موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٧ ابريل / نيسان ٢٠١٩
اشهار النسخة العربية لكتاب ’حصن السلام‘ للكاتبة السماعين

عمان – أبونا :

<p dir="RTL">رعا نائب رئيس الوزراء معالي الدكتور رجائي المعشر، مساء أمس، إشهار النسخة العربية لكتاب &rsquo;حصن السلام&lsquo; للزميلة الصحفية والإعلامية رلى سماعين، المتخصصة في صحيفة الجوردان تايمز الإنجليزية في شؤون حوار الأديان، وفيه يرصد التجربة الأردنية في الحوار بين أتباع الأديان ونموذج العيش المشترك.</p><p dir="RTL">وشارك في الجلسة الحوارية التي أقيمت في النادي الأرثوذكسي، معالي موسى المعايطة، والدكتور زيد النوايسة، والدكتور مصلح النجار، فيما أدار الجلسة مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب د. رفعت بدر. وتضمنت الجلسة كذلك مداخلات لكل من المطران وليم الشوملي والأب عيسى مصلح، والشيخ د. حسان أبوعرقوب.</p><p dir="RTL"><strong>الأب بدر</strong></p><p dir="RTL">واستهل الأب رفعت بدر كلمته التقديمية بالتعبير عن تضامن الأسرة الأردنية مع الشعب الفرنسي إثر الحريق الهائل الذي اندلع في كاتدرائية نوتردام بالعاصمة باريس، والتي تعد من أهم المواقع الدينية والتراثية في العالم. وحول الأمسية قال: &quot;تجمعنا السماعين من جديد، ونقول من جديد، ذلك أنها، وفي أيار العام الماضي، قد جمعتنا لإشهار كتابها باللغة الإنجليزية وتمنينا عليها وقتها أن يصدر باللغة العربية، ووعدت، فإذا بالوعد يتحقق اليوم&quot;. وأضاف: &quot;نتغنى بالأردن، وهذا حقّ. ونتغنى بالاحترام والمتبادل، وهذا واقع. وليس لنا من مبتغى تعداد من يقفز من هذا الدين إلى حضن ذلك، كما تفعل بعض وسائل التواصل الاجتماعي وتتغنى بين فترة وأخرى، وهذا ما حذّر منه البابا فرنسيس في المغرب قبل أيام: يا مسيحيي المغرب، إياكم واتبّاع سياسة الاقتناص أو الاستقطاب. الاحترام المتبادل هو سيّد الموقف إذًا&quot;.</p><p dir="RTL">وحول الكتاب الجديد، لفت الأب بدر إلى أنه &quot;يؤرخ فيه للمبادرات الأردنية الراقية. وإن كانت اللغة الإنجليزية قد صدرت في أيار الماضي، قبل جائزة تمبلتون التي استحقها جلالة الملك عبدالله الثاني، فإن الطبعة العربية تصدر بعد جائزتي تمبلتون لحوار الأديان ومصباح السلام للعدالة واحترام كرامة الإنسان&quot;. وخلص مدير المركز الكاثوليكي إلى القول: &quot;شاركت الكاتبة رلى السماعين بحفل تسلّم جائزة مصباح السلام. ومن أسيزي إلى النادي الأرثوذكسي، جئنا لنقول لها شكرًا لاهتمامك بهذا الشأن الهام جدًا، في فترة التخندق والتعصّب والتطرف والإرهاب المبني أحيانًا على أسس دينية. فكتابك يقول بأن الأردنّ لم يسقط أبدًا بذلك الوحل من التطرّف، بل بقي نقيًا ونظيفًا&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>السماعين</strong></p><p dir="RTL">من جانبها، قالت مؤلفة الكتاب رلى سماعين: &quot;عندما بدأت في تأليف النسخة الانجليزية من كتاب حصن السلام، لم يكن في المخطط أن تصدر منه نسخة باللغة العربية. كان الهدف هو أن نعرض للعالم ما حققه الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني والسلالة الهاشمية الكريمة منذ عهد الشريف الحسين بن علي في مجال العيش المشترك والوئام الديني ليس فقط في الاردن، بل على مستوى المنطقة وفي العالم ككل، فقادتنا الهاشميون رسل سلام ومحبة منذ فجر تاريخ هذه الأمة، ولم يحيدوا عن هذا الدرب أبدًا. وكانت قناعتي المطلقة، ولم تزل، أن العيش المشترك والوئام الاجتماعي والديني في المملكة الأردنية الهاشمية أمر مفروغ منه وواقع معاش وتحصيل حاصل، فلا داعي لخطاب يوجه نحو الداخل في هذا المجال، فالتاريخ يتحدث عن نفسه والوقائع لا تقبل التشكيك: فنحن أسرة واحدة، وجسد واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى&quot;.</p><p dir="RTL">وأضافت: &quot;ولكن في حفل إطلاق النسخة الانجليزية وجدت من يطلب مني طبعة عربية، وتكرر هذا الطلب لاحقًا من أشخاص أحترمهم وأجلهم، فبدأت بالتفكير جديًا في هذا المشروع. ومما عزز الدافع نحو إصدار هذه النسخة هو ارتفاع موجة التطرف الديني والطائفي، والذي كان له ضحايا من الأرواح البريئة ونمط عيش مجتمعات بكاملها في المنطقة، ومن بين ضحايا الإرهاب قناعات البعض التي اهتزت في أن الحق والخير والعدل والوئام هم القاعدة، وما ضد ذلك هو استثناء. وقد أصاب المسيحيين جراء هذه التطورات خوف على وجودهم وحياتهم، وغشيت المسلمين حالة من الحيرة والارتباك. فكان لا بدّ أن يكتمل المشروع، ويوجه الخطاب للأردني والعربي، بأنه لا خوف علينا من الظلام لو قبضنا على النور الذي صنعه آباؤنا وأجدادنا وأورثوه لنا، نور المحبة والأخوة والوحدة والتكامل والتكافل والحرص على الغير كما تحرص على نفسك وعيالك&quot;.</p><p dir="RTL">تابعت: &quot;وها هو تاريخ الاردن يشهد أننا حملة رسالة التآخي، ومشعل النور، والهاشميون رواد المسيرة. في بلدي السلام أمر يُعاش لا يُصنع. هناك من أرضعت طفل جارتها فباتوا الأطفال أخوة بالرضاعة؛ وهناك من الكرك من المجالي من فدوا انفسهم ليمنعوا الشر بأن يصيب نسوة من العزيزات، وهناك شيوخ عشائر تبرعوا بأراضيهم لبناء كنيسة في منطقتهم، وهناك جامع سُمي باسم مسجد المسيح بن مريم، وهناك خوري احتفظ باسمه الاول &quot;محمد&quot; ليكون أول خوري اسمه أبونا محمد جورج شرايحة. وهناك قصص لا مثيل لها لا تنتهي. هذه بلدي مصدر فخري. ولكن الواقع ولا أظن أن أحدًا يختلف معي هو أن بلدنا محاط بالمؤامرة والكيد الذي يكاد له بليل. ولن نستطيع أن نرد هذا الكيد إلا بوحدة الجبهة الداخلية وتمسكنا بالقيم التي قام عليها الاردن، والعيش المشترك والخوف المشترك على مستقبل بلادنا دروع واقية وحصن سلام لنا وللأجيال من بعدنا. وعليه، ومن محض أردنيتي وعروبتي ومسيحيتي، أساهم بهذا الكتاب بنسخته العربية تذكيرًا بمن نحن، وكيف كنا وكيف يجب أن نبقى، منتمين للجذور لا للعوارض الشاردة التائهة من أبواق الكراهية والفرقة والتشرذم&quot;.</p><p dir="RTL">وحول بنية الكتاب، قالت السماعين: &quot;ولأنني أؤمن، ويؤمن معي العديد من الناس، أن القيادة الهاشمية في بلدنا تستحق أن تعطى الفضل لما أنجز، ولأن البدء كان من طرفهم أساسًا، آثرت أن أبدأ الكتاب بفصل عن فلسفة الهاشميين في حوار الأديان، تبع ذلك نقاشات تتعلق بالتجربة الاردنية في مجال الحوار الديني شارك فيها شخصيات مؤئرة لها بصماتها في هذا الارث الفريد. وشمل الفصل الثالث مقابلات أجريتها مع شخصيات عالمية شاركت في جهود الحوار الديني الأردنية، ليطلعوا القارئ الكريم على انطباعاتهم عن هذه المسيرة وكيف شاركوا في النشاطات ذات الصلة وما هي النصائح التي يقدمونها كي تدوم التجربة وتؤتي أكلها&quot;.</p><p dir="RTL">وأضافت: &quot;شئت للفصل الرابع أن يكون مختلفًا، يعكس فرادة العلاقة المميزة بين المسلمين والمسيحيين في الأردن بما اتصفت به من دفء وتكافل لا منفذ إليه ولا مجال لاختراقه. إن هذا التفاعل بين الطرفين على مدى التاريخ قد شهد قصصا وطرائف تستحق أن نوثقها ونرويها ونتداولها. ولغايات جمع هذه الحكايا وتبويبها قابلت أناسا في أماكن يختلط بها أتباع الدينين ونقلتها لكم لإضفاء لون وطعم مختلف عن بقية فصول الكتاب. ومن باب الشمولية والموضوعية طرحت في الفصل الخامس بعض القضايا الجادة المعلقة، تاركة للخبراء أن يتحدثوا بحرية عن بعض الأجزاء الناقصة في هذه الفسيفساء الجميلة وكيف يمكن معالجة هذه المشاكل وضمان ان تظل الصورة مشرقة. أما في القسم الأخير، وهو الملاحق، فقد أوردت مختارات من مقالاتي التي نشرتها في صحيفة الجوردان تايمز مترجمة إلى اللغة العربية&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>النوايسة</strong></p><p dir="RTL">وفي مداخلته خلال الحفل، قال الدكتور زيد النوايسة: &quot;حملت مقدمة الكتاب مسوغات هذا العمل وغايته وطرحت بقوة أسئلة المستقبل في ظل سلام تتصارعه توجهات ورؤى تتذبذب حياله، رؤى رجال دين ومؤسسات ونصوص مقدسة تتفق في ظاهرها بيد أنها في أحايين كثيرة تتشقق في مِنصات مختلفة تبعًا لأغراض متنوعة وغريبة، إن رلى وبهذا الجهد تكون قد وضعت يدها على مكان ومكامن الألم، وتكون بهذا الحفر العميق في وجداننا الديني قد قدمت خدمة للمستقبل بأجياله وتطلعاته&quot;.</p><p dir="RTL">وأضاف: &quot;جهود رلى السماعين الزميلة كصحفية ظاهرة في هذا الكتاب، كيف لا وهي التي جمعت وقارنت واستنتجت، فقدمت عملاً دؤوبًا وعظيمًا كلفها ذلك الجُهد والجَهد الكبيرين، لكنها ورغم أنها أقرت بأنها ابتعدت عن اللغة الأكاديمية الصارمة إلا أننا نرى وبوضوح لغة&nbsp; حققت غوصًا فكريًا وحفرًا عميقًا في سبيل الكشف عن المزيد من أيدلوجيات السلام في الاردن وفي فلسفة السلام ذاته، سواء أكان هذا في النهج الأردني السياسي أم لدى رجال الدين أيضًا، فتطرح رأيها وتظهر صورتها أمامنا ونحن نقرأ كشخصية باحثة مختصة وليس كصحفية تقريرية تنقل بحياد وحسب، فالتفاؤل كان ديدن رلى السماعين وكذا المصداقية في التناول وفي الطرح، رؤى قامت بتجميع قطع فسيفساء متباينة وليست سهلة كما يظن البعض، فقد كانت رلى حقًا تسير في متاهة يظنها الآخرون أنها مجرد بستان مفتوح، فكانت وفية لوطنها وشعبها حين أخذت الأردن مثالاً لشعاع الأمن المجتمعي والسلم الوطني، وحين راحت توائم بين الجهد المؤسسي والاجتماعي وتعاين الدخيل من الأصيل في فسيفساء مجتمعنا&quot;.</p><p dir="RTL">تابع: &quot;جاء الكتاب متماسكًا منسجمًا من الناحية النصية. فصوله متآخية وتحيل إلى بعضها بعض، فقد جاءت الفصول تلك منيعة كالعنوان &rsquo;حصن السلام&lsquo; الذي شكل عتبة نصية ومدخلا استراتيجيًا للقارئ. ومن الفصول الخمس التي راقتني أشير هنا إلى الفصل الرابع الذي جاء بوجهة نظري الخاصة مفعمًا وحيويًا ابتعدت فيه الكاتبة الفذة عن الاستقراء العلمي والتحليلي الدقيق، فقد نسجت بلغتها الجميلة قصصًا عن الوئام الأردني المسيحي وعن بعض طرائفه ونوادره وكأنها بذلك أرادت أن تريح القارئ وتخطفه نحو أسلوبٍ حكائي يُريحه من صلابة لغة التحليل والمقابلات والفلسفة العميقة، فقد روت لنا رلى وبالدليل حكايا وِئام وسِلم بين أفراد المجتمع الأردني بشقيه المسيحي والمسلم؛ فقد حدث أن اكتشفت امرأةٌ بدويةٌ وهي تطبخ في قدرها وتتفيء ظلال خيمتها اكتشفت أن الارض التي هي عليها أرض بأحجار ملونة ذات رسومات، وللصدفة أبلغت العائلة البدوية كهنة فرنسيسكان كانوا ينفذون حفريات في مادبا وتم ابلاغهم ليكتشفوا لاحقًا أن هذه الأرض هي كنيسة للقديسين لوط وبروكوبيوس، وبعد ذلك تم بناء بيت للعائلة البدوية تلك وعلى نفقة الفاتيكان كما وعمل أبناء هذه العائلة حرّاسًا على تلك الكنيسة حتى يومنا هذا&quot;.</p><p dir="RTL">وخلص النوايسة في كلمته إلى القول: &quot;رغم هذا الحس الفكاهي والأمثلة الكبيرة إلا أن رلى لا تخفي قلقًا ما، حقيقة وجود عقبات على درب التقدم للوصول إلى ذلك الحصن الذي نملك مفاتيحه لكننا لا ندخله دومًا، ففي الفصل الخامس أشارت الكاتبة إلى عقبات قليلة ربما ستحد من تقدمنا. عقبات تتمثل في القيود القانونية البائسة وفي بعض الثغرات التشريعية التي تعيق بروز نموذج العيش المشترك في الأردن، منها على سبيل المثال الميراث في حال اختلاف ديانة الأب، ومنها أيضًا حَضانة الأطفال في حال تحول ديانة أحد الأبوين. لا تترك رلى الباب مفتوحًا أمام المشكلات والمعيقات والآراء، بل تدلي بدلوها وتقول كلمتها بجرأة وهدوء، لقد أنجزت رلى السماعين ما أرادت ولمست حلمها بحبر قلمها وضمخته بوعيها المعهود، كل ذلك يزيد من حرصها الوطني ويؤكد بأنها نشمية أردنية بلهجتها ونخوتها وضميرها الإنساني الكبير&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>النجار</strong></p><p dir="RTL">من جهته، قال الدكتور مصلح النجار: &quot;نلتقي اليوم لنحتفل بكتاب السيدة رلى السماعين &rsquo;حصن السلام&lsquo;، وهو الكتاب الذي نشكر لها حسن صناعته، فكرًا، وتقسيمًا، وكياسة. وهي الواقفة مع كرام لم يعودوا قلّة، يتطلعون إلى كرامة الإنسان، وحقّه في العيش بسلام في مكانه، ليتنفس هواء الأوطان، ويعبد ربّه كما شاء له الله أن يعبده (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ). فنحن نبحث اليوم عن سلام بمستويات عدّة: سلامٍ من أي تهديد خارجي، وسلامِ الشريك من شريكه، وسلامٍ داخلي في أنفسنا ومن أنفسنا. فقد كثرت الصراعات، وكثير من الناس انقلب على مبادئه، وعلى تاريخه، وعلى ثوابته، وحتى على نفسه!&quot;.</p><p dir="RTL">وأضاف: &quot;إن الفكرة الأساسية من تكوين المجتمعات الإنسانية قائمة على تبادل المنفعة، وصولا وارتقاءً إلى توحيد هذه المنفعة. ولننظر في معادلةٍ بسيطة مؤدّاها أن يعيش المسيحي مع مواطنه المسلم بأمان وسعادة، وبشكل طبيعي، ووحدة حال قبل الحديث عن الوحدة الوطنيّة، وهذا كفيل، في المقابل، بإبطال الإسلاموفوبيا، خارج العالم الإسلاميّ، عند كل ذي منطق سليم في هذا العالم. ونُذكّر أنفسنا بأنّه لم يثبت حتى الآن، فيما نعرف من التاريخ، أن ثقافة الكراهية أنتجت منفعة دائمة لأي من الأطراف. إنّ المعاناة مقسومة بين الخلق، &quot;لقد خلقنا الإنسان في كبد&quot;، وكثير من معاناة البشر سببها البشر، ولذلك فإن التخفيف عن فريق منهم، سيخفف أسباب هذا الفريق لصناعة معاناة الآخرين. والعكس بالعكس. والأسى يصنع الأسى، والأسى يقسي ولا ينسّي. وإذا نظرنا إلى جوارنا الملتهب بالكراهية، ألفينا أن الإساءات والضررَ يقعان على المسلم كما يقعان على المسيحي. والعقلاءُ يستنكرون أيَّ عنفٍ أو إقصاء أو استقواء بسبب الدين، إنْ في حاضرنا أو في المستقبل أو في الماضي، ولا بدّ لنا، إن لم تكن منطلقاتنا إنسانية صرفة فحسبُ، من أن نتذكر أن موازين القوّة في مدّ وجزر وصعود وهبوط، فلا يستقيم الاستقواء كما لا يستقيم الاستخذاء، وإلا لأكل الناس بعضهم. فالعنف لا يولّد إلا عنفا، والتطرّف لا يولّد إلا تطرّفا&quot;.</p><p dir="RTL">تابع: &quot;هذا الكتاب &rsquo;حصن السلام&lsquo; للإعلامية السيدة رلى السماعين دعوة للإنسان في كل مكان ليكون سبب سعادة أخيه الإنسان، أو لتكن دعوة كي لا يكون سببا إضافيا لمعاناته، وذلك أضعف الإيمان. وهو يذكّرنا بحقب ممتدّة من الزمن العربي المشرّف عاش فيه الناس في أمن، لا يضرّ الواحد منهم جاره، حتى قبل نشوء الدولة العصرية، ولكن القيم الإنسانية كانت عِقال النفوس، وضابطها من التغوّل والعدوان. نحن شعب عاش في معاناة، وحملَ صليب عصرٍ، ولم تبتسم لنا الدنيا، فكان بإمكان كلّ مكوّن أن يتحوّل إلى مصدرِ بؤس وشقاء لشركاء الوطن، أو للشركاء في أي شيء. ولكن وعي الإنسان الأردني سبقَ، وتعالى على كل أسباب الكراهية، والتفت إلى ما يجعل الوطن وطنًا، وأمنًا، وسلامًا&quot;.</p><p dir="RTL">وقال: &quot;هذا بطريرك القدس، أيها الكرام، يقول إن هذا الكتاب شهادة على تطور أمة، وأنا أزيد بأنّ كلَّ قصةٍ ذكرتها السيدة سماعين في كتابها كانت شهادة على إنسانية الإنسان الأردني، ونبله، وطيبِ مَحْتِدِه. إن المسيحي المشرقي العربي الأردنيّ أصيل كمثل المسلم تماما، وقد وُجدا على هذه الأرض معا قبائلَ، عاشت أديانَ الحقَبِ السابقةِ للإسلام من سماوية ووثنية، ليجيء الإسلام فيُسلمُ من يُسلم، ويبقى المسيحيون على الأرض ملحا وعطرا، فهي أرض مباركة لم يَسبقْ أحدٌ أحدًا في عمارتها، ولا يتفوق أحد على أحد بالأصلانية فيها. فالجميع أُصلاءُ على حدّ المساواة. ولنحافظ على رباط جوهري في عَقدنا الاجتماعي مؤدّاه أن الدين لم يكن اعتبارا يُقسّم الأردنيين يوما، فالدين لله، والأردن للأردنيين جميعا، و(لا إكراه في الدين). ولتكن نظرتنا أننا نؤمن بالتنوع لا بالاختلاف، لنلجم كلَّ فكرة للتغوّل، ولنضبطَ رواسب عتيقةً في نفوسنا من أيام عمرو بن كلثوم الذي قالها فصارت مبدأ: ألا لا يجهلنْ أحد علينا فنجهلَ فوق جهل الجاهلينا&quot;.</p><p dir="RTL">وقال: &quot;أمسِ أيها الأحبة، تابعنا مأساةَ حريق كاتدرائية نوتردام، وكانت ابنتي الصغيرة غيد تجلس جواري، فحزنَتْ حُزنًا شديدًا، وسألتني بتأثر: أين سيسكن أحدب نوتردام وقد احترق مكانه، فلم أعرف بماذا أجيبها، وسألت نفسي وأنا في جو كتاب &rsquo;حصن السلام&lsquo; كيف أن فكتور هوغو أو رواية له أو فيلم كرتون يمكن أن يوحّد مشاعر أطفال العالم، ويخلق حالة من التعاطف، أَوَلا تكونُ الأديانُ سببا أوجَهَ لتوحيد الناس جميعا؟ وهنا تمثُلُ دعَواتُنا إلى حوار بين الأديان، ويسعدني أن أشير إلى الحوار بين الأديان، من دون الاحتراز بالقول: بين أتباع الأديان، فهذا في اللغة العربية، وهي مجال تخصصي، اسمه المجاز، فقولوها وأنتم مطمئنون، وهو حوار مبني على انفتاح القلوب والعقول، يأتمّ بالفكر النيّر والحثيث لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وللأمير الحسن بن طلال، وللأمير غازي بن محمد، وللمستنيرين من أبناء الوطن، وانضمّت إليهم النجيبة السيدة رلى السماعين، ليعرف الواحد منا شريكه في الوطن والمواطنة، فالجهل بالشريك يجعله (آخرَ) وهو في الأصل (أنا). ولنتذكر حزن الخيّرين في العالم وهم يرون كاتدرائية نوتردام يحترق جزء منها، وفرح هؤلاء الخيرين حين تغلَّب رجال الإطفاء على حريق شبّ أمسِ في الوقت نفسه في المسجد الأقصى. ولنتذكر من جهة ثانية أن شخصا قصد إذكاء نار الكراهية بقتل المصلين المسلمين في نيوزلندا، حوّل الرأي العام في نيوزلندا وأوروبا تعاطفا ومحبة للمسلمين&quot;.</p><p dir="RTL">وخلص إلى القول: &quot;أنا داعيةُ أمنٍ إنسانيّ، وهي منظومة تهتم بالإنسان بصرف النظر عن حالة الدول والأنظمة السياسية، ويطيب لي أن أضيف هنا أنّ كلّ واحد منا يهتم بالأديان في سياقات كثيرة، ولكنّ هَمّ دعاة الأمن الإنساني هو الاطمئنان إلى أن الإنسان آمن بصرف النظر عن وضع الدين، من دين أكثرية أو دين أقلية، أو طائفة أو سوى ذلك، وهي ليست حديثا عن نوع نظام الحكم، ولكنها حديث عن الاهتمام بالإنسان، وتكثيرِ المهتمين من حملة الفكر المستنير، والتركيز على إدماج فكر المواطنة في أذهان الناشئة، والشراكة في الوطن والأرض، والإعلاء من صوت الاعتدال الديني. شكرا لرلى السماعين على كتابها، واهتمامها، وعلى تركيزها على الجهود الأردنية، وتكريسها فرادة النموذج الأردني في العيش المشترك، والمبادرات الكريمة النبيلة لسيد البلاد وللأردن. دمتم أقرب الناس مودّة. وشكرا لاجتماعكم على مائدة المحبة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته&quot;.</p><p dir="RTL">للاطلاع على الصور:</p><p dir="RTL"><a href="https://www.facebook.com/pg/www.abouna.org/photos/?tab=album&amp;album_… dir="LTR">https://www.facebook.com/pg/www.abouna.org/photos/?tab=album&amp;album_…;