موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٣ يوليو / تموز ٢٠٢٠
الأب رفعت بدر في احتفال يوبيله الكهنوتيّ: محبّة الله ومحبّة الناس هي الذهب بعينه
ما أجمل أن يجتمع الأخوة معًا، تحت سقف واحد...

ما أجمل أن يجتمع الأخوة معًا، تحت سقف واحد...

أبونا :

 

احتفل الأب د. رفعت بدر باليوبيل الفضي لرسامته الكهنوتية، بترؤسه قداس الشكر الاحتفالي في كنيسة الراعي الصالح في مركز سيدة السلام، مساء الخميس الموافق 2 تموز 2020، بحضور النائب البطريركي للاتين في الأردن المطران وليم شوملي، وبطريرك اللاتين السابق فؤاد الطوال، ورئيس أبرشية الروم الكاثوليك المطران جوزيف جبارة، والمطران سليم الصائغ، وأمين عام مجلس الكنائس في الأردن الأب إبراهيم دبور ممثلا عن مطران الروم الأرثوذكس في عمّان خريستوفوروس عطالله، ولفيف من رؤساء وممثلي الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسيّة والبروتستانتيّة.

 

كما شارك في قداس الشكر القائم بأعمال السفير البابوي المونسنيور ماورو لالي، ولفيف من كهنة البطريركيّة اللاتينية، والرهبان والراهبات من مختلف الجمعيات الحياة المكرسة، والشمامسة والشدايقة، وممثلين عن المؤسسات الكنسيّة الروحيّة والاجتماعيّة، وأهل الكاهن المحتفل، والعاملين في المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، وأبناء رعيّة قلب يسوع الأقدس في ناعور، وحشد من المؤمنين والمشاركين عبر شبكة الانترنت من خلال صفحات موقع أبونا الإلكترونيّ وراديو مريم. فيما أحيت ترانيم القداس جوقة اليوبيل، بقيادة المايسترو إبراهيم نعواس، وعزف السيد حرّان حجازين، حيث أنشدت باقة من التراتيل المنوعّة التي وضع كلماتها الأب بدر.
 

ثوب قداس بمناسبة اليوبيل

 

بعد دخول الموكب المحتفل على أنغام الفرقة الموسيقيّة التابعة لمجموعة كشافة دير اللاتين بالمصدار، قدّم الشدياق سمير دبابنة، باسم رعيّة قلب يسوع الأقدس في ناعور، ثوب القداس للأب بدر بمناسبة يوبيله الفضي. وقال: "أيها الخادم الأمين، قدس الأب رفعت بدر الجزيل الاحترام. قبل 25 عامًا أُلبست ثوب النعمة، وثوب الخدمة والقداسة والتكريس، ونحن اليوم عرفناك بهذا الثوب، وأحببنا أن تبقى تعكس هذه الصورة بخدمتك ورسالتك أينما كنت. لا يسعنا بهذه المناسبة السعيدة على قلوبنا، إلا أن نقدّم لك نحن أبناء رعية قلب يسوع الأقدس في ناعور هذا الثوب لنذكّرك بأننا هذا رأيناك، وهكذا نريد أن تبقى، فاقبل منا هذا الثوب علامة امتنان وتقدير لخدمتك ورسالتك الساميّة، واذكرنا دائمًا في صلاتك".

شكرًا لنِعم الله وعطاياه

 

وألقى المطران شوملي عظة قداس اليوبيل، حيث رفع الشكر للأب بدر على دعوته "للمشاركة في هذه الذكرى العزيزة على قلبك وقلبنا، ولإشراكنا في فعل الشكر الذي ترفعه اليوم إلى الله لما وهبك من نعم ووزنات ومواهب سخرتها لخدمة رعايانا ومؤمنينا في كنيسة الأردن العزيزة منذ رسامتك الكهنوتية في كنيسة المصدار عام 1995 حتى اليوم. باسم جميع الحضور، أهنئك من أعماق قلبي وأتمنى لك التوفيق في المرحلة القادمة من خدمتك"، مؤكدًا بأن الكاهن "هو سفير الله لدى الشعب، وفي نفس الوقت هو سفير الشعب لدى الله. باسمه تعالى يعلّم الكاهن المؤمنين، ويقدّسهم بالأسرار السبعة، ويبني الجماعة المسيحية كما يرفع  الى الله التماسات الشعب وحاجاته اليومية".

هبة، سر وعطيّة

 

واستشهد المطران شوملي بما قاله القديس يوحنا بولس الثاني وهو شفيع الاب بدر، أنّ الدعوة إلى الكهنوت هبة وسر. وقال: "إنه حقًا سر كبير. لماذا اختار المسيح صيادي الجليل البسطاء ليكونوا رسله؟ ألم يكن بإمكانه العثور على مرشّحين أكثر علمًا وثقافة وأكثر ملاءمة لهذه المسؤولية؟ بالتأكيد، كان ممكنًا. لكنه لم يفعل. اختار الصيادين البسطاء ليكونوا رسله وليواصلوا مهمته في العالم. وهذا ما قاله بولس في القراءة الثانية إلى أهل كورنتوس: "أعطينا تلك الخدمة رحمة، فلا ندعو أنفسنا الا خدما لكم من أجل المسيح". وما يشجعنا أنه إذا اختار المسيح شخصًا ما لرسالة ما، فسيمنحه النعمة اللازمة التي تمكّنه من تحقيق تلك الرسالة. هو الذي يدعو ويرافق ويغفر ويقوي ويحول الخطأة إلى قديسين كما فعل مع بطرس الصياد ومع شاول، الذي اضطهد الكنيسة".

 

كما أكد بأنّ "دعوة الكهنوت هي أيضًا عطية. وهي هدية للإنسان وللإنسانية. من خلال الرسامة، يضحي الكاهن قادرًا على التكلم والتصرّف باسم يسوع في ثلاثة محاور: الكرازة بالإنجيل؛ الاحتفال بالأسرار. وقيادة الجماعة المؤمنة. إنّ الواجب الأول والأهم هو الكرازة بكلمة الله. يعلم القديس بولس أن الإيمان يأتي من السماع. هذا يعني أن على المبشر أن يبشر، أي أن يعلن الإنجيل في وقته وفي غير وقته وأن يفسّر ويعظ ويرشد ويونّب ويشجع. وإنّ أهم مهمة للكنيسة في العالم الحديث هي التبشير الجديد. هذا لا يعني أن الكنيسة ستعلن إنجيلاً جديدًا. لا، يظل الإنجيل كما هو دائمًا. لكن علينا أن نبحث عن طرق جديدة لإعلان كلمة الله".

خدمة كهنوتيّة مع الثورة المعلوماتيّة

 

 وأوضح بأنه "في المجتمع العلماني الحديث، لا يكفي التبشير بالإنجيل من المنبر. علينا استخدام طرق أخرى، بما في ذلك استخدام وسائل الإعلام الحديثة. وقد وهبك الله يا أبونا رفعت أن تقوم بخدمتك الكهنوتية مع بداية الثورة المعلوماتية الحديثة وشيوع الانترنت. فدخلت على هذا العالم الافتراضي عندما كنت كاهن رعية في قرية السماكية. وأنشأت موقع أبونا الذي اشتهر لاحقًا بحيث اختير عام 2013 على أنه افضل موقع عربي مسيحي. من خلاله لا زلت تنشر الأخبار الدينية والكنسيّة والأحداث والقداديس والاحتفالات الهامّة وعظات الأحد ومقالات دينية وثقافية تغذي الفكر والقلب. وأثناء أزمة كورونا دخل موقعك البيوت. وبينما كانت الكنائس مغلقة، تحوّلت البيوت الى كنائس بيتية أعطت الناس أملاً ورجاءً وقوةً روحيّة. ونحن نعلم أن احتفالنا الآن يبث على الهواء مباشر ليُشرك أكبر عدد من المؤمنين".

الكاهن ذبيحة يوميّة

 

وخاطب المطران شوملي الأب بدر، بقوله: "دعاك المسيح إلى الكهنوت واستجبت. لقد مسح الأسقف راحتيك بالزيت المقدس قبل ربع قرن لتقديم الذبيحة من أجل الناس، ولكن أولاً وقبل ذلك، أصبحت أنت نفسك تلك الذبيحة. وقبلت أن تكون كذلك. أنت تقدّم يوميًا ذاتك مع ذبيحة المسيح المرضية لخلاص العالم. فلمدة 25 عامًا، ما زلت تخدم شعب الله بأمانة، وتبشر بكلمة الله، وتحتفل بالأسرار وتبني الجماعة المؤمنة. إن المؤمنين الذين يجتمعون هنا اليوم والذين خدمتهم في مختلف الرعايا ممتنون لك ويصلون من أجلك حتى تتمكن من مواصلة رسالتك بنفس الحماس الذي يسكن قلبك اليوم".

 

وخلص النائب البطريركي للاتين في الأردن عظته إلى القول: "أبونا رفعت، لقد اختارك المسيح، ووثق بك، وليس لديه خطة بديلة عنك. ابق مخلصًا لدعوتك ورسالتك ولشعارك الكهنوتي الذي اخترته وأنت كاهن في مقتبل العمر: "أنت يا رب تنير مصباحي" (مز 17: 28). فليبقَ الرب مصباحك لتكون نورًا يشعّ على الناس. ليباركك الله، ولتحفظك أمك البتول دائمًا، آمين".

هذا ورُفعت الطلبات من أجل قداسة البابا فرنسيس والأساقفة والكهنة وسائر الإكليروس، ومن أجل الكاهن المُحتفل وعائلته، ومن أجل الكنيسة في الأردن لكي تنمو فيها الدعوات الكهنوتيّة والرهبانيّة، كما ومن أجل المشاركين في القداس والموتى وسائر الأنفس المطهريّة. وتبعها تقادم القداس التي اشتملت على: الكتاب المقدس، البطرشيل، أيقونة العذراء سيدة لورد، وشعار المركز الكاثوليكي وموقع أبونا، وأرغفة الخبز وعناقيد ثمار العنب.

 

كلمة شكر ورديّة

 

وبعد المناولة المقدسّة، ألقت الأخت كارولين بدر كلمة باسم راهبات آل بدر في رهبنة الورديّة، جاء فيها: "هذا الشّكر استثنائيٌّ تفوحُ منه رائحة التّفاني في أبهى صورة، ويحملُ في طيّاته تهنئةً مصدرها القلب، وعنوانها المحبّة، موجّهة للأب الروحيّ والقدسيّ رفعت بدر بمناسبة اليوبيل الفضيّ الذي ما انفكّ أثناءه يتنقّل بين الكنائس واهبًا صلاتَهُ لمحتاجيها، ومعلّقًا قلبه وسط التراتيل، ومدركًا بإحساسه آلام الآخرين، ومسلّطًا ضوء الأمل في كلّ بقعةٍ يائسة. ما انفكّ يحيي التفاؤل في كلّ قلبٍ أنهكته الظروف التي مرّ بها العالم أجمع على مدار خمسةٍ وعشرين عامًا مكلّلًا بالمحبّة والعطاء".

 

وأوضحت الأخت بدر بأن "الأب رفعت كان بطلاً خفيًا وراءَ المشهد –مشهد جائحة كورونا- فهو فضلًا عن كونه أبًا روحيًّا فقد كان إعلاميًّا ينقل الحدث ببصمة إيمانٍ وجرعة تفاؤل وترتيلة فيها كلّ السكينة. لم يغبْ يومًا عن هذا المشهد، فكان طبيب الأرواح الذي يزرعها طمأنينةً، نقدّم لك هذا الشّكر امتنانًا وتقديرًا لجهودك الجبّارة في يوبيلك الفضيِّ المتألّق، آملين أن تبقى دومًا أيقونة القوّة ورمز السّكينة". وفي ختام الكلمة، قدّمت الأخت كارولين درعًا للأب بدر.

كلمة يوبيل الكاهن المحتفل

 

وفي ختام قداس اليوبيل الفضي، ألقى الأب رفعت كلمة (لقراءة نصها الكامل) استهلها بالعودة إلى افتتاح وانطلاقة سينودس الكنيسة الكاثوليكيّة في الأرض المقدسة عام 1995، وقبل رسامته الكهنوتيّة بأيام. وقال: لقد "اعتبرتُ نفسي من ذلك اليوم كاهنًا سينودسيًا، في قلب الكنيسة المحلية، الكنيسة الحيّة، الكنيسة المؤمنة والواثقة والسائرة بالرغم من أحزان الدهر الحاضر إلى ميناء السلام والقداسة". وأوضح بأنّ "الكنيسة في الأرض المقدسة كانت صاحبة مخططات كبيرة، وعلقّت الكثير من الآمال على توصيات المخطط الرعوي الذي تسلمه البابا يوحنا بولس الثاني من أيدي رعاتنا سنة اليوبيل الكبير عام 2000. وكنتُ كذلك ككاهن جديد صاحبَ آمال كثيرة في قلب البطريركيّة اللاتينية. حققّت كنيستنا الكثير من توصيات المخطط الرعوي. وما زالت توصيات كثيرة لمّا تتحقق. وتحققت الكثير من آمالي الكهنوتية، وما زال الآخر في غرفة الانتظار".

السير عكس التيار

 

واستذكر الأب بدر بما جاء على لسان البطريرك ميشيل صبّاح في رسامته الكهنوتيّة، حيث قال: إنّ "المجتمع الذي ترسل إليه اليوم، بحاجة إلى وحدة ومحبة، في جميع المستويات: الجماعة المسيحية في ما بينها: في الرعية ذاتها وفي الأبرشية ذاتها، وبين الكنائس المختلفة، بطقوسها وكياناتها الكنسية والمدنية. مجال خدمة المحبة والخدمة المسكونية وخدمة الحوار بين الديانات، هو من أولويات الرسالة اليوم، ولو بدا لك أحيانا بل مرات كثيرة، أنّ السير في هذا الاتجاه هو سير عكس التيّار". وأوضح بأنه "وبعد ربع قرن، من ذلك العام السينودسي والكهنوتي، فقد كان الحُلم جميلاً، وكان الحِمل ثقيلاً. وقد تطلبت الأحداث كثيرًا أن أسير عكس التيار، ولكنها في الوقت ذاته كانت مسيرة جماعيّة، كنسيّة، نبوية، كهنوتية، ملكية".

لكل من مدّ مصباحي بالزيت.. شكرًا

 

وتوجّه الأب رفعت بالشكر إلى السيد المسيح "الراعي الصالح الأمين"، وعلى نعمة كلّ إنسان وضعه الله في طريقه و"أمدّ مصباحه بزيت العنايّة والرعاية والتوبيخ والإرشاد والتوجيه"، وعلى كل شخص نال من الرب، على يديه، نِعَم الأسرار المقدسة، ولكل من وضعه على طريق التنشئة نحو الكهنوت المقدّس. واستذكر في هذا المقام البطاركة والأساقفة، وعائلة المعهد الإكليريكي، ووالديه المرحومين وعائلته، وإخوته الكهنة "الذين تكوّنت بينه وبينهم على مدار السنوات لُحمة وشركة كهنوتيّة أخويّة". كما شكر أخوته الراهبات من مختلف الجمعيات، وجميع الرعايا التي خدمها على مدار 25 عامًا، لاسيمّا رعيته الحاليّة ناعور، ورعيته الأصلية الوهادنة، وكلّ من تعب وحضّر الاحتفال بيوبيله الفضي الكهنوتي.

"نعمة الإعلام"

 

كما رفع الأب رفعت الشكر لله تعالى على "نعمة الإعلام"، حيث تشرّف بالعمل في هذا الحقل منذ ربع قرن أيضًا، "فولد التوأم بين عمله الكهنوتي وعمله الإعلامي". وشكر أسرة المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام وموقع أبونا، "إخوته وأخواته اليوميين، والذي يعيش معهم سرّاء هذه الرسالة وضراءها، كما شكر كل من تعاون من القنوات المحلية والعربية والعالميّة".

 

ولفت إلى أنّ "العمل الاعلامي ليس سهلاً، وأحيانًا يتطلب سيرًا عكس التيّار، وأحيانا يُساء فهم الإنسان. لكن صراحة أقولها لكم بكل ثقة"، تابع الأب بدر، "لم أقصد في أي يوم من الأيام أن أسيء لأي إنسانٍ، أو أن أنتهك كرامته أو أحرّض على إهانته. أخفقت أحيانًا، أسيء فهمي أحيانًا، وفي هذا القداس أستغفر الرب عن كل خطاياي السابقة، سواء في حياتي الرعوية، أو في حياتي الكهنوتية، أو في حياتي الإعلاميّة. كونوا واثقين بأنّه أكثر ما يؤلمني، حتى البكاء بالليل وصمت مجلجل، حين أسمع عن أحد الأشخاص يهان أو يقتل بسبب رأيه أو لون بشرته أو بسبب إيمانه".

محبة الله ومحبة الناس هي الذهب

 

وقبل ختام كلمته، ولأن "الإيمان لا يمنع من حب الأوطان"، وجّه الأب رفعت تحيّة "إلى وطنه الأردن الغالي، بوحدته الوطنيّة بين مسلميه ومسيحييه. كما وجّه تحيّة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين والقيادة الهاشمية، ولكلّ من يعمل من أجل خير الوطن باخلاص وأمانة، وبالأخص في هذه الأيام (جائحة كورونا) جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية والكوادر الصحية المتفانية لخير الإنسان". وبعد كلمة تحيّة للحاضرين من الكنائس الشقيقة، ولكلّ من أرسل بطاقات تهنئة إلكترونيّة، ختم الأب بدر بقوله: "كل من يبارك لي في هذه المناسبة يقول: عقبال اليوبيل الذهبي، محبة الله ومحبتكم هي الذهب بعينه. شكرًا لكم والرب يبارككم".