موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٦ سبتمبر / أيلول ٢٠١٦
الأب حنا كلداني يستعرض مراحل بناء كنيسة "شهداء الأردن" ورموزها

عمّان – الأب د. حنا كلداني :

في يوم ما من عام 2005 كان سيادة المطران سليم الصائغ في زيارة لأمريكا، وزار هناك المرحوم جميل النبر أبو صالح في نيويورك. وقد أبدى أبو صالح رغبته في بناء كنيسة في الأردن، ووقع اختيار الاثنين معًا على مرج الحمام. ولما عاد المطران إلى عمّان اتصل بي قائلاً: "أبشرك سوف نعمر كنيسة في رعيتك بترع كريم من أبو صالح، وباشر بعمل المخططات". وبعد أن انتقل المرحوم أبو صالح إلى ملكوت السماوات سنة 2006، تابعت أم صالح المشروع هي وأبناؤها وشقيق المرحوم شفيق النبر، بزياراتهم للموقع والتبرعات السخية، وكذلك أبناء الرعية وأصدقاء الرعية في الأردن والخارج، للإسهام في المشروع الذي استمر عشر سنوات بين العمل والتعثر وتوقف التمويل إلى أن وصلنا إلى هذا اليوم. وأولى البطريرك ميشيل صباح رعايته للمشروع وبارك حجر أساس القاعة في 18/9/2007. أشكر كل الذين تبرعوا لبناء القاعة والكنيسة، وافتخر بهم جميعًا، ولاسيما بأبناء رعيتي في مرج الحمام، فكرمهم وسخاؤهم قل نظيره تجاه بيت الله، فعدا تبرعاتهم في بداية المشروع، فقد تبرعوا مؤخرًا بالأثاث والثريات والإيقونات والملابس الليتورجية.

أرحب بسيدنا البطريرك فؤاد وبجميع الحضور، وأذكر المؤمنين بمقولة سلفكم الطيب الذكر البطريرك منصور براكو في القرن التاسع عشر لكاهن الكرك الأب الكسندر مكانيو: "هذا الشعب كن له محترمًا وأحببه، فمنه سوف يخرج الكهنة والأساقفة والبطاركة وبُناة الكنائس". فبناء الكنيسة هو إحدى معطيات النضوج الكنسي المسيحي الذي بلغ سن الرشد، وبنا كنائسه وأدار مؤسساته، وحافظ على الطابع المحلي للكنيسة الأورشليمية بجانب دورها المسكوني. وبناء الكنيسة يدل أيضًا على الاستقرار والأمن والأمان الذي ينعم به الأردن بشعبة الطيب وبقيادته الهاشمية وعلى رأسها جلالة سيدنا الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم. فبينما نرى من حولنا في سوريا والعراق كنائس ومساجد وأديرة وصوامع تهدم وتسوى بالأرض، فها نحن في أردن الازدهار والاستقرار والرخاء نبني ونصلي ونحتفل، نسأل الله أن يديم هذا النعمة علينا، وان يهبها لكل شعوب العالم.

مبروك لسيدنا البطريرك فؤاد، ولأسقفنا بييرباتيستا، ولمطراننا مارون لحام، مبروك للأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والمكرسين والمكرسات ولكل الشعب. مبروك لرعيتنا كبارًا وصغارًا، رجالاً ونساء، ولضيوفنا، ولراهباتنا، مار يوسف والوردية وكل الرهبانيات، والحركات الرسولية في رعيتنا: أخوية السيدات، التي كانت من أول الداعمين للمشروع، الشبيبة، عائلات مريم، العائلة المقدسة، الخبر السار، وأخوية صديقات أميلي دي فيلار، للمرنمين وخدام الهيكل والكشافة. لقد انتظرنا هذه الكنيسة على حد قول الكتاب المقدس: "كانتظار الرقباء للصبح والساهرين للفجر... فإن عند الرب الرحمة وعنده فداء كثير"، نعم انتظرنا باشتياق ولهفة شهداء الأردن مثل سمعان الشيخ وحنه النبية ملازمي الهيكل بانتظار رؤية الطفل المخلص.

"أمرًا واحدًا طلبت من الرب وإياه فقط ألتمس: أن أقيم في بيت الرب كل أيام حياتي، لأشاهد جمال الرب وأتأمل في هيكله" (مزمور 26: 4). نعم هذا بيت الله والناس، هذه كنيسة شهداء الأردن الأماجد، إنها كالعروس الخارجة من خدرها، وكحمامة نوح. ما أجملها وأرشقها وأهيبها، إنها باسمة غير عابسة، مضيئة غير معتمة، رحبة غير ضيقة، طويلة معنقة، فارهة دافئة فاخرة. ألا يحق لي أن أتغزل بشهداء الأردن؟ إنها "لمجد الله الأعظم".

نعم، تأملوا في جمالها وانظروا من حولكم، الصليب المهيب فوقكم، والضابط الكل تمجده الملائكة يسهر عليكم، وبيت القربان، وهو هدية من البابا فرنسيس أمامكم، والهيكل البابوي البنيدكتي يتربع في وسطكم، وأهل السماء يحرسونكم ويصلون معكم وفيكم وعليكم. مريم العذراء، مار يوسف، يوحنا المعمدان، زينون وزيناس. وانظروا خلفكم وسلموا على أحبائكم وقديسيكم تسليمًا طيبًا كريمًا كثيرًا: البابا يوحنا بولص الثاني، ماري ألفونسين، مريم يسوع المصلوب، مار شربل، مار فرنسيس، اميلي دي فيلار، الأم تريزا، بادري بيو. ومن ثم كوكبة من قديسي الأردن وبلاد الشام من فجر المسيحية: يوحنا الدمشقي، موكيموس الفيلادلفي، اليان العماني، دمياني البترائية، مريم المصرية، وجراسيموس الأردني.

سأستعرض لكم بعض ملامح هذه الكنيسة ورموزها:

الصليب المقدس، وأجراس الكنيسة من ألمانيا، من كنائس قديمة.

الزجاج المعشق من لبنان ويمثل شهداء الأردن يوحنا المعمدان، وخلفه قلعة مكاور ورأسه على الأرض الأردنية وترمز إليه النقوش المستوحاة من الفسيفساء الأردنية. أما زينون وزيناس فقد استشهدا في عمان في الثالث والعشرين من حزيران سنة 304 ، ويرمز إلى عمان بالمدرج الروماني والفسيفساء الأردنية.

الهيكل والمقارىء ومزار العذراء ومار يوسف: وقد تم انتهاجها في الأردن وهي التي قدمها فارس القبر المقدس السيد أكرم كريم لقداسي البابا بندكتس وفرنسيس في زيارتهما للأردن.

الزجاج المعشق في الشبابيك الجانبية: من كنيسة أزيلت في ألمانيا، أما الزجاج في الأعلى فمن كنيسة اللويبده، وقد أخذناه وأجرينا عليه الصيانة اللازمة بعد أن أزيل من كنيسة اللويبده. وشمعدانات الهيكل من كنيسة المصدار.

الإيقونات، من تصميم وإنتاج السيد سمير خوري، وهي إيقونة الضابط الكل في أعلى الكنيسة، قديسو الكنيسة الكاثوليكية في الوسط، أما على الجوانب فإيقونات القديسين المشتركين بين الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية الشقيقة. وقد عاش هؤلاء القديسون في أردننا الحبيب وبلادنا العربية المجاورة. وفي الكنيسة أربع شعارات، وهي للكرسي الرسولي، البابا فرنسيس، الشعار البطريركي لسيدنا فؤاد وشعار فرسان القبر المقدس.

كرسي الاعتراف، وهو كرسي قديم وهدية من رعية السلط وفوقه لوحة لبادري بيو، وهي مأخوذة من زجاج معشق في كنيسة في فينيكس، اريزونا، الولايات المتحدة الامريكية.

جرن العماد: من حجر الأردني الصلب كصلابة الأردن، وصلابة ايماننا المسيحي. ولوحة المعمودية هي نسخة من لوحة موجودة في كنيسة مادبا والصليب من بيت لحم.

إن مشروع الكنيسة والقاعة لم يكتملا بعد، فلا يزال ينقصنا مصعد الكنيسة، أثاث القاعة وتجهيز مطبخ القاعة.

ولا يسعني أخيرًا أن أشكر كل المتبرعين في المشروع فأسمائهم في سر الله وفي لوحة عند كرسي الاعتراف مع صور لمراحل بناء الكنيسة. وأشكر كل الأساقفة والآباء والمسؤولين الذين تابعوا المشروع في القدس وعمّان، وأتقدم بجزيل الشكر والتقدير لكل المهندسين والفنيين الذي عملوا في هذه الكنيسة، ولاسيما المهندسين اسأمه فخري طوال، الذي أبدع علمًا وفنًا وهندسة في رحاب هذه الكنيسة، وسمير انطون سعد، سمير النعمات، وهيب مدانات، سمير علي شكري، هشام النعمات، ناصر عويس وجمال النشاش.