موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٦ أغسطس / آب ٢٠١٨
الأب هاني باخوم يكتب: وضـوح.. شفـافية.. قـرار

الأب هاني باخوم :

امام الانتهاكات الخاصة بأشخاص من رجال الدين ظهر مؤخرًا تقرير هيئة المحلفين في ولاية بنسلفانيا الأمريكية حول الاعتداءات الجنسية على القاصرين، وأيضًا شهدنا استقالة رئيس الأساقفة الاسترالي فيليب ويلسون، وتجريد المطران تيودور مكاريك رئيس أساقفة واشنطن السابق من رتبة الكاردينالية، بسبب الانتهاكات الجنسية على القاصرين او الصمت عليها.

هذه الجرائم غير مقبولة تمامًا، ويدينها كل عقل بشري في مضمونها، وبالأحرى في الصمت امامها من جانب اشخاص ذوي سلطة وقدرة على التصرف. ولهذا أعلن الكرسي الرسولي: نشعر بالخجل والألم. نعم خجل، لأن من ارتكب هذه الجرائم هم اشخاص المفروض انهم يحمون شعبهم، وليس العكس، كما أن هذه الأفعال قد خانت الثقة وسلبت الضحايا كرامتهم وإيمانهم.

ونعم ألم من طرف الكنيسة التي تشعر بمدى مسئوليتها، فهي أم لهؤلاء الأبناء الذين تضرروا من افعال بعض اخوتهم الكبار، فهي متألمة لأجل من تألم وتحاول أن تساعده، ومتألمة أيضًا وتخجل لأن من سبب الالم هو من ابنائها. ارى من جديد حواء وهي ترى ابنها يقتل ابنها، الكنيسة حواء الجديدة ترى من جديد نفس المشهد الابن الاكبر الذي كان عليه ان يرعى أخاه ها هو يسلب كرامته وينتهك عرضه وينزع منه الايمان. نعم الكنيسة متألمة وتدعو بكل وضوح: يجب أن يكون هناك تحمل للمسؤولية من قِبل مرتكبي الاعتداءات وأيضًا مَن سمحوا بحدوثها.

وماذا يبقى؟ يبقى أن الكنيسة مؤسسة إلهية وبشرية في نفس الوقت، أمر محير، معثر، يصعب فهمه ولكن يمكننا ان ندركه حتى في هذه الاحداث. تبقى الكنيسة مقدسة وقادرة على تقديس الآخرين، في حين أن بها أشخاصًا خطأة. تبقى الكنيسة قادرة كسفينة نوح على ان تصل البشر بمحبة الله وشاطئ رحمته، في حين أن بها أشخاصًا يبعدون عن هذا الاله. تبقى الكنيسة قادرة أن تخلص وان كان بها اشخاص يَهلكون ويُهلكون آخرين. نعم تبقى الكنيسة متألمة وخجلة، ولكن تبقى هذه الأحداث تحثنا على اتخاذ المواقف الجادة والقرار أمام أي صعوبات أو انتهاكات أو تحديات، فالصمت جريمة، وجعل الوقت يمر كي يداوي الأمور في بعض الاوقات يدمر الاشخاص. فالشفافية والوضوح وسماع المتألمين واستقبالهم والمضي في إجراءات واضحة هو الحل.

نعم لتبقى الكنيسة وكما يقول تقرير الفاتيكان: على الضحايا أن يعلموا أن البابا يقف إلى جانبهم، وأن مَن تألموا لهم الأولوية لديه، كما أن الكنيسة تريد الإصغاء إليهم وذلك للقضاء على هذا الرعب المأساوي الذي يدمر حياة الأبرياء. في النهاية وبقلب متمزق لوجع الكثيرين يبرق من السماء امل ورجاء: مواقف البابا فرنسيس وصراحته وإيمانه العميق الذي يتجسد في عدم الخوف من الحقيقة، وان الله هو الذي يحمي الايمان والكنيسة وليس البشر، مقولة قالها قداسة البابا تواضروس اثناء عظته الاسبوعية بعد قتل الانبا ابيفانيوس، ويعيشها البابا فرنسيس ويعلمنا اياها.

نعم للصراحة والوضوح والشفافية واتخاذ القرار.