موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٤ ابريل / نيسان ٢٠٢٠
احتفالنا بالشعانين هذا العام ليس فيه هتاف يملأ الشوارع، إنما فيه إيمان يملأ كل بيت

البطريرك ميشيل صبّاح :

 

في مثل هذا الأحد، هتفت ليسوع المسيح الجموع التي آمنت به، في زمنه، ورافقته في دخوله المظفر إلى المدينة المقدسة. آمنت بما رأت من معجزات، لا يصنع مثلها إنسان. وسمعته يتكلم فقالت: لم نسمع إنسانًا يتكلم بمثل هذا الكلام. آمنت أنه المسيح المنتظر الذي سيحرر الشعب من الرومان.

 

في مثل هذا الأحد، قَبِل يسوع المسيح أن يسير بين هتافات الجماهير إلى المدينة المقدسة، وهو "عالم بما في الإنسان" (يوحنا ٢: ٢٥). هتفت له الجموع في هذا الأحد، وبعد أيام ستهتف هي نفسها "ليُصلَب". لأنها لم تؤمن به كلمة الله الأزلي، بل آمنت بأحلامها وتوقعاتها الزمنية.

 

واحتفل المسيحيون في كل عام بذكرى أحد الشعانين.

 

أما في هذا العام، فإننا نذكر ولا نحتفل بها، بسبب الوباء الذي تحدى كل ما في الإنسان من قوى وحياة. الكنائس مهجورة إلا من الكاهن خادمها، يؤدي وحده العبادة إلى الله بـ"الروح والحق"، وحده أمام الله. والمؤمنون ينظرون إليه من بعيد، عبر وسائل الاتصال المختلفة، كل واحد في بيته يرفع صلاته هو أيضًا "بالروح والحق" إلى الله عز وجل.

 

هذا العام، احتفالنا بالشعانين ليس فيه هتاف يملأ الشوارع، ولكن فيه إيمان يملأ كل بيت. في كل بيت، يسجد كل من فيه، ويقولون: "انظر يا رب وتحنن. يا رب ارحم". وفي كل بيت يظهر وجه الله، ويستقر سلامه ورحمته.

 

أحد الشعانين هو فاتحة الأسبوع المقدس، أسبوع فداء الكون. فيه نتأمل في سر يسوع المسيح، كلمة الله الأزلي، الذي جاء لا ليكون ملكًا زمنيًا يسير بين الهتافات، بل جاء يعلِّمنا من هو الله "إن الله ما رآه أحد قط. الابن الوحيد الذي لدى الآب هو الذي أخبرنا عنه" (يوحنا ١: ١٨)، ويبذل حياته في سبيلنا ليمنح البشرية حياة جديدة.