موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ١٠ يوليو / تموز ٢٠٢٠
أيّهما الأقوى: إيماننا أو جائحة كورونا؟
ليس من هناك شيء يفرح الله مثل ايماننا به.

ليس من هناك شيء يفرح الله مثل ايماننا به.

الأب باسيليوس محفوض - لبنان :

 

الإيمان هو الفائق للطبيعة، يوجد حقائق إيمانية ولكن هناك ما هو أسمى، هو الإيمان بما يصعب على العقل استيعابه، فأنا الإنسان المحدود لا أستطيع أن أستوعب الله غير المحدود.

 

الإيمان عطية من الله، وبالنسبة لنا نحن المسيحيون الإيمان هو أن الله يهب نفسه للإنسان في يسوع المسيح ويهب للإنسان أن يتقبل العطية التي يقدمها وأن يعتنقها.

 

والإيمان هو علاقة شخصية داخلية حيّة بيسوع، يسوع دعاني أنا وبدافع محبته لي، فالمدعو هو أنا وأنتم وكل شخص، والدعوة بصفة شخصية (أي هو عطية شخصية من المحب للمحبوب الإنسان) وعلى الإنسان أن يتقبل هذه العطية ويستجيب لها.

 

في هذه الأيام وما يحدث في العالم وبخاصة في هذا زمن "الكورونا" بدا البعض يفقد ايمانه والبعض يقل ايمانه. ما نحتاجه هو قوة ايمان. لا يستطيع إنسان أن يقول أنه يؤمن بإله ولكن أفعاله لا تعبّر عن ثقة بهذا الإله، وفي المسيحية لا يستطيع إنسان أن يقول أنه مؤمن إن كان لا يعتمد على المسيح بالحقيقة في كل شيء ويثق به. فأسأل كلنا: هل نحن نثق ونعتمد على ربنا في كل شيء لنقول أننا مسيحيين مؤمنين لا نخاف من أي شيء؟

 

فالإيمان يبدأ بالثقة بما يرجوه الانسان والإيمان المسيحي يبدأ بالثقة في إلهنا. الإيمان هو أن يكون الإنسان واثقًا من وجود الله وعمله في حياتنا. الإيمان بالله هو يقود إيمان الإنسان إلى معاشرة يسوع المسيح ومعرفته جيدًا، وتكلم معه وسامع صوته، إذ يبدأ يفهم ارادته فيكون إيمانه عملي وليس معرفة نظرية ويصبح الإنسان يحيا بهذا الإيمان.

 

لذا وجب على المؤمن أن يعيش في حضرة المسيح الحي بكل لحظة حتى في لحظة التجربة والمرض والفقر، يعرف انه امام المسيح وحتى في لحظة اليأس يعرف ان المسيح الحي موجود وهو السامح بالتجربة وهو هو المخلص الوحيد.

 

إن المؤمن لا يهمه الا يسوع المسيح.

 

المؤمن لا يسمح لشيء مهما كان حقيقيًا ومباشرًا وملحًا أن يلهيه أو يبعده عن المسيح.

 

إن الخطر الأكبر على المؤمن هو بالضبط أن يلهينا العالم بالكورونا ومشاكله ولا تنتهي عن المسيح. الخطر الاكبر الآن أن يذبل المسيح، ويبهت ويكاد لا شيء، مع أنه هو في الأصل كل شيء "وكل به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان".

 

ليس الشيءٌ أسهل من ان يلهينا عن المسيح بالكورونا او بالفقر او المرض او العوز. علينا جميعا ان نعمل كل واحد منا في نطاقه لتخفيف هذه المصائب شرط الا ينسينا عملنا الدائب هذا يسوع المسيح على الصليب. شرط الا تلهينا كورونا ومكافحتها على أساس انها عمل خيري ينوب عن فعل المسيح المصلوب الناهض الممجد، او اننا لا نحتاج في مشاكل حياتنا الشخصية وحربنا على كورونا الى المسيح المصلوب.

 

يا أحبائي: أرجو ان تكون معرفتنا وايماننا بيسوع المسيح من العمق والاصالة بحيث لا يهزنا أي مرض أي فقر أي عوز ولا نسمح ان تدخل كورونا في نفوسنا أي تشكيك بالمناولة المقدسة. لا الطب ولا العلم يقدران على تطهير وشفاء النفس بحيث تصبح نقية وصافية شفافة محبة واثقة من نفسها ومن الاخرين مثل المناولة المقدسة. لذا الثبات في الايمان بالمسيح صعب، هنا امتحان الايمان الحقيقي. هل ايماننا بالمسيح ايمانًا عامرًا بحيث نثق بحكمته بمحبته بتعاليمه.

 

على المؤمن الحقيقي أن يعيش بالقرب من يسوع عن طريق المناولة المقدسة. لأن المهم في الحياة القربى من يسوع المسيح حتى ولو كانت هذه القربى فيها خطر او مرض. لانه هو  يهبنا عطية الايمان ونعمته وطريقته يملأنا سلامًا وثقة وشفاء. لذا العزلة والغربة عن المسيح وكنيسته وعن بعضنا البعض تضعف ايماننا بالمسيح. لكي نفهم المسيح اكثر ونقترب منه علينا المشاركة في الكنيسة لنفهم المسيح وروحه ونعمته اكثر فاكثر فيقوى ايماننا ويتعمق. حتى لا يقول لنا المسيح: "ما بالكم خائفين يا قليلي الايمان؟".

 

إن الايمان عدوى فاذا شعرنا بان ايماننا اخذ يفتر ويضعف، فلنتساءل: هل ما زلنا على صلة وقربى حية مع المسيح والكنيسة. إن المسيح لا يوجد الا بالشراكة. لا يوجد الا بين المؤمنين جسد المسيح الواحد الحي عبر المناولة الإلهية. لم يقل المسيح: "وحين تكون وحدك أكون معك"، بل قال: "حيث اجتمع اثنان او ثلاثة باسمي كنت هناك بينهم". فإذا كنتم يا احبائي فعلا محبون للمسيح طالبين نعمته وقوته وخلاصه فتشوا عنه في المناولة المقدسة. لا يفرح الشيطان من شيء مثلما يفرح حين يغيب الناس عن الكنيسة وبالأخص عن المناولة الإلهية فيدب اليأس في نفوسهم ويمنعهم من المجي الى المسيح.

 

اتريدون ان يشمت بكم هازئًا؟ اتريدون أن يهزأ بكم شامتًا؟ إذًا لا تخافوا من أي شيء لا من كورونا ولا من غيرها. انهضوا وتوبوا وحمِّلوا المسيح وزر خطاياكم. اتكلوا على يسوع المسيح ابن الله الحي حتى في سقطاتكم اتكلوا عليه. برّهنوا للشيطان بالفعل بأنه لا شي، وأن الكلمة الأخيرة ليست له، ولم تكن له على الاطلاق، بل دائمًا وأبدًا للمسيح.

 

قولوا مع بولس الرسول الإلهي ما قاله في رسالتة الى كنيسة روما: "المسيح هو الذي مات بل قام أيضًا وهو عن يمين الله وهو يشفع أيضا فينا. فمن يفصلنا عن محبة المسيح؟ "كورونا" أو شدة أم ضيق أم جوع… الخ. لا تخشوا أي شيء… حتى المعصية لا تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي هي في المسيح يسوع ربنا" (رومية 8: 34–39). آمين