موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢ يونيو / حزيران ٢٠١٩
الباحث حنا ميخائيل سلامة نُعمان يكتب: أيتها المُمَجَّدة المُمتلئة نعمة

حنا ميخائيل سلامة نُعمان :

<p dir="RTL">أراهم وما أنفك، شيبًا وشبانًا، إليكِ يُقبِلون مُبتهِلين مُتضرِّعِين، وأمامكِ يطرحون أثقالهم ومتاعبهم وهمومهم فيرجعونَ وقد انشرحت صدورهم وسَكَنت نفوسهم واطمأنت قلوبهم.</p><p dir="RTL">أراهم وما أنفك، مِن طلعة الشمس إلى مغربها وإلى أن تشتد ظلمة الليل وتسْهَد العيون.. إليكِ يلجئون، مُستشفِعين يا أم المعونة الدائمة والمراحِم المستمرة، فلا تردِّي سائلاً مُؤمِناً مُحِقَّاً واثقاً، ولا تُخيِّبي مُرتجيًا مُتشفِّعًا.</p><p dir="RTL">أيتها الممتلئة نعمة، القريبة منا، الدَّانية المقيمة بيننا، أراهم في الكنائس وفي المزارات التي تحمل اسمك المبارك وفي المنازل وغيرها يرفعون أكُفَّهم، وتجثو ركبهم، ونحوكِ تميل أبصارهم وتتوجه عقولهم في كل وقتٍ وآوان ومِنها أزمنة الضيق فأنتِ الحِصن والملاذ حين تنسد الآفاق وتُظلِم القلوب!</p><p dir="RTL">أمَّاه، أراكِ كلما نظرت وجهك القُدُسي النَّيِّر المُنير، السَّاطع جلالاً وبهاءً، تُذَكِّرينَ كلّ مَن يتقدم طالباً عونكِ ومُؤمِّلاً شفاعتكِ عند ابنِكِ المسيح &quot;الكلمة&quot; الذي تجسَّد مِنكِ وتأنَّس بعد أن حلَّ عليكِ الروح القُدُس، تُذكِّرينه بقولك القُدُسيّ الفَصْل في قانا الجليل عند نضوب &quot;الأجاجين&quot;: <strong>&quot;مهما أمركم به إفعلوه&quot;</strong> هذا القول الذي يغيب عن أذهان كثيرين دون إدراك بُعدِه وعُمقه وغرضه وهو: أنْ امتثلوا بما أوصاكم به وحافظوا عليه واعملوا به.. فتستجاب طِلباتكم.</p><p dir="RTL">أمَّاهُ! مريم، يا أمَّ الكنيسة وأمَّنا الروحية كما شاء ابنك المسيح الحيّ، حين عَهِدَ إليكِ وأوكَلَكِ أن تكوني أمَّاً لنا بقوله لكِ: <strong>&quot;هوذا &quot;ابنُكِ&quot;</strong> مشيراً ليوحنا، ومؤكِّداً ذلك بقوله ليوحنا: <strong>&quot;هوذا أمُّكَ&quot;</strong>، قبل أن يغمض جفنه على صليب الخلاص، الجسر المؤدِّي للقيامة المجيدة، أمَّاهُ أرى كما يرى غيري أنَّ الأبواب إلى شفاعتك ومعونتك مُشرعة مهما كانت عقيدة وطائفة وأصل ولون وجِنس مَن يرجو ذلك بإيمانٍ ونقاوة قلبٍ وسلامة ضميرٍ. وها أجِدهم يتوجهون إليكِ فرُادى وجماعات وأفواجاً وحشوداً للشكر والتسبيح آناً، وحيناً يهرعون لطلب البُرْءَ والمعافاة لمرضاهم، وتارةً حين يرزحون تحت نير الجَّوْر والظُّلم والنكران والتنكُّر والقلق، وطوراً لمسح وبلسمة جراحاتهم وأنَّاتهم وآلامهم. تلك الطلبات المستمرة التي يطرحونها أمامك، وبَوح مكنون صدورهم وما يرجونَ ويأملونَ أشهدُ لو سُطِّرَت على الصحائف والقراطيس والسِّجلات لضاقت بها خزائن الأرض كلها.. ومع هذا أراكِ دونما انقطاع باسمةً باسطة اليدين، ندِيَّة الكفَّيِن، تعطفين وتشفعين، واحتياجات المحتاجين ترفعينَ بما أُعطيتِ مِن إنعامٍ سماويٍ إلى المسيح له المجد <strong>&quot;مَن دُفِع إليه كل سلطان في السماء وعلى الأرض&quot;</strong> والقائل: <strong>&quot;تعالوا إلي يا جميع المُتعبين والمُثقلين بالأحمال وأنا أريحكم..&quot;</strong></p><p dir="RTL">أيتها الشفيعة الأمينة المؤتمنة أم المراحم كلما رأيتُكِ وقد ضَمَمْتِ يديكِ تخشعاً أرى في ذلك دعوة لنا للمداومة على الصلاة بتأملٍ وتركيزٍ وسُكونٍ وصمتٍ.</p><p dir="RTL">أمَّاه!&nbsp; أيتها العطوفة الشفوقة، إذا ما زِدْتُكِ نظراً، أراكِ تقفين على شُرفة التاريخ بشُعاعك الآسِر منارة رجاءٍ وأملٍ وعون..</p><p dir="RTL">أمَّاهُ تشفَّعي فينا.</p>