موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٦ مارس / آذار ٢٠١٩
إدانات كنسية عالمية واسعة للهجوم الإرهابي على مسجدين في نيوزيلندا

بقلم: إياكوبو سكاراموزي ، ترجمة: منير بيوك :

غداة تلقيه "بمشاعر الحزن العميق" نبأ الهجوم الإرهابي على مسجدين في مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا، وكلّف حياة 49 شخصًا، أكد البابا فرنسيس على "تضامنه العميق" مع النيوزيلنديين جميًعا، ومع الجماعة المسلمة في هذا البلد على وجه الخصوص.

وأكدت برقية التعزية التي حملت توقيع أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، على حزن البابا فرنسيس العميق لدى تلقيه نبأ سقوط الجرحى والقتلى جراء فعل العنف الأحمق ضد مسجدين في كرايس تشيرتش في نيوزيلندا. ويؤكد للنيوزيلنديين جميعًا، وللجماعة المسلمة على وجه الخصوص، على تضامنه القلبي عقب هذا الهجوم.

"وإلى جانب الإشارة إلى جهود عناصر الأمن والإغاثة في هذا الوضع الصعب، فإن قداسته يصلي من أجل شفاء الجرحى، كما يقدّم العزاء لأولئك الذين فجعوا بفقدان أشخاصًا أعزاء، ومن أجل جميع المتضررين من هذه المأساة". وبعد أن أوكل الضحايا إلى الرحمة اللامتناهية لله كلي القدرة، استمطر قداسته على نيوزيلندا بركات القوة والعزاء الإلهية.

وقد تسبب "الهجوم الإرهابي"، كما وصفته رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، بمقتل 49 شخصًا كانوا في مسجدين في مدينة كرايست تشيرش، وإصابة العشرات الآخرين. فيما أوقفت الشرطة أربعة أشخاص، أحدهم الأسترالي برينتون تارنت (28 عامًا) الذي نشر فيديو الهجوم بالكامل على الفيسبوك. ونشر المتعصب الأبيض، المعجب بمعركة ليبانتو(Lepanto Battle) ، بيانًا على الإنترنت بعنوان "البديل العظيم"، يشكو فيه من وجود "إبادة جماعية للبيض" بسبب "الهجرة الجماعية".

وعلى الفور، عبّر مجلس الأساقفة الكاثوليك في نيوزيلندا، عن تضامنه مع الجماعة المسلمة في نيوزيلندا. وكتب المجلس الذي يرأسه المونسنيور بول مارتن يقول: "أعزائي أعضاء الجالية المسلمة في أوتياروا بنيوزيلاندا، إننا نرافقكم بالصلاة، ونحن نسمع الأنباء المريعة ضد مسلمين في مساجد مدينة كرايست تشيرش. وأضافت: "نعلم جيدًا العلاقات الإيجابية التي تربطنا بالشعوب المسلمة في هذا البلد، كما نشعر بالهول الكبير كون الهجوم قد حدث في مكان ووقت الصلاة". وختم الأساقفة بالتأكيد على تضامنهم في مواجهة هذا العنف.

وكتب رئيس مجلس الأساقفة في استراليا مارك كوليردج إلى زميله المونسنيور بول مارتن، معبرًا عن قربه، "عبر البحار حيث وصلت أخبار الأحداث الدرامية في كرايست تشيرش". وقال: أتقدّم بالنيابة عن الأساقفة الأستراليين، بأحر التعازي لفقدان الأرواح في هذا العمل الشرير الذي لا يجد له تفسيرًا. من كان يظن أن شيئًا ما سيحدث بعد الزلزال (في عام 2011 دمرت المدينة بسبب زلزال). إنني أضم صوتي معزيًا، ومصليًا لكي يخرج الخير من هذا الشر، بالاشتراك مع أصحاب النوايا الحسنة في المدينة، وفي هذا البلد، ومع الأسرة البشرية بأكملها، وبخاصة بين المسيحيين والمسلمين. وأقدم لكم كل السلام والخير".

وتمّ التعبير عن القرب من المجتمع المسلم وإدانة الهجوم من طرف العديد من الشخصيات الكاثوليكية في جميع أنحاء العالم. وقال الكاردينال كريستوف شونبورن، رئيس أساقفة فيينا وهي المدينة المحورية في العلاقات العلمانية بين المسيحية والإسلام: "لقد صدمت وشعرت بالذهول غداة الهجوم الإرهابي على من تجمعوا للصلاة في مساجد كرايست تشيرش. إننا نقف إلى جانب الضحايا وعائلاتهم في صلواتنا، ونحن كمسيحيين، إلى جانب جميع الأشخاص الملتزمين بالعيش السلمي".

وأعرب رئيس أساقفة وستمنستر الكاردينال فنسنت نيكولز عن "خالص التعازي وأعمق التضامن في أعقاب الهجمات الإرهابية على المسجدين في كرايست تشيرش، والتي صدمت العالم وكل من يؤمنون بأن احترام الحياة الإنسانية هو أمر أساسي لكل مجتمع". فيما دعا رئيس الأساقفة الإنغليكاني جاستن ويلبي جميع المسيحيين للصلاة من أجل "شفاء الناس، والعلاقات بين الأديان، إضافة إلى نيوزيلندا نفسها". كما أعاد إطلاق الدعوة من المنتدى المسيحي الإسلامي الذي حث المسيحيين على الذهاب يوم الجمعة إلى المساجد كعلامة تضامن.

وقال مدير المكتب الصحفي لدير أسيزي المقدس الأب إينزو فورتوناتو: "نشعر بالألم العميق والتضامن مع إخواننا وأخواتنا المسلمين وعائلاتهم. إنه عمل وحشي ضد المدنيين الأبرياء المجتمعين بغرض الصلاة. لا يوجد أجانب أو ضيوف، ولا يوجد مسيحيون أو مسلمون، كما لا يوجد بيض أو سود، إنما هناك رجال ونساء فقط في طريقهم إلى وحدة الأسرة البشرية. سيصلي الرهبان الذين لديهم شعور عميق بالألم أمام قبر القديس فرنسيس، لكي تتعلم القلوب، التي تغشمها الكراهية، نبذ العنف، وعلى تبني الطريق إلى السلام. أتمنى أن ينتهي وقت الانقسام، وأن تتعاضد ثقافة الوحدة".

وأخيرًا، أكدت جمعية سانت إيجيديو (Sant'Egidio) تضامنها مع المجتمع المسلم في نيوزيلندا الذي تأثر بشكل يخلو من العدالة بهذا الهجوم في بلد كان على الدوام ثريًا بالتنوع الديني والثقافي الأصيل. وفي الوقت نفسه، أطقلت الجمعية نداءً لوقف الدعاية الداعية إلى الكراهية في الغرب التي بدأت منذ فترة من الوقت تنتقل من أقوال إلى حقائق في تصاعد للعنف والعنصرية، مع تبني رموزه وأمثلة غير مقبولة، يرافقها إعادة بناء تاريخية مشوهة. على العكس من ذلك، فمن الضروري زرع كلمات السلام، وتيسير فرص اللقاء والحوار، وتعزيز السياسات التي تؤدي إلى تكامل فعال على كل مستوى. هذا هو الحل الوحيد الذي يمكن استخدامه في المجتمعات التي تتسم بالتعددية والتي لن تكون قادرة على حل مشاكلها من خلال بناء الجدران، إنما بالنظر بثقة إلى مستقبل يتم بناؤه سويًا، وهو واضح بالفعل في العديد من مظاهره في أوروبا وأماكن أخرى".