موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٩ يوليو / تموز ٢٠٢٣
البطريرك الراعي: لكي يحرّك الله ضمائر المسؤولين، فيعودوا عن غيّهم

أبونا :

 

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي قداس الأحد في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان وعاونه النائبان البطريركيان المطرانان جوزيف نفاع وانطوان عوكر، والقيّم البطريركي في الديمان الأب طوني الأغا، وأمين سر البطريرك الأب هادي ضو، بحضور حشد من من المؤمنين.

 

وألقى الراعي عظة بعنوان: "اختار يسوع من تلاميذه اثنين وسبعين آخرين وارسلهم". وقال: ’التلاميذ الإثنان والسبعون الآخرون‘ هم من جملة التلاميذ الذين كانوا يتبعون يسوع في تنقّلاته وتعليمه، وشاهدوا معجزاته وآياته. فتتلمذوا على يده. وهم بالتالي غير الرسل الإثني عشر الذين اختارهم وجعلهم أساقفة العهد الجديد. هؤلاء التلاميذ شكّلوا جزءًا هامًّا من الكنيسة الناشئة، وهم معروفون اليوم بالشعب المسيحيّ. هؤلاء أرسلهم الربّ يسوع ليعلنوا حلول ملكوت الله. وهو ملكوت الإتحاد بين الله والبشر بواسطة الكلمة المتجسّد يسوع المسيح، وملكوت وحدة البشر في ما بينهم، أي ملكوت الشركة ببعديها العاموديّ والأفقيّ.

 

أضاف: يدعونا الربّ يسوع، شعبًا: أساقفةً وكهنة ورهبانًا وراهبات ومؤمنين، لنصلّي ونلتمس من الله نعمة الإلتزام بالرسالة المسيحيّة، فيقول: "الحصاد كثير والفعلة قليلون. أُطلبوا من ربّ الحصاد أن يرسل فعلة لحصاده" (لو 10: 2). "الحصاد الكثير" هم البشر، و"الفعلة القليلون" هم الأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والمؤمنون بالمسيح الملتزمون.

 

تابع: يرسم المسيح لنا نحن المسيحيّين الذين يرسلهم إلى العالم، إكليروسًا وعلمانيّين، مقتضيات النهج الرسوليّ وهي: 1) الوداعة على مثال الخراف. 2) عدم الهمّ بشأن الأمتعة الماديّة، ما يعني أن "نلقي الهمّ على الربّ، فهو يعولنا" (مز 55: 23). فيسوع "يعطي القدّيسين كلّ ما هو ضروريّ للحياة" (القدّيس كيرلس الإسكندريّ). 3) التجرّد من المال لنكون مبشّرين بالإنجيل لا رجال أعمال. 4) إعلان سلام المسيح لجميع الناس. حيث يُرفض، يعود إليهم. 5) السعيّ إلى الواجب الرسوليّ، من دون أي معيق: "لا تسلّموا على أحد في الطريق" (الآية 4). السلام على الآخرين في الطريق والتحاور معهم أمر جيّد. لكن أداء واجباتنا لله أفضل وأبدى. "ليست الواجبات الإجتماعيّة واللياقات أفضل من واجب العبادة لله" (القدّيس أمبروسيوس).

 

 

الشأن المحلي

 

وحول الشأن المحلي، قال البطريرك الراعي: "إنّ التعنّت في إبقاء الفراغ في سدّة الرئاسة، المقصود بكلّ أسف من أجل أهداف شخصيّة وفئويّة ومستقبليّة، قد أوصل إلى نتيجة حتميّة، تسمّى في المجلس النيابي المحوّل إلى هيئة ناخبة ’تشريع الضرورة‘، وفي حكومة تصريف الأعمال: ’تعيينات الضرورة‘. مثل هذا التصرّف يهدم المؤسّسات الدستوريّة والعامّة ويفقدها ثقة الشعب والدول بها. وهذه جريمة يرتكبها كلّ الذين يعطّلون عمليّة إنتخاب رئيس للجمهوريّة على الرغم من وجود مرشّحين قديرين. فها المصرف المركزيّ في أزمة كيانيّة، ويطالب نوّاب الحاكم ’بضرورة تعيين‘ حاكم جديد لمدّة ستّ سنوات، ويرفضون السير في التعيين بالوكالة لفترةٍ تنتهي مع انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة. وها الجيش اللبنانيّ يستدعي في حالة ظروفه الإستثنائيّة السير بتعيين ’الضرورة‘، حفاظًا على استمراريّة المؤسّسات الأمنيّة، لما في ذلك من ضرورة قصوى للإستقرار في لبنان والسلم الأهلي في ظلّ الأزمات المتلاحقة التي نعيشها.

 

تابع: "إنّ الشغور الذي يطال المجلس العسكريّ في المؤسّسة العسكريّة والذي إذا استمرّ، قد يكون له مفاعيل سلبيّة جدًّا ليس على المؤسّسة العسكريّة فحسب، إنّما على الوضع الأمني في لبنان ككلّ. ففي ظلّ أي تغيّب قسريّ لقائد الجيش أو شغور في مركز القيادة، ليس من قائد آخر يتولّى المهمّة لأنّ مركز رئيس الأركان شاغر حتى الساعة، ما يترك الجيش دون قائد، وبالتالي سيصبح معرّضًا لكلّ أنواع المخاطر. فما العمل؟ طبعًا الحلّ هو في انتخاب رئيس للجمهوريّة، والمرشّحان موجودان! والحلّ الآخر المرغم يبقى ’بتعيينات الضرورة‘ لملئ الشغور في المجلس العسكريّ وبخاصّة مركز رئيس الأركان، حفاظًا على المؤسّسة العسكريّة التي تثبت أنّها الضامن للأمن والإستقرار في لبنان. وعلى الحكومة والمجلس النيابيّ تحمّل مسؤوليّة التبعات القانونيّة".

 

وختم البطريرك الراعي عظته بالقول: "فلنصلِّ، الى الله القدير كي يحرّك ضمائر المسؤولين عن تعطيل انتخاب رئيس للجمهوريّة، فيعودوا عن غيّهم، ويدركوا حجم الأضرار اللاحقة بالدولة والشعب. فالله سميع مجيب. له المجد والشكر إلى الأبد، آمين".