موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٨ يوليو / تموز ٢٠٢٠
البابا فرنسيس: ابحثوا عن وجه الرب في الفقراء والمرضى والمتروكين والغرباء
7 سنوات على زيارة الحبر الأعظم إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطاليّة عام 2013.

فاتيكان نيوز ورويترز :

 

بمناسبة الذكرى السنوية السابعة لزيارته إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطاليّة، نقطة الوصول لكثير من المهاجرين الذين يقطعون الرحلة الخطرة من شمال أفريقيا، ترأس قداسة البابا فرنسيس، ظهر الأربعاء، القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان. ونظرًا للأوضاع الصحية، فقد شارك في القداس فقط العاملون في قسم المهاجرين واللاجئين في الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة.


 

ثقافة الرخاء وفقاعات الصابون

 

وللمناسبة ألقى قداسته عظة قال فيها: يدعونا مزمور اليوم إلى بحث مستمِرٍّ عن وجه الرب: "أُطلُبوا الرَّبَّ وَعِزَّتَهُ، وَابتَغوا وَجهَهُ في كُلِّ حين" يشكّل هذا البحث موقفًا أساسيًّا في حياة المؤمن الذي فهم أن هدف حياته هو اللقاء مع الله. إن البحث عن وجه الله هو ضمانة لنجاح رحلتنا في هذا العالم الذي هو خروج نحو أرض الميعاد الحقيقية والموطن السماوي. وجه الله هو هدفنا وهو أيضًا نجمنا القطبي الذي يسمح لنا بألا نضيّع الدرب.

 

وأضاف: لقد كان شعب إسرائيل، الذي يصفه النبي هوشع في القراءة الأولى، في تلك المرحلة شعبًا ضائعًا وكان قد فقد رؤية أرض الميعاد وكان يهيم في صحراء الظلم. كان الازدهار والثروة الوفيرة قد أبعدا قلوب بني إسرائيل عن الرب وملآهم بالباطل والظلم. إنها خطيئة لا نسلم منها نحن أيضًا مسيحيو اليوم. إن ثقافة الرخاء، التي تحملنا على التفكير بأنفسنا وحسب، تجعلنا نفقد المشاعر إزاء صراخ الآخرين، وتجعلنا نعيش في فقاعات من الصابون، التي هي جميلة، لكنها ليست بشيء، بل هي مجرّد وهم، وهمُ ما هو غير نافع ومؤقت الذي يحمل على اللامبالاة بالآخر بل على عولمة اللامبالاة.


 

البحث عن وجه الرب

 

تابع: وبالتالي يبلغنا اليوم نداء هوشع كدعوة متجدّدة إلى الارتداد لكي نوجّه عيوننا إلى الرب لكي نرى وجهه. يقول النبي: "ازرعوا لَكُم بِالعَدل، تَحصُدوا عَلى حَسَبِ الرَّحمَة. احرثوا لَكُم حَرثًا، فَإِنَّهُ قَد حانَ أَن تَلتَمِسوا الرَّبَّ إِلى أَن يَأتِيَ وَيُعَلِّمَكُم البِرّ". إن البحث عن وجه الله يحرّكه شوق اللقاء بالرب، لقاء شخصي، لقاء بمحبته العظيمة وقوّته التي تخلِّص. إن الرسل الاثني عشر الذين يُخبرنا عنهم إنجيل اليوم قد نالوا نعمة أن يلتقوا به في الجسد في يسوع المسيح ابن الله المتجسد؛ فهو دعاهم بأسمائهم، فردًا فردًا –كما سمعنا في الإنجيل– ونظر إلى أعينهم وهمّ حدّقوا النظر في وجهه وسمعوا صوته ورأوا معجزاته. إن اللقاء الشخصي مع الرب، زمن النعمة والخلاص، يتضمّن أيضًا رسالة، ولذلك يحث يسوع تلاميذه قائلاً: "َأَعلِنوا في الطَّريقِ أَن قَدِ اقتَرَبَ مَلَكوتُ السَّمَوات". وبالتالي فاللقاء والرسالة لا ينفصلان. هذا اللقاء الشخصي بيسوع المسيح هو ممكن لنا نحن أيضًا، تلاميذ الألفية الثالثة. إذ نبادر في البحث عن وجه الرب يمكننا أن نتعرّف عليه في الفقراء والمرضى والمتروكين والغرباء الذين يضعهم الله على دربنا. ويصبح هذا اللقاء بالنسبة لنا نحن أيضًا زمن نعمة وخلاص ويحمّلنا الرسالة عينها التي أوكِلَت إلى الرسل.


 

اللقاء مع الآخر هو لقاء مع المسيح

 

وقال: تصادف اليوم الذكرى السنوية السابعة لزيارتي إلى لامبيدوزا. في ضوء كلمة الله أرغب في أن أذكر بما قلته للمشاركين في لقاء "أحرار من الخوف" في شهر شباط من العام الماضي: إن اللقاء مع الآخر هو أيضًا لقاء مع المسيح. وهذا ما قاله لنا المسيح نفسه. فهو الذي يقرع على بابنا جائع وعطشان وغريب وعريان ومريض وسجين ويطلب أن نلقاه ونساعده وأن يتمكّن من النزول إلى البرّ. وإن كان لا يزال لدينا أي شك فهذه كلمته الواضحة: "الحَقَّ أَقولُ لَكم: كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه" (متى ٢٥، ٤٠). "كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك..." في الخير وفي الشر! إن هذا التحذير هو آني اليوم أيضًا، وعلينا أن نستخدمه كنقطة أساسيّة لفحص الضمير الذي نقوم به يوميًّا. أفكر في ليبيا، وفي مخيمات الاحتجاز وبالاستغلال والعنف اللذين يتعرّض لهما المهاجرين، برحلات الرجاء وعمليات الإنقاذ وعمليات الرفض. "كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك... فلي قد صَنَعتُموه".


 

"معسكرات اعتقال"

 

وخرج البابا فرنسيس عن نص كلمته المعدة مسبقًا فأعاد إلى الأذهان موقفًا لمترجم كان يترجم محادثته مع مهاجر قبل سبع سنوات، ونقل إليه نسخة "منقحة" مما كان المهاجر يقوله بالفعل.

 

وقال الحبر الأعظم، الذي شغلت مسألة الدفاع عن المهاجرين جزءًا كبيرًا من ولايته منذ تولي البابوية قبل سبع سنوات، "هذا ما يحدث اليوم في ليبيا. فهم يقدمون لنا نسخة منقحة". وأضاف "نعم، تدور حرب (في ليبيا)، ونحن نعلم قبحها، ولكن لا يمكن تخيل الجحيم الذي يعيش فيه الناس هناك" مستخدمًا اختصارًا يشير إلى معسكرات الاعتقال في اللغة الألمانية.


 

العذراء معونة اللاجئين

 

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: لتساعدنا العذراء مريم، تعزية ومعونة اللاجئين، لكي نكتشف وجه ابنها في جميع الإخوة والأخوات الذين يُجبرون على الهروب من أرضهم بسبب العديد من أعمال الظلم التي لا يزال عالمنا يعاني منها اليوم.