موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٩ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
الأب ألبير هشام نعّوم يكتب من بغداد: شباب من وجهة نظر أخرى!

الأب ألبير هشام نعّوم – بغداد :

لا زالت مرسومة في ذاكرتنا زيارة بطاركة الشرق الكاثوليك لأول مرة إلى بغداد (26-30 تشرين الثاني 2018)، وكان مؤثرًا فيهم وفينا لقاؤهم مع الشبيبة يوم 27 تشرين الثاني في كاتدرائية مار يوسف الكلدانية. أعددنا كثيرًا لهذا اللقاء، لأننا أردنا أن يصل صوتُ الشباب إلى الرعاة، فينقلون من خلالهم معاناتهم وصعوباتهم ورجاءهم وصبرهم إلى الشرق والعالم كلّه.

طُلِب منّي في هذا اللقاء أن أعدّ فيديو قصير ينقلُ رسالةً للشبيبة من أماكن عملهم ووظيفتهم لكي يُعرَض على الآباء البطاركة. أخذتُ كاميرتي البسيطة وبرفقتي شاب وذهبنا سويةً إلى شباب نعرفهم. ولكني أعرفهم لأني أراهم في أجواء الكنيسة فقط، في لقاءات الشبيبة التي تُنظم بين فترةٍ وأخرى. قلّ ما رأيتهم خارج هذه الأجواء، فأكثريتهم لم أرهم وهم بملابس العمل، وأيديهم متّسخة من التعب. فأنا أراهم بأحلى أزيائهم عندما يأتون إلى الكنيسة، فعمرهم يحبّ أن يكون بأحلى صورة، وهذا حقّهم.

ولكنّي في ذلك السبت، الذي خرجتُ فيه أبحثُ عنهم، ليس في الكنيسة، بل في أماكن عملهم نفسها، رأيتُ وجهًا آخر لشبابنا: إذا كنّا في الكنيسة نسرق الأولوية وهم يأتون ليسمعوا مواعظنا ومحاضراتنا، فهم في أماكن عملهم أصحاب الكلمة الأولى في التعامل مع الآخرين. فتذهب لديهم لكي تتعلّم منهم، وفعلاً أحسستُ أنّي تعلّمتُ منهم شيئًا كبيرًا لم توفّره لي لقاءاتنا في حضن الكنيسة! ابتسامتهم في لقاء من يقدّمون لهم الخدمة، ضحكتهم وهم يتسامرون مع اصدقائهم في العمل، من مسيحيين ومسلمين، أمانتهم في تفاصيل عملهم، محبّتهم لعملهم واخلاصهم فيه... هذه وغيرها أثّرت فيّ بالصميم وجعلتني أنظرُ للشباب من وجهة نظرٍ أخرى!

كم من الضروري أن نذكّر أنفسنا بأهمية أن تخرج الكنيسة من حصنها وتذهب إلى الشباب في أماكنهم، وهذا لا يقلل من أهمية مجيء الشباب أنفسهم إلى الكنيسة، بل يعززه ويعطيه رونقًا جذابًا، وواقعية تلتمسُ من خلالها المسيح الذي يأمنون به في تفاصيل حياتهم اليومية.

نعم، أعترفُ بأنّي رجعتُ مساء ذلك السبت وقلبي مملوء من التعزية والفرح، لأني أحسستُ بشعور ذلك الراعي الذي ذهب يبحث عن ضالّته، وأدركتُ مسؤولية الكنيسة اليوم خصوصًا بعد انعقاد سينودس الأساقفة حول موضوع الشباب وتمييز الدعوات، والذي شدّد فيه الآباء الأساقفة على "التكلّم مع الشباب، وليس عنهم!".

شكرًا لشباب بغداد الرائعين، لأنكم فعلاً شهود للمسيح، تعلّمونا كيف ننطلق لرسالتنا من خلال عملكم وعرق جبينكم اليومي. أنتم فعلاً ملحُ الأرض ونورُ العالم.