موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الأربعاء، ٢٩ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٧
الإعلامي بشار جرار يبدأ بالكتابة في موقع أبونا: ’خبز حاف.. حبر جاف‘

بشار جرار يكتب من واشنطن :

ما عرف التراث الإنساني أجمل من مقولة السيد المسيح "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان". كثيرون رددوها إيمانًا بصاحبها سيد الكلام كله أو اتفاقًا مع معنى ما أدركوه في هذه الدعوة الخالدة من الكلمة.. الكلمة الأزلية الخالدة.. حبر كثير سكب لصياغة تأملات فيما عناه السيد المعلم.. كثيرون فهموا وقليلون عملوا.. هذا هو لسان حال دنيانا التي نعيش.. دنيا بشرنا السيد المسيح بأنها ليست دنيانا من جهة وأنه قاهر قاهرها –الموت- من جهة أخرى.

لست معنيًا برزنامة عابرة تقف الآن على أعتاب عيد الميلاد المجيد، فلا ضير من الحديث من الآن في فصح القيامة فمعانيها واحدة.. تحكي قصة خبز حاف لا نجوع بعده بوجود دعم أو غيابه.. لسنا عالة على أحد.. لا حكومات ولا جهات مانحة.. جميعنا عياله وهو القادر على إطعامنا جميعًا خبزًا نحيا به ولا نجوع أو نموت بعده أبدًا.. هذا تبشير مباشر لا مواربة فيه ولا خوف ولا حرج.. كيف لأي كان أن يقهر قاهر الموت أو يمس أحدًا من عياله.. وقبل أن يجرّد أحد حسامه أو يطلق العنان لسوطه أو صوته، ما عنيت في كلامي هو الكل.. يهود ومسيحيين ومسلمين.. كلنا عيال الله شئنا أم أبينا.. رضينا بعطائه وقسمته أم لم نرضَ.. فالخبز وافر وفير.. إما بالحقول قمحًا، أو في الطابون عجينًا، أو على المائدة فطيرًا.. ما لنا نكابر ولا نجاهر؟ أما آن لقلوب عرفت الله حقًا من عياله المخلصين.. أبناء إبراهيم وغيره من خلق الله في سائر أرجاء المعمورة، أما آن لها أن تعي أن الخبز الحقيقي ليس ما يشبع معدة خاوية، وإنما هو ما يرد الروح الخاوية إلى منشئها.

أفلا كفانا خلافًا واعتراكًا فيما هو عابر لنعمل معا لما هو باقٍ. قبل أيام كان النقاش محتدمًا حول أرقام وبنود الموازنة، ليتها فرصة نعود فيها إلى كشف حساب مع الذات.. فلينظر كل واحد فينا في نفسه في خلوة تامة ويردد المقولة ذاتها في قلبه ويسأل نفسه ما الذي يحييني ويحيي أسرتي ويحيي بلادي حقًا؟ أصدقكم القول الإجابة واحدة.. إنها الحياة ذاتها فمن عرفها ملكها، وصار سيدًا غير منقوص السيادة أو الكرامة.. كرمة واحدة سيدها ما زال يعطي خبز حياة ونبيذ كرمة.

بمحبة وخدمة ورجاء،
أخوكم بشار جرار ٢٠١٧-١١-٢٩ واشنطن