موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٢ مارس / آذار ٢٠٢٠
الأب جوزيف الصويص يكتب: الصوم عن القربان الأقدس
الكاهن المساعد في رعية قلب يسوع الأقدس ، تلاع العلي – عمّان

الكاهن المساعد في رعية قلب يسوع الأقدس ، تلاع العلي – عمّان

الاب جوزيف عوده الصويص :

 

في هذه الظروف، لا يمل الله من استخراج الخير من الشر، فالله فنان في استغلال المواقف المؤلمة ليعلمنا منها درسًا، "يخرج مِنَ الآكِلِ أَكْلٌ ومِنَ القَوِيَ حَلاوة" (قضاة 14:14). فما نستطيع قوله هنا، أمام قلق العالم وقرارات الكنيسة مؤخرًا في وقف القداديس الجماعية، هو أن نتعلم عادة ليست جديدة في تاريخ الكنيسة، والتي سار عليها بعض القديسين، وهي الصوم الإفخارستي، أي الصوم لبضعة أيام عن القربان الأقدس.

 

وذلك كان يُمارس لعدة أغراض منها:

 

أولاً: إن الامتناع عن ما هو مقدس، والذي قد أصبح متاحًا لنا دائمًا، قد يحيي في ضمائرنا الاشتياق للمقدس، وأيضًا للمفاهيم والثوابت والمعاني التي قد نسيناها لربما لكثرة ما اعتدنا عليها. فذلك قد يجدد ويقوي فينا علاقتنا مع جسد المسيح، لنسترجع هذه الرهبة المقدسة.

 

ثانيًا: بما أننا في فترة صوم والذي نتذكر فيه الفقير والمحتاج، فنحرم أنفسنا مما نحب لكي نشعر معه. ففي هذا الوقت أيضًا نستطيع أن نقدّم صوم قرباننا وحرماننا منه كنوع من المشاركة مع الخطأة التي تحرمهم خطيئتهم من الاقتراب من القربان الأقدس، لكي نصلي من أجلهم ليعودوا إلى منبع الحياة هذا. وذلك ما قد أشار اليه البابا السابق بندكتس السادس عشر في كتابه "Pilgrim Fellowship of Faith" عندما تحدث فيه عن القديس أغسطينس في أيامه الأخيرة اذ منع نفسه من المناولة المقدسة لكي يشعر ويتضامن مع الخطأة ويصلي من أجلهم.

 

إنّ تناول جسد المسيح قوة لنفوسنا وغذاء لارواحنا، فنقدّر هذه النعمة حق قدرها، ولنشكر الله عليها. واذا "صمنا" عن المناولة لفترة محددة، فذلك لنعود بشوق أكبر وحب أعمق للمسيح وللاتحاد به من جديد في المناولة المقدسة. دون أن ننسى من هم في خطيئة وبُعد عن جسد المسيح، فنصلّ أيضًا من أجلهم ومن أجل توبتهم، لكي يُضرم الروح القدس من جديد لوعة الاشتياق الى المقدّس في ضمير من فقدها.