موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٢ مايو / أيار ٢٠٢٣
البابا فرنسيس: ولادة الأبناء هي المؤشر الرئيسي لقياس رجاء شعب ما
دعا البابا الجمعة السياسيين الى إيجاد حلول لوقف تراجع معدل الولادات في إيطاليا محذرا من "شتاء ديموغرافي"، ومن ان الشباب باتوا في مواجهة "جهود جبارة" لتأسيس عائلات في بيئة صعبة.

أبونا وفاتيكان نيوز :

 

قال البابا فرنسيس إنّ "ولادة الأبناء هي المؤشر الرئيسي لقياس رجاء شعب ما".

 

وفي كلمته أمام المشاركين في النسخة الثالثة من مؤتمر حول أوضاع الولادات في إيطاليا، والذي يُعقد في 11 و 12 أيار، بمشاركة رئيسة الحكومة الإيطاليّة جورجيا ميلوني، أكد البابا أنّ موضوع الولادات هو موضوع بالغ الأهميّة لمستقبل إيطاليا وأوروبا. وقال: "في الواقع، إنّ ولادة الأبناء هي المؤشر الرئيسي لقياس رجاء شعب ما. إذا ولد القليل، فهذا يعني أن الرجاء ضئيل".

 

ويأتي هذا المؤتمر في وقت أعلن فيه معهد الإحصاء الإيطاليّ، الشهر الفائت، بأنّ التراجع الديموغرافي في إيطاليا مستمرّ منذ العام 2008، وهو العام الأخير الذي شهد زيادة في عدد المواليد. وأفاد بأنّه في عام 2022 تمّ تسجيل أدنى عدد ولادات على الإطلاق في تاريخ البلد، فقد انخفض عدد المواليد لأوّل مرة منذ توحيد إيطاليا في عام 1861 إلى 393 ألف مولود جديد فقط.

 

قلق كبير للمستقبل

 

لفت البابا فرنسيس في كلمته إلى أنّ هذه البيانات ليست لها تداعيات من الناحية الاقتصادية والاجتماعية فحسب، ولكنّها "تقوض الثقة في المستقبل"، موضحًا بأنّ الأجيال الشابة تعيش "في مناخ اجتماعي يتحوّل فيه تكوين عائلة إلى جهد جبّار، بدلاً من كونه قيمة مشتركة يعترف بها الجميع ويدعموها".

 

وقال: أن نشعر بأننا وحدنا وبأننا مجبرون على الاعتماد حصريًا على قوانا هو أمر خطير: فهو يعني تآكل الحياة المشتركة ببطء والاستسلام للحياة الانفرادية، التي يتعيّن فيها على كل شخص أن يصنعها بنفسه. ونتيجة لذلك، وحدهم الأغنياء، بفضل مواردهم، يمكنهم أن يوفِّروا لأنفسهم حرية أكبر في اختيار الشكل الذي يعطونه لحياتهم. وهذا أمر غير عادل بالإضافة إلى كونه مهين.

ثقافة ليست صديقة للعائلة

 

وأوضح قداسته بأنّ الأجيال الشابة تعيش "ضمن سياق من عدم اليقين والهشاشة"، فهي "تعاني من شعور بعدم الاستقرار، وكأن المستقبل يبدو كجبل من المستحيل تسلقه"، بالإضافة إلى "صعوبة في العثور على عمل مستقرّ، وصعوبة في الحفاظ عليه، وبيوت باهظة الثمن، وإيجارات مرتفعة، وأجور غير كافية. إنّ جميع هذه الأمور هي مشاكل حقيقية!".

 

ووصف السياق الذي نعيش فيه بأنّه "ثقافة ليست صديقة، إن لم تكن عدوة، للعائلة، تتمحوّر حول المطالبة بحقوق فرديّة بشكل متواصل، فيما لا يتمّ التحدّث عن حقوق العائلة"، لافتًا إلى أنّ "الأكثر تضررًا هنّ النساء الشابات اللواتي غالبًا ما يجبرن على الاختيار بين حياتهن المهنيّة والأمومة، أو يسحقهن ثقل رعاية عائلاتهنّ، لاسيّما في حالات وجود مُسنّين ضعفاء وأشخاص غير مستقلين".

العائلة جزء من الحلّ، لا المشكلة

 

ورغم أنّ "العناية الإلهيّة موجودة وتشهد عليها الملايين من العائلات بحياتها وخياراتها"، شدّد البابا على الحاجة إلى "سياسات واعيّة تعمل على تهيئة أرض خصبة لكي يزهر ربيع جديد، ونترك وراءنا هذا الشتاء الديموغرافي"، داعيًّا أولاً إلى "مواجهة المشكلة معًا، بدون حواجز أيديولوجية ومواقف مسبقة"، وثانيًا إلى "أن نغيّر ذهنيتنا في أنّ العائلة ليست جزءًا من المشكلة، ولكنها جزء من حلها".

 

وأكد على أنّ تحدي الولادات هو مسألة رجاء.

 

وقال: "إنّ الرجاء ليس، كما يعتقد البعض غالبًا، مجرّد تفاؤل، كما أنّه ليس شعورًا إيجابيًا غامضًا حول المستقبل. كما أنه ليس وهمًا أو عاطفة. إنه فضيلة ملموسة. وتتعلق بالخيارات الملموسة. يتغذى الرجاء من التزام الجميع بالخير، وينمو عندما نشعر بأننا نشارك في إعطاء معنى لحياتنا وحياة الآخرين. لذلك فإنّ تغذية الرجاء هو عمل اجتماعي وفكري وفني وسياسي بالمعنى الأسمى للكلمة، إنه أن نضع مهاراتنا ومواردنا في خدمة الخير العام، إنه أن نزرع المستقبل. الرجاء يولِّد التغيير ويحسِّن المستقبل".

 

أضاف: إنّ الرجاء في الواقع، يسائلنا لكي نتحرّك من أجل إيجاد حلول تعطي شكلاً لمجتمع يليق بالمرحلة التاريخيّة التي نعيشها، زمن أزمة يطبعه الكثير من الظلم. أن نعيد إعطاء دفع للولادات يعني أن نصلح أشكال الإقصاء الاجتماعي التي تؤثر على الشباب ومستقبلهم. وهي خدمة للجميع: إنّ الأبناء ليسوا خيورًا فردية، لكنهم أشخاص يساهمون في نمو الجميع، ويولِّدون غنى بشريًّا وبين الأجيال.