موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٤ يوليو / تموز ٢٠٢٠
البطريرك الراعي: الأزمة السياسية في لبنان هي سبب كل الأزمات
رجل يبحث عن طعام في أحد مستوعبات النفايات في بيروت

رجل يبحث عن طعام في أحد مستوعبات النفايات في بيروت

أبونا وأ ف ب :

 

اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، الجمعة، أنّ "الأزمة السياسية في لبنان هي التي ولّدت الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية"، داعيًا المسؤولين للـ"عودة إلى ضمائرهم، وإلى تحمّل مسؤولياتهم الخطيرة".

 

وفي مستهل صلاة المسبحة الوردية على نية لبنان من كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، لفت إلى أنه "يؤلمنا ويؤسفنا أن يكون قد أقدم شابان على الانتحار اليوم في لبنان بسبب الوضع المعيشي المزري. إنّ خطوة كهذه تعتبر وصمة عار في جبين لبنان. وإن ما كتبه أحدهما "انا لست بكافر انما الجوع كافر"، يشكل مسؤولية في اعناق كل اللبنانيين، مسؤولين وغير مسؤولين، وهذا يعزز الحاجة الى شبكة تضامن اجتماعي بين الافراد والمؤسسات لمواجهة الجوع والفقر. فلا يجب ان يشعر اي انسان بأنه متروك لا من السماء ولا من الارض".

 

وأوضح بأننا "ككنيسة: بطريركية وابرشيات ورعايا، ومؤسسات اجتماعية ككاريتاس لبنان ومار منصور دي بول والصليب الاحمر والبعثة البابوية والمؤسسات المتعددة الاخرى، انشأنا شبكة تعاون تغطي كافة الاراضي اللبنانية لنحول دون جوع اي انسان وعوز اي عائلة".

 

وتوجّه البطريرك الراعي بالتعازي إلى ذوي ضحيتي الجوع، سائلاً الله أن يتقبّل ألمهم وأنّ يمنّ بالرحمة والرجاء والأمل على كل اللبنانيين. وختم: "صحيح أن الله هو سيّد الحياة والموت، ولكن واجب على الإنسان أيضًا وخاصة على كل مسؤول، ألاّ يتسبب لغيره باليأس القاتل وبفقدان الأمل في الحياة".


 

قتلوا ولم ينتحروا!

 

هذا وأثارت حالتا انتحار الجمعة في لبنان، مرتبطتان على الأرجح بضائقة معيشية جراء الانهيار الاقتصادي المتسارع في البلاد، موجة من ردود الفعل المنددة بالأداء الرسمي في إدارة الأزمة.

 

في وضح النهار، وفي فسحة أمام مبنى في شارع الحمرا المزدحم في العاصمة بيروت، أقدم مواطن (61 عامًا) من منطقة الهرمل (شرق) على الانتحار بإطلاق رصاصة من مسدس كان بحوزته. وترك قربه نسخة عن سجله العدلي ملصقة على ورقة كتب تحتها بخط اليد شعار "أنا مش كافر.. بس الجوع كافر" في دلالة على الأرجح إلى وضعه المعيشي الصعب.

 

ويشهد لبنان انهيارًا اقتصاديًا متسارعًا يُعدّ الأسوأ في البلاد منذ عقود، لم تستثن تداعياته أي طبقة اجتماعية. وخسر معه عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءًا من رواتبهم خلال الأشهر القليلة الماضية. وبات نصف اللبنانيين يعيشون تقريبًا تحت خط الفقر بينما تعاني 35 في المئة من القوى العاملة من البطالة.

 

وتترافق الأزمة مع تراجع غير مسبوق في قيمة الليرة، إذ تخطى سعر صرفها مقابل الدولار عتبة التسعة آلاف هذا الأسبوع، فيما السعر الرسمي مثبت على 1507 ليرات. وتسبّب ذلك بموجة غلاء جنوني وتآكل القدرة الشرائية لشريحة واسعة من اللبنانيين.

 

وتجمّع العشرات من المتظاهرين في موقع الانتحار وأغلقوا الطريق لوقت قصير رافعين لافتات منددة. وخلال نقل الجثة من المكان، كان أحد أقربائه يبكونه. وقال بانفعال "قتل ابن عمي نفسه بسبب الجوع.. لعن الله هذا البلد". وقالت صبا مروة خلال مشاركتها في الوقفة "اليوم ثمّة شخص انتحر في الحمرا والناس ما زالت صامتة ونائمة.. شخص قتلته الطبقة (السياسية) والفقر".

 

وفي قرية جدرا القريبة من مدينة صيدا (جنوب)، وُجدت جثة شاب (37 عامًا) الجمعة معلقة داخل غرفة في منزله. وقال رئيس بلدية جدرا جوزف القزي إنّ الشاب، وهو أب لطفلة صغيرة ويعمل سائق حافلة صغيرة، أقدم على شنق نفسه بوساطة حبل علّقه في سقف غرفة الجلوس بينما كانت عائلته خارج المنزل. وكان الشاب يعاني من ظروف ماديّة صعبة جراء الوضع الاقتصادي المتعثّر، وفق القزي.

 

وأكد متحدث باسم قوى الأمن الداخلي أن الحادثتين انتحار، لافتًا الى ازدياد معدلات الانتحار منذ مطلع العام، من دون أن يتمكن من تحديد النسبة. فيما كتب الأستاذ الجامعي والاقتصادي جاد شعبان، على حسابه في فيسبوك، تعليقًا على الحادثتين "من ماتوا اليوم والبارحة وقبلها، قتلوا ولم ينتحروا. قتلوا من قبل طغمة حاكمة مستعدّة لقتلنا وتجويعنا وتفقيرنا حفاظًا على مصالحها".