موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٤ يناير / كانون الثاني ٢٠١٩
الأب ابوكسم: شهادة الدم التي دفعها المسيحيون هي الكفيلة بتوحيد الكنيسة

الوكالة اللينانية للإعلام :

عقد في المركز الكاثوليكي للإعلام في لبنان، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، ندوة بمناسبة "أسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس"، شارك فيها رئيس أساقفة زحلة للموارنة رئيس اللجنة الأسقفية للعلاقات المسكونية المطران جوزف معوض، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، في حضور الأمين العام لجمعية الكتاب المقدس الدكتور مايك بسوس، وعدد من أعضاء اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام ومن الإعلاميين والمهتمين.

بداية، رحب الخوري أبو كسم باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر بالحضور، وقال: "نجتمع اليوم في مناسبة أسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس، ويصادف هذه السنة بين 18 كانون الثاني و25 منه. وفي هذه المناسبة، تقام الصلوات في العديد من الكنائس والمناطق ويشارك فيها المؤمنون من مختلف الكنائس المسيحية، لكن يطغى عليها الوجود الإكليريكي على الوجود العلماني، فهل لهذا الأمر دلالة؟".

وأضاف: "نعم، عندما يرى الناس رؤساء الكنائس مجتمعين للصلاة، يطمئنون إلى أن وحدة الكنيسة ستتحقق يوما ما، فقداسة البابا فرنسيس كما أسلافه يبذل جهدا كبيرا في هذا الإتجاه ويدفع بقوة من أجل وحدة الكنائس، فبرأي قداسته، أن المسكونية ليست خيارا، بل إلزام لكل المسيحيين وعليه يدعو قداسته كل المسيحيين على اختلاف مذاهبهم إلى السير معا والصلاة معا والتعاون معا من أجل تحقيق الوحدة المرجوة".

وتابع: "نحن في لبنان نتوق إلى تحقيق هذه الوحدة، وقد نكون من السباقين في بعض الخطوات التي نقوم بها، فهناك العديد من الرعايا المختلطة التي اتفقت على توحيد الإجتفال بعيد الفصح وإحياء العديد من الإحتفالات الروحية المشتركة". وختم: "ننتهزها مناسبة لندعو جميع المسيحيين من أجل الصلاة كي يوحد الرب الإله كنيسته ولكي تكون الكنيسة رعية واحدة لراع واحد هو سيدنا يسوع المسيح. فنحن نؤمن بأن شهادة الدم التي دفعها المسيحيون منذ نشأة الكنيسة حتى اليوم هي الكفيلة توحيدها. ونردد في الختام ما قاله المعلم "ليكونوا واحدا كما أنا والآب واحد".

\ثم تحدث المطران معوض عن "اسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، نشأته، الاحتفالات وغايتها"، فقال: "يحتفل المسيحيون في كل سنة، بين 18 كانون الثاني و25 كانون منه، بأسبوع الصلاة من أجل وحدتهم. ولهذه السنة موضوع تأمل خاص بها وهو العدالة، ولها عنوانها المأخوذ من تث 16/20 "اتبع العدالة ولا شيء غير العدالة". لماذا أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، وكيف تطور؟. بدأ الإحتفال بأسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنيسة سنة 1908، مع الأب بول واتسون Paul Wattson، الذي كان انغليكانيا ثم انتمى إلى الكنيسة الكاثوليكية، في ذلك الوقت كانت نية الصلاة هي من أجل اهتداء المنقسمين ورجوعهم إلى الكنيسة الصحيحة، والحقيقية. ولكن عام 1935، أعطى الأب بول كوتوريه Paul Couturier، روحانية جديدة لهذا الأسبوع، وهي أن يجتمع كل المسيحيين في كل الكنائس، وأن يصلوا معا من أجل الوحدة التي يريدها السيد المسيح وبالسبل التي يريدها. وكان قد تم اختيار تاريخ الأسبوع، منذ بداية الإحتفال به، بين 18 كانون الثاني، ذكرى قيام كرسي بطرس في روما، و25 كانون الثاني ذكرى اهتداء مار بولس".

وأضاف: "عام 1966 قدمت لجنة "إيمان ودستور" التابعة للمجلس المسكوني للكنائس، وأمانة سر وحدة المسيحيين في الفاتيكان (وهي اليوم المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين)، تحضير نص أسبوع الصلاة من أجل الوحدة، معا. وقد تحقق ذلك عام 1968. ومنذ عام 1975، بدأ يوكل تحضير نص الصلاة وموضوعها إلى فريق مسكوني محلي تابع لبلد ما. وأول فريق حضر نص الصلاة كان من اوستراليا".

وتابع: "إن الصلاة من أجل الوحدة هي سبيل أساسي تعتمدها الحركة المسكونية مع سبل أخرى كالحوار اللاهوتي، وعيش الأخوة بين المسيحيين، وتندرج الصلاة ضمن المسكونية الروحية التي هي روح المسكونية، كما ورد في المجمع الفاتيكاني الثاني في القرار في المسكونية عدد 8. الصلاة هي تعبير أن وحدة الكنيسة ليست مجرد ثمرة الجهود البشرية، بل هي عطية من الله بواسطة روحه القدوس، الصلاة تجعلنا منفتحين لهذه العطية ومتقبلين لها، وملتزمين اياها، وعاملين من أجلها".

وقال: "أعد نص الصلاة وموضوعها لهذه السنة 2019 فريق مسكوني من أندونيسيا التي تتميز بطابع مسكوني. تمثل اندونيسيا مجتمعا تعدديا مؤلفا من مجموعة قبائل لها ثقافتها ودينها، لكل مجموعة لغة. فاللغات المحلية تزيد السكان في اندونيسيا 265 مليون شخصا، بين 10 و12 في المئة منهم مسيحيون. والمسيحيون يتوزعون بين بروتستانت، وكاثوليك وأرثوذكس". وأضاف: "يتعامل الكاثوليك والبروتستانت في مواجهة القضايا الإجتماعية التي تهم المجتمع الأندونيسي، وخصوصا في الدفاع علن الحرية الدينية الي يضمنها الدستور الأندونيسي. ويشتركون معا في الحوار مع ممثلي الأديان الأخرى، علما أن 86 في المئة من عدد سكان أندونيسيا هم من المسلمين. ويعقدون معهم اللقاءات من أجل تعزيز الروابط في ما بينهم، ومن أجل معالجة قضايا المجتمع".

وتابع: "عام 2011، أنشىء فوروم اندونيسيا المسيحي، الذي يضم البروتستانت والكاثوليك والأرثوذكس. يعقد اجتماعاته شهريا لتوطيد الروابط الأخوية، وللبحث في دور المسيحيين في اندونيسيا. وفي هذا الواقع المسكوني تشكل فريق مسكوني لإعداد أسبوع الصلاة من أجل الوحدة. تركز موضوع هذا الأسبوع على "العدالة خصوصا". وقال: "إن العدالة مع الرحمة والوحدة شكلت محور التأمل لأسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنيسة، وللعدالة ركيزة أساسية في المجتمع الأندونيسي. فهذا المجتمع متعدد في الثقافة والدين. تجمعة لغة وطنية واحدة كما سبق ذكره. وأمام هذه التعددية إلتزم الأندونيسيون عيش التضامن والتعاون، وتواصلوا في ما بينهم برباط الأخوة، وشاركوا بعضهم البعض في الأفراح والأحزان".

وأضاف: "هذا التضامن هو مهدد اليوم في المنافسة الإقتصادية التي تهدف إلى النمو الاقتصادي، ومن الفساد في السياسة وفي عالم الأعمال، ومن الأحكام الجائرة، غير العادلة، التي تزيد من فقر الفقراء وغنى الأغنياء بدل أن تحمي الضعفاء، ومن التوترات الداخلية التي يغذيها سوء استعمال لوسائل التواصل الإجتماعي". وتابع: "أمام هذا الواقع، تأخذ الجماعات المسيحية على عاتقها مواجهته من أجل تعزيز العدالة، والإنكفاء عن كل تواطؤ مع الظلم والفساد. فالمسيحيون في مختلف الكنائس والجماعات يتعاونون ويتوحدون في محاربة الظلم واللاعدالة، وفي مساعدة الضحايا".

تابع "في هذا السياق، رأى الفريق المسكوني المعد للصلاة كيف أن تث 16/20 "اتبع العدالة ولا شيء غير العدالة..." هي دعوة لتحقيق العدالة في واقع الظلم ليس فقط في اندونيسيا بل في كل مكان من الأرص. ونص تث 16/11 كله موضوع التأمل. يدعو النص في قسمه الأول إلى المشاركة في فرح العيد، وم في قسمه الثاني راجع تث 16/18-20) يوحي بالتزام العدالة. إن الرباط بين القسمين وثيق، وهذه خبرة مجتمع اندونيسيا، لأن العدالة بين الناس، بقدر ما تتحقق، بقدر ما تمكنهم أن يشاركوا في فرح العيد. وفي هذا المجال أعد الفريق المسكوني احتفالا مسكونيا ليدعو الى التزام العدالة مع الرحمة والوحدة".

وقال: "غاية الإحتفال المسكوني الذي أعده الفريق المسكوني الأندونيسي هو العبور من الحديث عن الوحدة والعدالة والرحمة إلى أفعال والتزامات. وككل احتفال، كما السنوات الماضية، يتضمن قراءات بيبلية تكون أساسا للتأمل، وصلوات وطلبات، وحركة رمزية حسية تعبر عن التزام المؤمنين العدالة والسعي إلى الوحدة. والحركة الرمزية هذه السنة هي بمثابة إلتزام حسي في مجال العدالة والوحدة والرحمة، على بطاقتين، بطاقة تبقى مع الشخص نفسه، والبطاقة الأخرى تجمع مع بقية البطاقات لتوزع على الموجودين، من أجل أن يصلي كل واحد على نية ما التزمه الآخر".

وأضاف: "لمناسبة اسبوع الصلاة من أحل وحدة الكنيسة، تنظم احتفالات مسكونية في مختلف المناطق في لبنان أكان في بيروت، أم في زحله، أم في الشمال (مجدليا) أم في الجنوب (مغدوشة)، أم في المتن (انطلياس والعطشانه). وبدأنا نشهد في لبنان مبادرات أخرى للإحتفالات المسكونية في مختلف المناطق. وهذا دلالة على نمو الحس المسكوني".

وتابع: "تتميز هذه الاحتفالات بأنها تجمع الكنائس الكاثوليكية، الأرثوذكسية والبروتستانتية للصلاة معا وتكون مناسبة لتعزيز روابط الأخوة في ما بينها". وقال: "العدالة ولا سيما العدالة الإجتماعية، هي مساحة يلتقي فيها المسيحيون من مختلف الكنائس للسعي إلى الوحدة والعمل معا من أجل خير المجتمع. تتحقق العدالة في مختلف المجالات كما في احترام الإنسان، كل إنسان، في كرامته التي هي من الله، وفي احترام حقوقه الأساسية ومنها حقه في الحياة، وفي العيش الكريم بتوافر العمل والطبابة والعلم له، وفي حرية الرأي والضمير، وتتحقق العدالة عبر التضامن مع الفقير الذي من حقه أن يحصل على قوت يومه وعلى حياة لائقة، وعبر القضاء العادل التي ينصف المظلوم، وعبر احترام كرامة العاملين وحقوقهم وعدم استغلالهم، وعبر احترام الطبيعة والبيئة وعدم استغلالها والتسبب بالتلوث واستغلال مواردها بطريقة غير منظمة، وعبر احترام الآخر في صيته وخصوصيته وفهمه، كما يفهم نفسه، والدخول معه في حوار". وختم: "كل هذه القضايا التي هي قضايا عادلة، توحد المسيحيين من مختلف الكنائس من أجل الدفاع عنها".