موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٢٥ ابريل / نيسان ٢٠١٩
الأب ألبير هشام: التلميذ يكتشف المسيح في الطريق!

الأب ألبير هشام نعّوم – بغداد :

في فجر الاحد، "جاءت" مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظران القبر، فظهر لهما ملاك الربّ وطلب منهما قائلاً: "أسرعا في الذهاب إلى تلاميذه وقولا لهم: إنّه قام". هما جاءتا أولاً والملاك يدعوهما أن يذهبا مسرعتين إلى التلاميذ.

اكتشاف يسوع يتطلّب منّا ألاّ نبقى جامدين، متقوقعين على ذواتنا ولا نحرّك ساكنًا، بل أن نقوم لننظر مثل النسوة ونذهب ونسرع ونتحرّك. فيقول الانجيل: "فتركتا القبر مسرعتين وهما في خوف وفرحٍ عظيم... وإذا يسوع قد جاء للقائهما فقال لهما: السلام عليكما...". نعم، فقط عندما نتحرّك نرى يسوع في طريقنا، أمّا البقاء في أماكننا دون حركة، قد يجعلنا نخسر اللقاء بالمسيح. وقال لهما يسوع: "اذهبا فبلغا اخوتي أن يمضوا إلى الجليل، فهناك يرونني". دعاهما أن ينطلقا إلى التلاميذ لينطلقوا بدورهم إلى حيث بدأ يسوع رسالته، فهناك، في الطريق، سيجدون يسوع.

لا نخف من العقبات، كما خافت النسوة وكنّ يقلن لبعضن البعض في الطريق: "من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟"، يقول الانجيل: "فنظرن فرأين أن الحجر قد دُحرِج، وكان كبيرًا جدًا". الله يتكفّل بأن يزيح عنّا الحجر الكبير الذي لا نستطيع أن نزيحه نحن، المهم أن نواصل سيرنا ولا يجعلنا القلق نتوقف ونرجع إلى الوراء. فقلوب النسوة جعلتهم يسرن إلى الأمام ليلتقين بيسوع الذي أحببنه. وأوّل وصيّة يعطيها يسوع لتلاميذه بعد أن قام من بين الأموات: "اذهبوا في العالم كلّه وأعلنوا البشارة إلى الخلق أجمعين". هذه الكلمات تحررنا نحن المؤمنين من قيود وسجن ضعفنا وخطيئتنا، وتجعلنا ننطلق نحو بشارة المسيح على الرغم من كل وأي شيء.

في هذه الانطلاقة تسابق التلميذان بطرس و"التلميذ الآخر الذي أحبّه يسوع" كما يسمّيه انجيل يوحنا، وهو يشير بذلك إلى نفسه هو التلميذ الحبيب، ولكنّه يسمّيه أيضًا هكذا لنضع نحن اسماءنا، كما يفعل الانجيل عادةً، ونسرع مع بطرس نحو القبر لنرى ما رأته مريم المجدلية أي المسيح القائم. فيقول انجيل يوحنا: "فخرج بطرس والتلميذ الآخر وذهبا إلى القبر يسرعان السير معًا. ولكن التلميذ الآخر سبق بطرس فوصل قبله إلى القبر وانحنى فأبصر اللفائف ممدودة ولكنه لم يدخل". ربما لأن يوحنا شاب فاستطاع أن يصل قبل بطرس الأكبر منه عمرًا إلى القبر، ولكنه احترامًا لبطرس لم يدخل، فلما دخل بطرس يقول الانجيل: "دخل أيضًا التلميذُ الآخر... فرأى وآمن".

أما مريم فكانت "واقفة" عند القبر تبكي، كما سمعنا من انجيل اليوم، فيقول لها يسوع: "لا تمسكيني..." أي لا تبقي هنا جالسة وساكنة بعد ان اكتشفتِ المسيح القائم من الموت، بل "اذهبي إلى أخوتي.... فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ...".

فإذا كان مطلوبًا من أن نقوم ونذهب، فإلى أين نذهب و"كيف نعرف الطريق؟"، كما سأل توما يسوع يومًا، فأجابه يسوع: "أنا الطريق والحقّ والحياة...". سنجد يسوع في الطريق، المهم ألاّ نبقى في مكاننا، بل فلننطلق غير خائفين من شيء، ولا حتّى من أنفسنا، وسنجد يسوع يتمشى معنا ولا نعرفه مثل تلميذي عمّاوس، ولكنه سيبقى يرافقنا إلى بيتنا، إلى قلبنا، وهناك سيكشف عن نفسه الحيّ أبدًا من بين الأموات.