موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢٣ مارس / آذار ٢٠٢٠
الأب د. لويس حزبون يكتب: فيروس الكورونا في رؤية لاهوتية مسيحيَّة
راعي كنيسة اللاتين في بيرزيت - رام الله

راعي كنيسة اللاتين في بيرزيت - رام الله

الأب لويس حزبون :

 

فيروس كورونا هو شر، لأنه عمل بشكل مباشر أو غير مباشر يتسبب بالمعاناة أو بالموت. لذلك هو لا يأتي من الله. إنما الله سمح به، بمعنى أنه قادر أن يمنعه، ولكن لم يمنعه ليكون إحدى علامات الأزمنة، أي دعوة للتوبة وبدء حياة جديدة.

 

وهذا لا يعني أن الذين أصيبوا فيروس الكورونا هم أكثر أناس خطأة حتى أصيبوا بذلك، كما أجاب يسوع المسيح في أحداث تمّت في أيامه. "في ذلِكَ الوَقتِ حَضَرَ أُناسٌ وأَخبَروهُ خَبَرَ الجَليليِّينَ الَّذينَ خَلَطَ بيلاطُسُ دِماءَهم بِدِماءِ ذبائِحِهِم. فأَجابَهُم: أَتظُنُّونَ هؤلاءِ الجَليليِّينَ أَكبَرَ خَطيَئةً مِن سائِرِ الجَليليِّينَ حتّى أُصيبوا بِذلك؟ أَقولُ لَكم: لا، ولكِن إِن لم تَتوبوا، تَهلِكوا بِأَجمَعِكُم مِثلَهم. وأُولئِكَ الثَّمانِيَةَ عَشَرَ الَّذينَ سَقَطَ عَليهِمِ البُرجُ في سِلْوامَ وقَتَلَهم، أَتَظُنُّونَهم أَكبرَ ذَنْباً مِن سائِرِ أَهلِ أُورَشَليم؟ أَقولُ لكم: لا ولكِن إِن لم تَتوبوا تَهِلكوا بِأَجمَعِكُم كذلِكَ" (لوقا 13: 1-5).

 

ولكن إذا سمح الله بالكوارث فإن هدفه التوبة.

 

قال الله لسليمان "إِنْ أَغْلَقْتُ السَّمَاءَ وَلَمْ يَكُنْ مَطَرٌ وَإِنْ أَمَرْتُ الْجَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ الأَرْضَ وَإِنْ أَرْسَلْتُ وَبَأً عَلَى شَعْبِي فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ" (2 أخبار 7: 13-14) هنا نرى الله يستخدم الكارثة لكي يجذب شعبه إليه، ولكي يجعلهم يتوبوا ويرغبوا في اللجوء إليه كما يلجأ الأبناء إلى أبيهم السماوي. ويسوع يدعونا الى العودة اليه "تعالَوا إِليَّ جَميعًا أَيُّها المُرهَقونَ المُثقَلون، وأَنا أُريحُكم" (متى 11: 28).

 

لذلك لن يدوم هذا الشر طويلاً إذا تاب الإنسان وصرخ إلى الله، كما يؤكد صاحب المزامير "صَرَخوا إِلى الرَّبِّ في ضيقِهم فأَخرَجَهم مِن شَدائِدِهم" (مزمور 107: 28). نعلم أن الله له سلطان إلهي على كل الأشياء "كُلُّ شَيءٍ مِنه وبِه وإِليه. لَه المَجْدُ أَبَدَ الدُّهور" (رومية 11: 36) وسوف يجعل "جَميعَ الأشياءِ تَعمَلُ لِخَيْرِ الَّذينَ يُحِبُّونَ الله" (رومية 8: 28).

 

ونستنتج مما سبق أنه لا داعي للخوف. الله بيده السلطان.

 

ويذكر الكتاب المقدس عبارة "لا تخف" ومرادفاتها أكثر من 300 مرة بشريطة أن نلتزم بما يلي:

 

أولاً: الالتزام بالسلوكيات التي تحمي من التعرض للمرض نفسك وأفراد أسرتك وشعبك.

 

ثانيًا: لا نتردد في التوبة بتنقية القلوب والضمائر والعودة الى الله بالصوم والصلاة في المنزل وقراءة الكتاب المقدس وتلاوة مسبحة الوردية في العائلات. ولا عجب أن لفظة "كورونا" في اللغة الإيطالية معناها السبحة الوردية، فهي أفضل سلاح لمقاومة كل شر وبلية.

 

ثالثًا: التطلع الى ما وراء الحاضر والتصرّف في نور المستقبل الذي هو في يد الله. "ولمَّا كُنَّا نَعمَلُ معَ الله، فإِنَّه يَقول: في وَقتِ القَبولِ استَجَبتُكَ، وفي يَومِ الخَلاصِ أَغَثتُكَ" (2 قورنتس 6: 1-2).