موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٢٦ مارس / آذار ٢٠٢٠
البشارة التي حملت البُشرى

الأب خالد قموه :

 

في هذا اليوم المبارك تحتفل الكنيسة بعيد بشارة أمنا مريم العذراء بالحبل الالهي من خلال مرسل الله الملاك جبرائيل، هذه البشارة التي حملت للعالم اجمع بُشرى الفرح، بُشرى الخلاص.

 

منذ ان خطئ الإنسان الأول، وعده الله بالخلاص الذي يأتي من ذريته "وأجعل عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، فهو يسحق رأسك وأنت تصيبين عقبه" (تك 15:3)، وأخذت البشرية من ذلك الوقت تنتظر بفارغ الصبر هذا الخلاص. كانت البشرية تنتظر وهي تئنُ وتتألم "فإننا نعلم أن الخليقة جمعاء تئن إلى اليوم من آلام المخاض" (روم 22:8)، كانت البشرية تنتظر اليوم الموعود وهي تصلي وتتضرع إلى الله، كانت البشرية تنتظر يوم الفداء، اليوم الذي تشعر به أنها انتصرت، وأن صراخها سُمع ووصل إلى حضرة الله، وخلال هذا الزمن وعلى مر السنوات الطوال شعر الشعب بأنه متروك ومرذول وأن صراخه ودعائه لربما ذهب سدى وعبث، ولم يكن يرى في العالم إلى ظلامًا، ولم يٌسمع الى الصراخ وصوت البكاء، ولم يُرى الى الموت والدمار.

 

ولكن كانت إرادة الله غير ذلك، فالوقت الذي اختاره الله لم يكن الوقت الذي فطنه البشر "علم عجيب فوق طاقتي أرفع من أن أدركه" (مز 6:139). أرسل ملاكه الى مدينة الناصرة مُبشرًا مريم العذراء تلك الصبية ببُشرى الخلاص الذي انتظرته البشرية، وتضرع من أجله الآباء والأنبياء، وصلى من اجله أجيالٌ من البشر، والذي ضنه البعض لن يتحقق. وبهذه البشارة رسم الله أعظم صورة له. صورة الآب الأمين الصادق الذي لم يغفل يومًا عن بنيه ولم يُهمل يومًا صلواتهم وتضرعاتهم، ولم ينسى يومًا ما صنعت يداه "أتنسى المرأة رضيعها، فلا ترحم ابن بطنها؟ حتى ولو نسيت النساء، فأنا لا أنساك" (أش 15:49).

 

ونحن اليوم أبناء البشارة الجديدة عالمنا أشبه بعالم ما قبل البشارة، عالم لا يُسمع فيه إلا صوت البكاء والعويل، عالم لم نعد نرى فيه إلا الوباء والموت، عالم لم نعد نؤمن بقدرة الله الخلاصية، وكثيراً ما نضن أن صلاتنا ليست إلا كلمات تكاد ان تصل صقف الكنائس والمنازل.

 

وفي هذه الظروف الصعبة يأتي عيد البشارة ليذكرنا بأننا أبناء الله وأنه مهما طالت الساعات والأيام، فالله لا يرضه عذاب الإنسان بل بخلاص جميع ابنائه "يقول السيد الرب: ليس هواي أن يموت الشرير، بل أن يرجع عن طريقه فيحيا" (حز 11:33). وصلاتنا التي نرفعها من عمق آلمنا وبؤسنا هي كفيلة بأن تُسمعنا يومًا بشارة سماوية تنشر علينا بُشرى السماء، بُشرى الشفاء، بُشرى الأمل وبُشرى الفرح.

 

"أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك" (لو 38:1).