موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الثلاثاء، ١٣ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠
أكبر مهمة علمية دولية في القطب الشمالي تحذر من خطر زوال الجليد
منظر لنهر إسماركبين الجليدي في جزيرة سبيتسبرغن في أرخبيل سفالبارد، شمال النرويج،  24 أيلول 2020

منظر لنهر إسماركبين الجليدي في جزيرة سبيتسبرغن في أرخبيل سفالبارد، شمال النرويج، 24 أيلول 2020

أ ف ب :

 

عادت أكبر مهمة علمية تنفذ في القطب الشمالي إلى مدينة بريميرهافن، شمال غرب ألمانيا، يوم الإثنين، بعدما رصدت حجم التغيرات المناخية في المنطقة والخطر الجاثم على الكتلة الجليدية المهددة بـ"الزوال" خلال مواسم الصيف.

 

وبعد 389 يومًا في البحر، عادت كاسحة الجليد "بولارشتيرن" التابعة لمعهد ألفريد-فيغينر الألماني إلى ميناء بريميرهافن، مع أسطول من السفن وجمهور احتشد منذ الصباح الباكر على الأرصفة.

 

وفي هذا الشأن، صرح رئيس البعثة ماركوس ريكس، خلال مؤتمر صحفي، "لقد وسعنا حدود ما يمكننا فعله على صعيد البحوث في المنطقة القطبية الشمالية (...) المهمة تشكل محطة تاريخية في البحوث في القطب الشمالي". لكن المسؤول عن هذه المهمة الدولية المسماة "موزاييك"، وجّه أيضًا نداء للعمل على إنقاذ الكتلة الجليدية "الآخذة في الزوال" صيفًا.


 

"هذا العالم مهدد"

 

وأكد عالم الفيزياء والمناخ "هذا العالم مهدد"، محذرًا من أنه في حال "استمر التغير المناخي على الوتيرة الحالية، فإننا سنرى المنطقة القطبية الشمالية خالية من الجليد صيفًا بعد عقود قليلة".

 

كما شدد ماركوس ريكس على ضرورة "بذل قصارى جهدنا للحفاظ (...) على الكتلة الجليدية في المنطقة القطبية الشمالية للأجيال المقبلة كما علينا محاولة استغلال الفرصة الضئيلة المتوفرة أمامنا لفعل ذلك"، واصفًا المنطقة بأنها "مذهلة واستثنائية بجمالها".

 

وقد رصد أعضاء البعثة برمتها هذا الانحسار الكبير في الكتلة الجليدية خلال سحبهم عينات أو إجراء عمليات قياس.


 

سرعة الذوبان "هائلة"

 

كما قال ريكس "رأينا مساحات كبيرة من المياه السائلة تصل إلى القطب تقريبا محاطة بجليد تنتشر فيه الثقوب نتيجة الذوبان الكثيف"، مؤكدا أن "الكتلة الجليدية في المنطقة القطبية الشمالية تذوب بسرعة هائلة".

 

ويدعم هذا الاستنتاج ببيانات أقمار اصطناعية في الولايات المتحدة كشفت أن الكتلة الجليدية انحسرت بعد ذوبانها في ثاني أصغر مساحة تسجّل على الإطلاق بعد تلك التي سجلت في 2012. 

 

وخلال الشتاء الذي واجهت فيه المهمة ظلاما دامسا طوال أشهر واستقبلت زيارات من حوالي ستين دبا قطبيا، سجل الباحثون درجات حرارة أعلى بكثير من تلك المسجلة قبل عقود قليلة.

 

وفي المجموع، شارك في هذه المهمة مئات الخبراء والعلماء من 20 بلدا أقاموا على متن السفينة التي سارت مع التيار المحيطي الممتد من الشرق إلى الغرب في المحيط  المتجمد الشمالي.

 

وقد تأثر برنامج المهمة بسبب جائحة فيروس كورونا، والتي أنقذت بصعوبة في الربيع، مع تمكن فريق جديد من الانضمام إليها بعد تأخير شهرين والخضوع لتدابير حجر صارمة.

 

واجتازت كاسحة الجليد "بولارشتيرن" في المجموع 3400 كيلومتر بصورة متعرجة، ما يوازي مسافة 1923 في خط مستقيم، ووصلت في لحظة معينة إلى بعد 1500 كيلومتر من أقرب منطقة مأهولة.

 

وبغية إتمام الأبحاث على أفضل وجه، أرسي مخيم في الكتلة الجليدية مؤلف من أربع محطات علمية في شعاع يمتد حتى 40 كيلومترا حول السفينة. 


 

تغير مناخي بوتيرة "أسرع"

 

ويعد الباحثون بإفشاء معلومات قيمة لفهم "المسارات المعقدة" في القطب الشمالي التي تؤدي إلى تغير مناخي في هذه المنطقة بوتيرة أسرع مقارنة ببقية العالم.

 

وأشار ماركوس ريكس إلى أن العلماء راقبوا خلال عام أكثر من مئة معيار، ما سمح بتحقيق "خرق في فهم النظام المناخي في المنطقة القطبية الشمالية".

 

وعكف باحثون أيضا على سبر أغوار الحياة تحت الجليد، جامعين عينات من الماء بغية تحليل العوالق النباتية والبكتيريا ودراسة تفاعل النظام البيئي البحري مع الظروف القصوى بشكل أفضل. 

 

وقد درست المهمة البالغة ميزانيتها 140 مليون يورو، كلا من الغلاف الجوي والمحيط والكتلة الجليدية والنظام البيئي لجمع معطيات من شأنها تقييم تداعيات التغير المناخي على المنطقة والعالم. 

 

ومن المنتظر أن يستغرق التحليل الكامل لهذه المعطيات الثمينة سنة أو سنتين، وهدفه استنباط نماذج لاستشراف المناخ بغية تحديد كيف ستكون موجات الحر والأمطار الغزيرة والعواصف مثلا في خلال 20 أو 50 أو 100 سنة.