب العبث بمصير المؤسسات الوطنية، أكانت عسكرية أم أمنية أم قضائية أم مالية، التي هي في أساس منعة لبنان. فإن محاكمة المسؤولين فيها لا تعني إدانتها كمؤسسة عامة بحد ذاتها".