موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر Sunday, 19 July 2020
الأب د. ريمون جرجس يكتب: القوانين الكنسية ومكافحة الإعتداء الجنسي على القاصرين
الأب الدكتور ريمون جرجس الفرنسيسكاني، المتخصص في القانون الكنسيّ

الأب الدكتور ريمون جرجس الفرنسيسكاني، المتخصص في القانون الكنسيّ

الأب د. ريمون جرجس :

 

يقول البابا القدّيس يوحنَّا بولس الثاني: "الاعتداء الجنسيّ على القاصرين جريمة خطيرة وهي احدى الأزمات الخطيرة التي تؤثّر ليس فقط على الكنيسة ولكن على المجتمع ككلّ. إنّها أزمة أخلاقيّة جنسيّة عميقة، حتَّى في العلاقات الإنسانيّة، وأوّل ضحاياها الأسرة والقاصر. لمعالجة مشكلة الاعتداء بوضوح وبدقة، تساعد الكنيسة المجتمع لفهم ومعالجة الأزمة من داخلها. ويجب أن يكون واضحاً تماما للمؤمنين الكاثوليك وللجماعة بشكل أوسع أنّ الأساقفة والرؤساء مهتمّون قبل كلّ شيء لخير النّفوس الروحيّ. وعلى الناس أن تعلم أنّه لا يوجد مكان في الكهنوت وفي الحياة الرهبانيّة هؤلاء الذين يفعلون الشر مع القاصرين. وأن يعلموا أنَّ الأساقفة والرؤساء ملتزمون تماما لملء الحقيقة الكاثوليكيّة بشأن مسائل أخلاقيّة جنسيّة كحقيقة أساسيّة لتجديد الحياة الكهنوتيّة والأسقفيَّة أو لتجديد الحياة الزواج والحياة الأسرية".

 

الإعتداء الجنسيّ على القاصرين، هو أيّ فعل أو إتّصال بين الطفل وشخص بالغ، يستخدم فيه البالغ الطفل كموضوع جنسيّ. في هذه الحالة يكون الطفل ضحيّة لإعتداء جنسيّ دون طرح السؤال عمّا إذا اضطرّ بوضوح للمشاركة في مثل هذه الأعمال أو لا،  أو أنّ هناك إتّصالا جسديّاً أو جنسيّاً  أو لا،  أو إذا كان الفعل ناجماً عن الطفل أم لا.  ولتوضيح تفاصيل جريمة الإعتداء التي يرتكبها إكليريكيّ مع القاصرين، ليس من الضروريّ أن تقوم بينهما "علاقة جنسية"، لكن تتخذ أهميّة جزائيّة الأفعال نجسة التي تنطوي على مخالفة الوصيَّة السادسة. على سبيل المثال: الإتّصال مع الأعضاء التناسلية أو الملاطفة أو العناق السيّيء، أفعال يرتكبها الجانح مع نفسه (العادة السريّة أو الاستمناء) بحضور القاصرين وأيضاً إظهار صور إباحية للقاصرين، ولكن دون المشاركة الجسديَّة معهم. حتَّى القبلة البسيطة، خاصّة إذا تكررت بدافع الشهوة. ويتساءل المرء، إذا كان من الضروريّ الحضور الجسديّ بين الإكليريكيّ والقاصر في نفس المكان، أو غير ضروريّ؟ الجواب في الواقع سلبي، وهذا يعني، أنّه ليس بالضرورة وجود مساحة مكانيّة بين الإكليريكيّ والضحية. على سبيل المثال، تواصل الإكليريكيّ مع الضحية عن طريق كاميرا ويب، يطلب من القاصر بعض ​​الأفعال الجنسية التي تهدف إلى إرضاء رغبته الجنسية.

 

في كثير من الأحيان يخدع الكاهن الشَّخص الخاطىء ويطمئن ضميره حول شرعيَّة الأفعال المتمّمة. بهذا المعنى يمكن القول إنّ الإعتداء الجنسيّ، فضلاً عن كونه سلوكاً مستهجناً أخلاقيّاً، فهو يشكّل خيانة للثقة التي وضعها المجتمع في شخص الجانح. لتحديد الفعل، لا يهمّ إذا كان الشَّخص الآخر راشداً، أعطى موافقته على هذه الأفعال؛ ولا يهم حتَّى إذا كان هذا سبب إثارة الكاهن، لأنّ العمليَّة الجنسيّة في العلاقة الرعويَّة تشكّل فشلاً للعلاقة نفسها، والتي تفترض أن يكون الكاهن مستعدّاً مهنيّاً ومدرباً على التعامل مع مشاعره وإحتمالات "النقل" التي قد يقوم بها الشَّخص الآخر معه حول هذا الموضوع.

 

عندما يرتكب الكاهن  أفعالاً جنسيّة مع أشخاص يطلبون منه المشورة، وهم بحاجة إلى مساعدة، يسمّى هذا استغلالاً جنسيّاً أو إعتداء جنسيّاً. وغالباً ما يعتقد البعض أنّ الاستغلال أو التحرّش الجنسيّ موجودان فقط في حالة الإكراه أو العنف الجسديّ. وهذا ليس صحيحاً، إذ إنَّ  التعابير أو الإيماءات المرتبطة بمقترحات غير لائقة قد تكون لها طابع جنسيّ. وفي حالة الإعتداء الجنسيّ، يستخدم الجانح عموماً التأثير المعنويّ. فهو، في الواقع، يكون في موقف المتفوّق أو السياديّ أمام الضحيّة سواء لرتبته، أو وظيفته، أو عمره، أو استقلاليّته العاطفيّة، أو تعليمه. حتَّى في هذا المجال أيضاً يمكن الحديث عن التعسّف في إستعمال السُّلطة. وفي الوقت نفسه تميل الضحيّة إلى اتّباع نصائحه وتوجيهاته. في هذا المعنى علينا القول إنَّه أساء إستعمال السُّلطة أو استغلّ حالة الثقة القائمة بينهما. فأي إتّصال جنسيّ بين  الكاهن والشَّخص الذي يبحثّ عن استشارة هو تعدّ وسوء إستعمال للمهمّة والوضع الرعويّ. إنَّ مصطلح "إساءة إستعمال السُّلطة" يسلط الضوء على أنّ الشَّخص الذي في موضع المسؤولية يستغل من هو في موضعه أدنى. وهنا نتكلم عن تعاطي هذه السُّلطة، نفسيّاً، لتلبية ميول شخصيّة.

 

تناول الرقم 2 من المادّة 6 البند 1، من الإرادة الذاتيّة “حماية قدسية الأسرار” لعام 2010 واقعة جريمة موضوعها قيام إكليريكيّ بإكتساب أو حيازة أو نشر أغراض غير لائقة، صور إباحيّة على قاصرين دون الرابعة عشرة. نصّت هذه المادّة صراحة على أنّ عدم شرعيَّة تلك سوكيات تعكس "الإساءة غير المباشرة" لعدم وجود إتّصال جسدي بين المعتدي والضحيّة. في واقع الأمر، اعتبر مجمع العقيدة والإيمان في السابق هذه الوقائع ضمن الجرائم مع القاصر، وفي هذا الصدد كتب المونسنيور Scicluna: "الإرادة الذاتيّة "حماية قدسية الأسرار" تتحدث عن "جريمة مع القاصر". هذا لا يعني فقط العلاقة الجسديّة أو الإعتداء المباشر فقط بل تشمل أيضاً الإعتداء غير المباشر (على سبيل المثال: إظهار صور إباحيّة للقاصرين، التعريّ عن الذات أمام القاصر). فإنّه يشمل أيضاً  تحميل مواد إباحيّة، على سبيل المثال من الإنترنت. هذا النوع من السلوك وفقاً للممارسة المتبعة في مجمع عقيدة الإيمان يندرج تحت عنوان الجريمة الخطيرة. وفيما يتعلّق، بالجريمة الجديدة "مواد إباحية عن القاصرين"، فإنّ حدّ لعمر هو نفسه، لكن يبدأ من اليوم الذي إرتكبت فيه الجريمة، لأنه من غير الممكن ماديّاً تتبّع كلّ تواريخ الولادة للقاصرين المبيّنة في الصور. من الواضح، خلافا لجريمة الإعتداء على القاصرين، فإنَّ جريمة المواد الإباحيّة لا تعاقب على سلوكيّات الجانح "بقصد إيجابيّ وهو إشراك القاصر في أعمال البغاء والموادّ الإباحيّة"، لكن يهدف بشكل حصريّ إلى "معاقبة" المستهلك لهذه الموادّ". إنّ طريقة المعالجة الجنائيّة هي نفسها، لكلّ من الواقعتين الجنائيّتين، لأنّ اقتناء وحيازة ونشر المواد الآباحية، لها عواقب إجتماعيّة خطيرة.

 

مع هذا المصطلح من الضروريّ توضيح أشكال مسؤوليَّة السُّلطة الكنسيّة في الحالة الإعتداء الجنسي التي يرتكبها الإكليريكيّ.  يتضمّن الشَّرع الكنسيّ الكثير من القوانين التي تعطي أسقف الأبرشيَّة سلطات أو واجبات متعلّقة بالإكليريكيّين المنتمين إلى أبرشيته. بموجب القانون اللاتينيّ 391 البند 2، الأسقف الآبرشي يحكم الكنيسة الخاصّة الموكلة إليه بسلطات تشريعيّة وتنفيذيّة وقضائيّة. وهذه السلطات التي يخضع لها الإكليريكيّون، لا تنشىء أيّ واجب لمنع أحداث محدّدة قد يرتكبها إكليريكيّ منتم إلى أبرشيته. أقرّ الشَّرع الكنسيّ العديد من القوانين التي تعطي لأسقف الأبرشيَّة سلطات أو إلتزامات متعلّقة بالإكليريكيّين المنتمين إلى أبرشيته. لم يذكر الشَّرع أن من واجبات الأسقف الإشراف على السلوكيّات الشخصيّة للإكليريكيّين، وبوجه خاصّ، سلوكيّات لا علاقة لها بخدمتهم.

 

من الواضح، أنّ الأسقف ليس المسؤول المباشر عن أيّة جريمة قد يرتكبها الإكليريكيّ، وبالتأكيد لا يمكن أن يستدعى بموجب القانون الجنائيّ أمام محاكم الدولة. ولكن من نافلة القول أنّه في حال عدم السهر،  والإهمال في إتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع تكرار الجريمة، أو لحماية الضحايا، يقع الأسقف أمام مسؤوليَّة حقيقيّة. يكفي أن نتذكر القانون اللاتيني 1389 البند 2 الذي ينصّ على عقوبة عادلة "لمن بإهمال مسؤول منه، قام أو أهمل القيام بعمل من أعمال السُّلطة أو الخدمة أو الوظيفة الكنسيّة، دون سبب مشروع". فالأسقف ضمن ولايته القضائيّة، إذا كان على علم بسلوك إكليريكيّ ضدّ البتوليّة، عليه أن يتدخّل ويحثّ على مراعاة القانون الكنسيّ. عملياً، على الرئيس الكنسيّ الذي هو على بيّنة من سوء سلوك الإكليريكيّ يجب أوّلا التحقيق والتعمّق بالمعلومات التي وردت إليه. فمسؤوليَّة التعامل مع حالات الإعتداء الجنسي ضدّ القاصرين هي أولاً مسؤولية الأساقفة  أو الرؤساء الأعلى. وعلينا أن نتذكّر كلام البابا القدّيس يوحنَّا بولس الثاني القوي في خطابه يوم الخميس المقدّس  لعام 2002: "في هذا الوقت، أيضاً، ككهنة، أعاني شخصيّا وبعمق خطايا بعض إخواننا الذين خانوا النعمة التي حصلوا عليها من السيامة الكهنوتيّة، باستسلامهم لأسوء مظاهر سرّ الآلم mysterium iniquitatis في العالم. وسبّبوا شكوكاً خطيرة، ممّا يترتب عليها وضع سائر الكهنة وسط ظلال قاتمة من الشكوك على هؤلاء الذين يؤدون خدمتهم بصدق وبنزاهة وغالبا بمحبَّة بطولية. في حين أن الكنيسة تعرب عن إهتمامها بالضحايا، وتسعى جاهدة للردّ بالحقيقة والعدالة لكلّ حالة مؤلمة، نحن جميعا ندرك ضعف الإنسان، ولكن لدينا الثقة بقدرة النعمة الإلهيَّة على الشفاء -مدعوّون إلى تبنّي "سرّ الصليب" وإلى المزيد من الإلتزام في السعي وراء القداسة. علينا أن نصلي لكي يثير الله، بعنايته، في القلوب الإلتزام السخي والمتجدّد لمثاليّة إعطاء الذات الكامل للمسيح الذي هو أساس الخدمة الكهنوتيّة".

 

أقرَّ المجلس الحبريّ للنصوص التشريعي بتاريخ 12 شباط 2004 مذكّرة والتي تبدو أنّها وُضعت لإستبعاد العلاقة التي نشأت من التبعيّة التي لها آثار مماثلة داخل المجتمع المدنيّ في العلاقة بين ربّ العمل والموظف". تشير المذكرة إلى "واجب طاعة الإكليريكيّين لرئيسهم الكنسيّ بشكل عامّ (ق. لاتيني 273)، و"وكذلك واجب "سهر الأسقف على حياة الإكليريكيّين (ق. لاتيني 384). وواجب الأسقف في السهر، بالنسبة للمجلس الحبريّ لا يشكّل واجباً معمّماً يهدف إلى التحقّق من سلوكيّات حياة للإكليريكيّين، ولكن يتعلّق فقط بالجانب الخدماتيّة. تؤكّد الملاحظة تؤكّد في استنتاجاتها أيضاً أنّ الكاهن الأبرشيّ "يتمتّع بالإستقلاليَّة في إتّخاذ القرار سواء في ممارسة خدمته أو في حياته الشخصيّة والخاصّة، مؤكّدة أيضاً أنَّ أسقف الأبرشيَّة لا يمكن اعتباره قانونيّاً مسؤولاً على الأفعال التي، لمخالفتها قواعد الكنيسة الجامعة والخاصّة، الكاهن يتمّم في المجال هذه الإستقلاليَّة". و"يعتبر هذا المجلس الحبريّ أنّ أسقف الأبرشيّ بشكل عامّ وفي حالة محدّدة من جريمة الإعتداء على القاصرين التي إرتكبها كاهن من أبرشيته الخاصّة، ليس لديه المسؤوليَّة القانونيّة على أساس التبعيّة الكنسيّة القائمة بينهما". في  واقع الملاحظة التفسيرية الصادرة عن المجلس الحبريّ للنصوص التشريعيّة (رقم II) الأمر نفسه:" العلاقة التبعيّة بين الكهنة والأسقف محدّدة ضمن نطاق ممارسة الكهنة لخدمتهم التي يجب أن يمارسونها في الشَّركة مع السُّلطة الكنسيّة وأسقفهم" .على أساس تبعيّة العلاقة بين الأسقف والكاهن:"يستطيع الأسقف الآبرشي أن يكون مسؤولا فقط بشأن واجب الإشراف، ولكن هذا فقط في ظلّ شرطين: أ ) إذا كان الأسقف غير مهتّم في وضع المساعدة اللازمة التي يتطلبها القانون الكنسيّ (رقم 4، أ)؛ ب) إذا كان الأسقف على علم بالأعمال الإجراميّة التي إرتكبها الكاهن، ولم يتّخذ العلاجات الرعويَّة المناسبة (رقم 4، ب ).

 

في النصّ الجديد "للمبادئ التوجيهية في حالات الإعتداء الجنسي مع القاصرين من طرف الإكليريكيّين" أصدر مجلس الأساقفة الإيطالي الدائم، نجد ما يلي: "في التشريع الإيطالي، كون الأسقف لا يتمتّع بمهمّة عامَّة رسميّة ولا أنّه يمتلك مهمّة الخدمة العامَّة، فليس لديه واجباً قانونيّاً –ما عدا الواجب الأخلاقيّ في الإهتمام بالخير العام- بأن يبلغ السُّلطة القضائيّة المدنية عن أخبار عُلم بها حول وقائع غير شرعيَّة تدخّل ضمن موضوع الخطوط الدليل الحالي". وفي الاتجاه نفسه، أصدر مجمع عقيدة الإيمان رسالة بتاريخ 16 أيار 2011 موجّهة لمؤتمر الأساقفة حول المباديء التوجيهية لحالات الإعتداء الجنسي مع القاصرين من قبل الإكليريكيّين. هذه المبادئ التوجيهية، تأخذ بعين الإعتبار الملاحظات التالية : أ) مفهوم " الإعتداء الجنسيّ مع القاصرين " يجب أن يتطابق مع تعريف الإرادة الذاتيّة "حماية الأسرار المقدّسة" المادّة 6، ومع الممارسة التفسيرية وأحكام مجمع العقيدة والإيمان، مع مراعاة القوانين المدنيّة للبلاد؛ ب) ينبغي أن يُعامل الشَّخص الذي يقدّم الشكوى عن الجريمة بإحترام. وفي الحالات التي يتم فيها الإعتداء الجنسيّ مرتبطاً بجريمة أخرى ضدّ كرامة سرّ التوبة (المادّة 4)، لمقدّم الشكوى الحقّ في المطالبة بعدم الكشف عن اسمه للكاهن (المادّة 24)؛ ج) تلتزم السلطات الكنسيّة بتقديم المساعدة الروحيَّة والنفسيّة للضحايا؛ د) يتم إجراء التحقيق حول الإتَّهامات مع واجب مراعاة مبدأ الخصوصيَّة وسمعة الشَّخص؛ و) ما لم تكن هناك أسباب قاهرة تحيل دون ذلك، في مرحلة التحقيق الأوّلية، يتم إعلام الإكليريكيّ المتَّهم بالتهم مع فرصة الردّ عليها؛ و) الهيئات الاستشارية التي لها مهمّة السهر والتمييز بين الحالات الفرديّة، في حال وجدت في مكان ما، لا ينبغي أن تحل محل الحكم وسلطة حكم الأساقفة؛ ز) المبادئ التوجيهية يجب أن تاخذ بعين الإعتبار تشريع البلد للمؤتمر، وخاصّة فيما يتعلّق بالإلتزام بإبلاغ السلطات المدنية؛ ح ) وفي حال إتّخاذ إجراءات تأديبيّة أو جنائيّة بحق الإكليريكيّ المتَّهم فيجب تأمين معيشة عادلة وكريمة له؛ ط ) تستبعد عودة الإكليريكيّ إلى الخدمة العامَّة إذا كانت هذه الخدمة خطرة على الأطفال أو تسبّب شكاً للمجتمع".

 

الواجب الأوّل للرئيس الكنسيّ أو الرئيس الأعلى في إطار التحقيق الأوّلي لادعاء الاعتداء الجنسي على قاصر من قبل إكليريكيّ هو تحديد ما إذا كانت الجريمة قد وقعت، ومعالجة الإصابات التي تعرض لها الضحيّة والمجتمع ككلّ، وتحديد بطريقة أفضل كيف يمكن إصلاح هذه الأضرار.

 

فيما يخصّ إصلاح الأضرار يمكننا اعتماد المبادئ الواردة في القانون اللاتيني 128 والقانون الشَّرقي 935: "على كل مَن تسبّب بضرر للغير، بإجراء قانونيّ صدر بصورة غير شرعيَّة، أو بأي إجراء قانونيّ آخر إتخذ بدافع التدليس أو بذنب منه، أن يُعوّضهم عن الضرر الذي تسبّب به". في كلّ الأحوال فإنَّ الواجب القانونيّ بالمطالبة بالتعويض عن الأضرار هو من أسس الشَّرع الطبيعيّ. ويعتبر إصلاح الأضرار في القانون الكنسيّ حقّاً شخصيّاً حقيقيّاً للمؤمن المتضرر، ومحميّاً صراحة من القانون اللاتيني 1491والقانون الشَّرقي 1149، الذي ينعكس في إجراءات المحاكمة التي تعتمد على مختلف أسباب التضرّر: حسب ما إذا كانت الأعمال إجراميّة أو جنائيّة، أو إداريّة. في التنظيم التشريعيّ الكنسيّ يتجاوز إصلاح الأضرار البعد الفرديّ، فليس الهدف من الإصلاح تلبية المتضرر، بقدر ما هو إستعادة الوضع الذي انتهك من الضرر الظالم. وإصلاح الضرر، لا يعني تعويض الجانب الاقتصاديّ فقط، ولكن، خاصّة في حالة الأضرار الروحيَّة والأخلاقيّة، لا بد من وضع التدابير اللازمة لإستعادة العدالة المتضررة، وفقاً لإجراءات محدّدة يعرفها الشَّرع الكنسيّ  من خلال تعابير تطبيقيّة.

 

العلاقة بين حكم الولاية الكنسيّة وحكم الولاية القضائيّة الجنائيّة المدنية

 

إنّ وقائع حالات الإعتداء الجنسي على القاصرين في القضاء الكنسيّ ينبغي النَّظر إليها من وجهة نظر القانون الكنسيّ مع الأخذ بعين الإعتبار التقييم في ما يتعلّق بالتحقيق المدني. فالمسألة تتعلّق بالعلاقة بين سلطتين. والمشكلة هي كيف يمكن تحقيق هذا التعاون بين السلطتين، وخصوصاً عندما يُطلب من السُّلطة الكنسيّة واجب تقديم الشكوى إلى السُّلطة المدنية عندما يكون المتَّهم إكليريكيّاً والسُّلطة الكنسيّة كان لها علم خارج حرمّة سرّ الإعتراف. وضح المونسنيور Scicluna المحامي عن العدل في مجمع عقيدة الإيمان في مقابلة مع المستقبل في آذار 2010: "في بعض البلدان ذات الثقافة الأنجلوسكسونية القانونيّة، وأيضاً في فرنسا، إذا علم الأساقفة بجرائم إرتكبت من كهنتهم من خارج سرّ الإعتراف، هم مضطرون إلى التبليغ عنهم إلى المحكمة القضائيّة. وهذا يُعدّ واجباً خطيراً لأنّ هؤلاء الأساقفة مجبرين على قيام بفعل مماثل الذي يتممّه أحد الوالدين الذي يبلغ عن ابنه. ومع ذلك، فإنَّ دليلنا في مثل هذه الحالات هو إحترام القانون"، وأيضاً في الحالات التي ليس فيها هذا الواجب،" نحن لا نفرض على الأساقفة التبليغ عن كهنتهم، لكن نشجعهم على التوجّه نحو الضحايا لدعوتهم إلى التبليغ عن هؤلاء الكهنة الذين وقعوا ضحاياهم. كما ندعوهم لتقديم كل مساعدة روحيَّة، وليس الروحيَّة فقط، لهؤلاء الضحايا. في حالة وقعت مؤّخراً تخصّ كاهن أدين من قبل محكمة مدنية ايطالية، فهذا المجمع هو من أوصى المبلّغين، الذين توجّهوا إلينا للمحاكمة الكنسيّة، لمناشدة السلطات المدنية لمصلحة الضحايا، ولتجنب جرائم آخرى".

 

في الوقت نفسه ينبغي الحفاظ على المعايير الأساسيّة التي تشكل الإجراء القانونيّ، بخصوص تشكيل وسريّة الأدلة، وحماية حميمية الأشخاص من ألفة وسكن وإمكانيّة الوصول إلى وثائق، لكون عمل المحاكم الكنسيّة وقيمته مستمدتان من استقلالهما ومن سيادة الكنيسة في النّظام الروحيّ. لذلك فإنَّ مسار المحاكمة القضائيّة الكنسيّة لا يمكن أن يكون ضمن هذا السياق عرضة لتدخل لا مبرر له، من تعديلات من نوع الضغوط أو الخوف من السُّلطة القضائيّة المدنيّة فإنّ النموذج لاكتساب البيّنات يجب أن تتبع الأحكام التي نصّ عليها الشَّرع الكنسيّ الحاليّ (قوانين 1526-1586). كما أنَّ التعاون مع السلطات القضائيّة المدنية يجب أن لا يلغي أبداً أو أن يقلّل من حماية الخصوصيَّة بل تتطلّب مراقبة أكبر. وهذا فيما يتعلّق بجريمة الإعتداء على الأطفال إرتكبه إكليريكيّ أو راهب أو علماني يعمل في مؤسّسات كنسيّة.

 

في هذا الصدد نستذكر كلمات الكاردينال Bagnasco رئيس مؤتمر أساقفة إيطاليا، في مقابلة مع صحيفة الشمس 24 ساعة يوم 11 نيسان2010 التي تنص على: "البابا بنديكتوس السادس عشر، (...) إتخذ موقفاً صارماً ليس في الآونة الأخيرة فقط، عبر القيام بإجراء شديد في الفحص الذاتيّ الذي يقود الكنيسة إلى تطهير نفسها من أفراد لطّخوا وللأسف الصورة والمصداقية. لكنّ هذا العمل الدؤوب من التنظيف - الذي يشمل بشكل واضح تعاوناً حقيقيّاً وسليماً مع السُّلطة القضائيّة - لا يمكن أن يمحو الألم وخيبة الأمل في الضحايا: أطفال وشباب الذين تم خيانتهم لكونهم وضعوا ثقتهم بهم بشكل عفوي". يكرّر الكاردينال ما كتب من قبل البابا بنديكتوس السادس عشر في رسالته الى كاثوليك ايرلندا بتاريخ 19 آذار 2010 (رقم 11): "إنني أقدر الجهود التي بذلتموها لتصحيح أخطاء الماضي ولضمان بأن لا تتكرر. بالإضافة إلى التَّنفيذ الكامل لقواعد القانون الكنسيّ في حالات الإعتداء على الأطفال، واصلوا التعاون مع السلطات المدنية الخاضعين لولايتها".

 

وفي نفس الاتجاه نفسه أصدر مجمع عقيدة الإيمان رسالة بتاريخ 16 أيار 2011 موجّهة إلى مؤتمر الأساقفة حول الخطوط التوجيهيّة لحالات الإعتداء الجنسي مع القاصرين من قبل الإكليريكيّين، يذكّر بما قلناه أعلاه، بأنّه في فصل بعنوان "التعاون مع السلطات المدنية"، يؤكّد: "الإعتداء الجنسيّ على القاصرين ليس مجرد جريمة كنسيّة ولكن أيضاً جريمة يحاكم عليها الفاعل من السُّلطة المدنيّة. على الرَّغم من أن العلاقات مع السلطات المدنية تختلف في مختلف البلدان، ولكن من المهم التعاون معهم في إطار اختصاصاتهم. على وجه الخصوص، ينبغي دائماً أتباع  أحكام الشَّرع المدني فيما يخصّ الآبلاغ عن مثل هذه الجرائم إلى السلطات، دون المساس بالمحكمة الباطنيّة الأسراريَّة. بشكل بطبيعي، هذا التعاون ليس فقط عند حالات الإعتداء التي يرتكبها الإكليريكيّون، بل تشمل أيضاً تلك الحالات التي تنطوي على إساءة معاملة شخصيّة الراهب أو العلماني الذين يعملون في المؤسّسات الكنسيّة".

 

العقوبة الكنسيّة

 

يبدو أنَّ القواعد العامَّة المنصوص عليها والمطبّقة على الإكليريكيّين تطبَّق أيضاً على الإكليريكيّين الرهبان مع بعض الخصوصيّات الناشئة عن النّظام الداخليّ للمؤسّسة بشأن التحقيقات والدور المحفوظ للمشرف الأعلى ولمجلسه. لكنّ المشرّع الكنسيّ لم يقل إنّ الرهبان غير الإكليريكيّين الذين إرتكبوا الأفعال المذكورة في القانون اللاتيني 1395 هم من مرتكبي هذه جرائم، لأنّ هذا القانون يتحدث فقط عن الإكليريكيّين. فالراهب الذي يرتكب وقائع جزائيّة مشار إليها في القانون 1395 لا يمكن معاقبته، بسبب أنه لم يرتكب جريمة، فيُفرض عليه نوع آخر من العقوبات. إذا كان مرتكب هذه الجرائم المذكورة في القانون 1395 راهباً، فالعقوبة هي الفصل الإلزاميّ من مؤسّسة الحياة المكرّسة، "ما لم يرَ الرئيس، في ما يتعلّق بالجرائم المشار إليها في القانون 1395 البند 2، أنّ الفصل ليس ضروريّاً ضرورة مطلقة، وأنّه يمكن إصلاح العضو وإعادة العدالة، والتعويض عن الشكّ بطريقة أخرى مناسبة وكافية". في هذه الحالة، بعد أن يجمع الرئيس البيّنات المتعلّقة بالوقائع والمسؤوليَّة، يبلَّغ الراهب بالتهمة والبيّنات، ويسمح له بالدفاع عن نفسه. وجميع الأعمال الموقّعة من الرئيس والراهب نفسه، يجب أن ترسل إلى الرئيس الأعلى للرهبنة. وهذا ينطبّق على أعضاء المؤسّسات العلمانية بموجب القانون اللاتيني 729: "يجري فصل العضو من المؤسّسة بموجب أحكام المادتين 694 و695؛ بالإضافة إلى ذلك، فإن القوانين الأساسيّة تُحدِّد أسباباً أخرى للفصل، شريطة أن تكون أسباب خطيرة نسبياً وخارجيّة، وتُنسب مسؤوليتها إلى العضو، ومثبتة قانوناً، كما يجب الرجوع إلى الإجراءات المقرّرة في القوانين 697 - 700. أما العضو المفصول، فتسري عليه أحكام القانون 701"؛ ولأعضاء جمعية الحياة المكرّسة بموجب القانون اللاتيني 746: "أما بشأن فصل العضو ذي العضوية النهائيّة، فيجب الرجوع إلى القوانين 694- 704، مع إجراء التعديلات المناسبة حيث تلزم". ونحن نعلم أنَّ الفصل من الحالة الرهبانيّة هو في حدّ ذاته ليس بعقوبة، سواء دوائيّة أم تكفيريّة. وإذا كان عقوبة، ستكون عقوبة دائمة ينبغي فرضها من خلال إجراء قضائيّ (ق.لاتيني 1342 البند 2). هناك من يقول أنَّ إجراء الفصل هو ذا طبيعة إداريّة، غير جزائيّة.

 

في حال كانت الجريمة المرتكبة ضدّ قاصر دون سن الثامنة عشرة ينبغي طلب القواعد التي يتعيّن اتّباعها في هذه الحالة من مجمع عقيدة الإيمان وتعود في نهاية المطاف إلى المجمع نفسه مهمّة تطبيق العقوبة (المحكمة التي نشأت في المجمع ستكون حصريّا المختصّة في حالة الإستئناف).

 

أرسل الكاردينال جوزيف راتسينجر رسالة خطّيّة بتاريخ 19 شباط 1988 بصفته رئيس المجمع المقدس لعقيدة الإيمان، إلى رئيس اللجنة الحبريّة للتفسير الرسميّ للنصوص التشريعيّة. وكان المجمع المقدس لعقيدة الإيمان، في ذلك الوقت هو المختصّ بدراسة طلبات التفسيح من الإلتزامات التي تعهّد بها الكهنة برسامتهم الكهنوتيّة. في الحقيقة، وجد الكاردينال جوزيف راتسينجر نفسه أمام طلبات قدّمها كهنة ارتكبوا أفعالا خطيرة وفاضحة. وكان مجمع عقيدة الإيمان يمنحهم التفسيح الكهنوتي، الذي بطبيعته، يأخذ شكل "نعمة"، بدلا من الحصول على "عقاب". ونظرا لتعقيد الإجراءات المنصوص عليها بهذا الصدد في الشَّرع الكنسيّ، من المرجّح أنّ بعض الأساقفة واجهوا العديد من الصعوبات في تنفيذها. فأمل الكاردينال جوزيف، أن تُنجز الإجراءات القانونيّة بشكل سريع وبسيط. عكست الرسالة النفور الطبيعيّ لنظام العدالة في منح الإعفاء من الإلتزامات الكهنوتيّة "كفعل نعمة" الشيء الذي يتطلّب فرض عقوبة الفصل من الحالة الإكليريكيّة. ولأننا نرغب تجنُّب "التعقيدات التقنيّة" للإجراءات التي وضعها الشَّرع لمعاقبة سلوكيّات إجراميّة، في الواقع، كان يلجأ أحياناً إلى "طوعيّة" الطلب من قبل الجانح بأن يتخلّى عن الكهنوت. بهذه الطريقة، كنّا نصل إلى نفس النتيجة "العمليَّة" بطرد الشَّخص من الكهنوت -إذا كانت هذه العقوبة المنصوص عليها -وتجاوزاً في الوقت نفسه لكلّ الإجراءات القانونيّة "المملّة". بهذه الطريقة، لا يمكن تطبيق العدالة وعدم الاكتراث لخير المؤمنين.

 

أجاب الكاردينال كاستيلاو لارا رئيس المجلس الاستشاريّ الحبريّ للنصوص التشريعيّة في 10 آذار 1988، على طلب الكاردينال جوزيف راتسينجر: "نفهم قلق سماحتكم من أن الأساقفة المعنيين لم يمارسوا قبلا سلطتهم القضائيّة لمعاقبة بشكل كاف، ولحماية الصالح العام من هذه الجرائم، ومع ذلك، فإن المشكلة لا تبدو في الإجراء القانونيّ لكن في الممارسة المسؤولة لمهمّة الحكم. في الشَّرع الحالي تم تحديد بوضوح الجرائم التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان الحالة الإكليريكيّة: يمكن قراءتها في القوانين 1364 البند 1، 1367، 1370، 1387، 1394 و 1395. وفي نفس الوقت تم تبسيط الإجراء مقارنة مع الأنظمة السابقة من الشَّرع الكنسيّ لعام 1917، مما جعلها أسرع وأكثر مرونة، أيضاً لهدف تحفيز الرؤساء الكنسيّين على ممارسة سلطتهم من خلال حكم ضروريّ على المذنبين "حسب الشَّرع" وتطبيق العقوبات المنصوص عليها. في محاولة لتبسيط الإجراءات القضائيّة لفرض عقوبات أو إعلان عقوبات خطيرة كالفصل من الحالة الإكليريكيّة، أو تغيير النّظام الحالي القانون اللاتينيّ 1342 § 2، الذي يمنع الإجراء في هذه الحالات بقرار إداريّ غير قضائيّ (ق. 1720)، لا يبدو أنّه مناسب. في الواقع، من ناحية فإنّه يعرّض للخطر حقّاً أساسيّاً للدفاع -في القضايا التي تؤثّر على حالة الشَّخص -في حين من الجانب الآخر يفضّل التوجّه القابل للتضرّع – ربما لعدم المعرفة المستوجبة أو بسبب تقدير للقانون -إلى سوء فهم حكم ما يسمّى "الرعويَّة"، الذي هو في الأساس ليس راعويَّاً، لأنه يؤدّي إلى إهمال ممارسة السُّلطة المستوجبة مع ضرر لخير المؤمنين العام. أيضاً في المراحل الصّعبة الأخرى من حياة الكنيسة، من إرتباك في الضمائر وتخفيف التنظيم الكنسيّ، فإنّ الرعاة المقدّسين لم يفتقروا إلى الممارسة سلطتهم القضائيّة، لحماية الخير الأعلى "خلاص النّفوس".

 

في السنوات التي تلت منذ العام 2001، وعلى أساس الخبرة القانونيّة التي ظهرت، حصل رئيس المجمع المقدّس لعقيدة الإيمان من البابا على صلاحيّات جديدة وتفسيحات مختلفة للتعامل مع حالات مختلفة. في الوقت نفسه وصلت إلى القناعة بأن "نعمة" التفسيح من الاعباء الكهنوتيّة وما يترتب عليهم من إسقاط إلى الحالة العلمانيّة للإكليريكيّين المتَّهمين بإرتكاب جنح خطيرة جدّاً هي نعمة لخير الكنيسة العام.

 

في بعض الحالات إذا رأى الأسقف الآبرشي أنَّ عليه واجب فصل المتَّهم من الحالة الإكليريكيّة، وأن يطلب من المجمع تطبيق العقوبة بقرار. وبالإضافة إلى ذلك، غير مسموح الإستئناف إلى محكمة التوقيع الرسوليّة ضدّ أحكام صدرت بواسطة إجراء إداريّ لهذا المجمع فيما يتعلّق بالجرائم الخطيرة. أقرَّ الحبر الروماني بتاريخ 14 شباط 2003 أنظّمة خاصّة بخصوص اللجوء للطعن ضدّ بعض الأعمال الإداريّة الناجمة عن مجمع عقيدة الإيمان، بأن يتم توجيهه إلى Feria الرابعة التي ستقرر بشأن الموضوع. ويضمن الحبر الروماني مجمع صلاحية منح صحّة إجراء الأعمال الصادرة عن المحاكمة السفلى.

 

التقادم في جريمة الإعتداء الجنسي على القاصرين

 

في عام 2003، حصل الكاردينال جوزيف راتسينجر من البابا القدّيس يوحنَّا بولس الثاني على بعض الصلاحيّات الخاصّة لتوفير المزيد من المرونة في الإجراءات الجنائيّة في حالات الجرائم الخطيرة، بما في ذلك إستخدام إجراء العقوبات الإداريّة وطلب الفصل بحكم المنصب في الحالات الخطيرة. أُدخلت هذه الصلاحيات في إعادة النَّظر بالإرادة الذاتيّة التي وافق عليها قداسة البابا الفخريّ بنديكتوس السادس عشر في 21 أيار2010. وبموجب القواعد الجديدة، فإنَّ فترة التقادم هي 20 سنة، والتي في حالة الإعتداء على القاصرين، تحسب من الانتهاء سن الثامنة عشرة من عمر الضحية. ويستطيع مجمع عقيدة الإيمان استثناء التقادم في حالات خاصّة.

 

نظمّت المادّة 6 من الإرادة الذاتيّة "حماية قدسية الأسرار" لعام 2010 واقعة الجريمة الخطيرة ضدّ الأخلاق أي الإعتداء الجنسي على القاصرين إرتكبها إكليريكيّ (ق. 1395 البند 2). وهذا ليس فقط من خلال رفع عمر الضحية من 16 سنة إلى 18 ولكن بإدخال سلوكيين جديدين: الأوّل يخصّ مساواة الشَّخص عمره أقل من 18 سنة مع "الشَّخص الذي عادة لديه نقص في إستخدام العقل" (المادّة 6 البند 1 رقم 1) وكأنّ هذه المساواة هي بمثابة تطبيق لافتراضية عدم الاهلية القانونيّة.