موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٧ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
الأب ألبير هشام نعّوم يكتب من بغداد: الكنيسة تزورنا!

الأب ألبير هشام نعّوم – بغداد :

ونحنُ في الأيام الأخيرة من عام 2018، تبارك بلدنا العراق ولأول مرّة، بزيارة نيافة الكردينال بيترو بارولين، أمين سرّ دولة الفاتيكان، ليشاركنا في أعياد الميلاد المجيدة، فزار بغداد وتوجّه بعدها إلى أربيل. وجاءت هذه الزيارة بعد أقلّ من شهر من زيارة بطاركة الشرق الكاثوليك إلى بغداد لعقد اجتماعهم السنوي.

لن اتحدّث على حيثيات هذه الزيارات، بل أنوي فقط إلقاء الضوء على أهميّة شعور مؤمنينا بوقوف الكنيسة الجامعة إلى جانبهم، فهذا يعطيهم رجاءً كبيرًا ويمنحهم عزيمة في مواصلة مسيرة إيمانهم بالمسيح. وتبقى هذه الوقفة نقطة مرجع يعودون إليها في كلّ مرةٍ يشعرون أنّهم متروكون ومهمّشون ويحملون ثقل حياتهم بمفردهم. ففي مثل هذه المناسبات، يظهر المعنى الحقيقي للكنيسة وللجماعة المسيحية، التي بدونها لا يمكن للمرء أن يعيش إيمانه بصورةٍ صحيحة. فشعور الجماعة والمشاركة يعطي لكل الأمور معنىً لا يستطيع شعورًا آخر أن يعطيه!

جرّبوا، على سبيل المثال لا الحصر، أن تأكلوا طعام الغذاء بمفردكم وفي غرفة منعزلة، هل سيكون طعمُ الأكل ذاته عندما يشارككم فيه أشخاص آخرين، وخاصّةً مَن تربطكم بهم علاقات وروابط مشتركة؟! وكيف إذا كان جوهر هذه الروابط هو الإيمان بالمسيح يسوع! ولهذا، واحدة من شروط الاحتفال بالقدّاس الإلهي، ما عدا وجود محتفل (أسقف أو كاهن) ومادة السرّ (الخبز والخمر)، فمن الضروري وجود جماعة تمثّل تلاميذ المسيح الملتفّين حول معلّمهم.

يتحقق شعور الجماعة بمشاركة المؤمنين في حياة الكنيسة، وبضمنها الاحتفالات الكبرى كأعياد الميلاد المجيدة، ولكنه يتحقق أيضًا، وبصورة مميّزة، بمشاركة الكنيسة في حياة المؤمنين! وزيارة الكنيسة لبيوت المؤمنين والتعرّف عن قرب على حياتهم وطريقة عيش إيمانهم، سيعلّمها الكثير!

أتمنى أن لا تبقى هذه الزيارات، زيارة البطاركة ونيافة الكردينال بارولين، مجرّد حدثٍ إعلامي يرنّ صداه في القنوات الفضائية، ولا مجرّد سَبق صحفي في وسائل الإعلام، بل زيارات تعزز روح الجماعة المسيحية وخاصّةً في بلدنا العراق الذي يحتاج شعبه إلى الوحدة ليقوم معافىً بعد ما أصابه في السنوات الماضية. عسى أن تكشف الكنيسة عن راعوية هذه الزيارات لمؤمنيها، وتستخلص من هذه الاحداث عمل الله الرحوم والمحبّ لأبنائه في شرقنا الأوسط.