موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢١ يناير / كانون الثاني ٢٠١٩
الأب ألبير هشام نعّوم يكتب: ’تحدي عشر سنوات للكنيسة!‘

الأب ألبير هشام نعّوم – بغداد :

انتشر سريعًا عبر شبكة التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) تحدٍ جديد بعنوان "تحد عشر سنوات" (10yearschallenge) وفيه يعرض المستخدم صورتين، إحداهما قبل عشر سنوات والأخرى في هذه السنة، ويبرز من خلالها أهمّ التغييرات التي حدثت في هذا العقد من الزمن في حياته الشخصية. ولم يخلُ هذا التحدي كأمثاله من تفسيراتٍ جانبية؛ فجعله البعض وسيلةً للطرفة مع الأصدقاء من خلال التعليقات على التغييرات التي صنعتها السنوات، أو استخدمه آخرون لإيصال فكرة أخرى فوضع أحدهم مثلاً صورةَ قلبٍ من لحمٍ قبل عشر سنوات وأخرى لقلبٍ من حجر اليوم!

أثارني هذا التحدي بفكرته، وجعلني أتساءل: لو طبّقنا هذا التحدي على الكنيسة، ماذا ستكون النتيجة؟ بل كيف نقيس نتيجة التغيير الذي تصنعه السنوات على الكنيسة ومسيرتها؟ الكنيسة مؤسسة. نعم، ولكنها تختلف عن بقية المؤسسات، لأن هدفها روحي بالدرجة الأولى ورسالتها أن تنشر رسالة يسوع المسيح. وبالتالي، كل تقييم نقوم به لأية مؤسسة لا ينطبق بصورةٍ كاملة على الكنيسة. مثلاً، هناك مؤسسة يُقيّم تقدّمها بنسبة زيادة أموالها وممتلكاتها، وهذا لا ينطبق على الكنيسة! وهناك مؤسسة تُقيّم بالمكانة الاجتماعية التي تحتلّها في المجتمع، وهذا أيضًا لا ينطبق على الكنيسة! فكيف نقيس تحدي عشر سنوات على الكنيسة؟

تُقيّم الكنيسة ليس على جهودها الذاتية ومكانتها، بل على عمل الله من خلالها. فلا نقول عن كنيسة إنها ناجحة لأنها قامت بالأعمال الفلانية، بل لأنها سمحت لله أن يقوم من خلالها بتلك الأعمال! وأمام هذا التحدي، يصبح سؤال الكنيسة: ماذا غيّر الله فيّ خلال عشر سنوات؟ ما هو التحدي أو التحديات التي ساعدني الله في مواجهتها خلال هذه السنوات؟ وهذا السؤال لابدّ للكنيسة أن تجيب عنه، ليس كلّ عشر سنوات فقط، بل كلّ مدّة من الزمن!

قد لا يرى البعض فرقًا بين عمل الله وعمل الكنيسة، فهو يظهر أمام المجتمع في النهاية بصيغةٍ متشابهة. ولكن الفرق كبير في "روحانية" هذا العمل: فالكنيسة معرّضة لتجربة "الانتفاخ"، إن صحّ التعبير، أي أن تنفخ نفسها (مثل بالونةً كبيرة) بالمنجزات العظيمة التي تقوم بها وتنسبها لنفسها، وتنسى أنّها مجرّد خادمة لرسالة الله! فهل توجدُ كنيسة تعمل باسم الله، ولا تؤمن بعمله؟! وهل كانت الكنيسة ستبقى إلى اليوم لولا وجود الله معها؟ وهل كانت الكنيسة تستطيع أن تتجاوز تحدي عشر سنوات، بل مئات السنوات، لولا خلاص المسيح على الصليب من أجلها؟

إنه تحدٍ، وتحدٍ كبير، لابدّ أن نضعه نصب أعيننا، فالله يدعونا أن نكتشف عمله في سنوات حياتنا وكنيستنا، ونعيش اليوم بناءً على ما فعله من أجلنا.