موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١١ مايو / أيار ٢٠٢٠
الاحتفال بعيد اكتشاف الصليب المقدس في كنيسة القيامة بالقدس

حراسة الأراضي المقدسة :

 

يكتسي مصلى القديسة هيلانة في السابع من شهر أيار من كل عام باللون الأحمر المذهب: ففي هذا المكان يحتفل الرهبان الفرنسيسكان بالذكرى السنوية لإعادة اكتشاف الصليب المقدس، التي تمت في هذا المكان عينه. ويقع هذا المصلى في كنيسة القيامة، حيث كانت تقع في الماضي محجرة، على بعد عدة أمتار فقط من الجلجلة. وبحسب التقليد، تم في هذا الموقع، بعد إيداع جسد يسوع القبر، ترك الصليب الذي علق عليه، إلى أن تم اكتشافه مجددا بعد عدة قرون، في عام 327، من قبل والدة الامبراطور قسطنطين، القديسة هيلانة. وفي مساء اليوم السابق للعيد الذي أقيم صباح يوم الخميس السابع من أيار، احيى المصلون ذكرى هذه المعجزة. وقد تليت على مسامعهم قراءة مأخوذة من تاريخ الكنيسة تعود إلى القديس روفينوس، يذكر فيها الكاتب قصة عثور القديسة هيلانة على صليب يسوع الحقيقي، من بين ثلاثة صلبان، وكانت قد تعرفت على الصليب الحقيقي بفضل اعجوبة شفاء أحد النساء التي كانت مريضة جدا.

 

القدس هي المكان الوحيد حول العالم الذي لا يزال يقام فيه هذا العيد، إذ قام البابا يوحنا الثالث والعشرون بإلغائه في عام 1960، مخرجا إياه من التقويم الليتورجي للكنيسة الرومانية، للإبقاء على عيد ارتفاع الصليب المقدس الذي يقام في 14 أيلول. ويدعى هذا العيد بعيد "اكتشاف" الصليب، من اللاتينية (Inventio). أما تاريخ الاحتفال به فقد تم تحديده في السابع من أيار، وذلك لربطه بذكرى حادثة أخرى مرتبطة بالصليب، تمت هي الأخرى في القدس. وكما ورد في احدى الكتابات التي وجهها القديس كيرلس الأورشليمي إلى الامبراطور قسطنطين، فقد ظهر في السابع من أيار عام 351 "صليب منير في السماء، فوق الجلجلة، امتد حتى جبل الزيتون".

 

أما الاحتفال بعيد اكتشاف الصليب خلال زمن الفصح، فيذكرنا بأن الصليب هو ينبوع الحياة الأبدية، وفقا لما أشار إليه أيضاً حارس الأراضي المقدسة خلال العظة التي ألقاها أثناء القداس الذي أقيم في صباح السابع من أيار. أقيم الاحتفال في مصلى القديسة هيلانة، أمام ذخيرة الصليب الحقيقي. وعملاً بالتعليمات الصادرة عن السلطات المحلية، لم يشارك في الاحتفال سوى الرهبان المقيمون في القبر المقدس إضافة إلى غيرهم من الرهبان الذين جاؤوا للخدمة الليتورجية.

 

ووجه الأب باتون كلمات عظته إلى مجموعة صغيرة من الحاضرين، قائلا: "يكتسي عيد اكتشاف الصليب المقدس، وتكتسي القراءات التي اصغينا اليها، في هذا العام معنى خاصا وسط هذا الوباء الذي يطال العالم بأسره". وقد رغب الأب الحارس في التوقف عند أهمية الانتقال من خبرة الشفاء إلى خبرة الخلاص.

 

وتابع قائلاً: "صلينا كثيراً في هذه الفترة ولا زلنا نصلي من أجل تعافي المرضى المصابين بفايروس كورونا. حتى وإن كان الشفاء الجسدي لا يفعل شيئاً سوى تأجيل لحظة الموت التي لا مفر منها. أما خبرة الخلاص فهي أن يدخل الانسان في نموذج حياة كاملة، هي ثمرة العلاقة الشخصية مع يسوع، الذي يملك حياته في ذاته، وهو يستطيع أن يمنحها وأن يستردها، وهو يستطيع بل ويريد أن يشاركنا بها. (...) أعلم أنني سوف أموت، لكنني أعلم أنني عندما أقبل يسوع في حياتي، بكلمته وروحه، وحين أقبل الدعوة إلى العيش في علاقة معه، فقد وضع هو نفسه في نفسي بذرة الحياة الأبدية. وإن الحياة الأبدية قد زرعت في داخلي بسبب الهبة التي منحني إياها يسوع حين قدم حياته من أجلي، بعبوره في سر الموت محبة بي، ولأجل أن يقودني إلى معرفة الآب والعيش فيه" (هنا تجدون نص العظة بالكامل).

 

تم في نهاية القداس التطواف بذخيرة الصليب المقدس ثلاث مرات حول قبر المسيح الفارغ. وقد رنم الرهبان عند مبنى القبر وأمام المذبح المكرس لمريم المجدلية وفي مصلى الظهور لمريم العذراء، باللاتينية: " O crux, ave, spes única ! / Paschále quæ fers gáudium" وترجمتها: "أحييك أيها الصليب، أيها الرجاء الوحيد / يا من حملت لنا فرح القيامة".