موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
العالم
نشر الخميس، ١٦ أغسطس / آب ٢٠١٨
أساقفة الولايات المتحدة حول تقرير بنسلفانيا: حزن عميق وتعهّد شفاف

بنسلفانيا – أبونا :

نشر مكتب المدعي العام في ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأميركية، تقريرًا بأكثر من 1300 صفحة، حول التجاوزات الجنسية التي وقعت في ست أبرشيات الولاية الثماني. وخلص التقرير الناتج عن تحقيقات أجرتها هيئة المحلفين، لمدة عامين تقريبًا، إلى تحديد أسماء 301 من الكهنة، وأكثر من 1000 طفل تعرض للإساءة على مدار سبعين سنة الماضية. ويشير التقرير إلى هذه التجاوزات تتراوح من المضايقة إلى الاغتصاب، فيما يلفت النظر كذلك إلى القادة الكنسيين الذين فضلوا حماية المعتدين ومؤسستهم قبل كل شيء.

وتعتقد هيئة المحلفين أن العدد الحقيقي للأطفال الذين لم يقدمهم التقرير، أو أولئك الذين لم يستطيعوا تقديم شكواهم، بالآلاف. فيما أعرب الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة، من جهة ثانية، عن "العار والحزن" لهذا الفصل الجديد من فضيحة الاعتداءات الجنسية على الأطفال، مشيرين إلى الإجراءات التي تم اتخاذها منذ العام 2002. كما جددوا الوعد بتقديم التزامهم المتواصل بإبقاء الكنيسة بيئة آمنة للأطفال والعائلات.

وكانت هيئة المحلفين قد استمعت، منذ العام 2016، بقيادة نائب المدعي العام، إلى عشرات الشهادات التي تم اختيارها بشكل عشوائي من بين المواطنين العاديين، بموجب القانون الأمريكي. كما اطلعت على حوالي نصف مليون صفحة من الوثائق العائدة إلى الأبرشيات الستة. فيما شارك في هذه التحقيقات كذلك بعضًا من أعضاء مكتب التحقيقات الفدرالي. ونتيجة لتغطية القادة الكنسيين، وجد التقرير بأن كل حالة من حالات سوء المعاملة هي قديمة جدًا، وبالتالي لا يمكن مقاضاتها. لكن الهيئة حددت اثنان من الكهنة قد تم التحقيق معهما مؤخرًا بسبب انتهاكات ارتكبت خلال السنوات العشر الأخيرة، مشيرة إلى أن الأبرشية هي من قدمت الشكوى، وبالتالي يعلو الأمل بأن الكنيسة قد تغيّرت، كما يقول التقرير.

ويسلط التقرير على أنماط أداء الأبرشيات المتكرر من أجل إبقاء الشكاوى مخفية؛ فمثلاً التأكد من استخدام عبارات ملطّفة في وثائق الأبرشية بدلاً من الكلمات الحقيقية لوصف الاعتداءات الجنسية، فهي لا تشير إلى ’اغتصاب‘ إنما إلى ’اتصال غير لائق‘. كذلك لا يتم إجراء تحقيقات حقيقية مع موظفين مدربين بشكل صحيح، وبدلاً من هذا يتم القيام بإجراء تحقيقات سرية. ويلفت بأنه "يتم إرسال الكهنة إلى التقييم في مراكز علاج نفسي تابعة للكنيسة، وتقدير ما إذا الكاهن متجاوز استنادًا إلى تقارير ذاتية إلى حد كبير"، كما "لا يتم البوح بالأسباب الحقيقية لإرسال الكهنة، فيتم إخبار أبناء الرعية بأنه في ’إجازة مرضية‘ أو يعاني من ’إرهاق عصبي‘. وإذا تم اكتشاف بأن هناك كاهن متجاوز، لا تقوم الكنيسة بتجريده، إنما نقله إلى مكانٍ جديد لا يُعرف فيه بأنه مسيء للأطفال". وفي الختام لا يتم إخبار الشرطة حول هذه القضيّة.

وتدرك هيئة المحلفين في بنسلفانيا بأن هذه الأمور "قد تغيّرت كثيرًا على مدار الـ15 سنة الماضية". وتقول: "لقد اتفقنا على سماع الأبرشيات الست التي قمنا بالتحقيق معها، حتى تتمكن من إبلاغنا عن التطورات الأخيرة. وردًا على ذلك، قدّم خمسة من الأساقفة بيانات للهيئة، في حين ظهر أسقف أمامنا شخصيًا، وقدّم شهادة صريحة وقلبية. يبدو أن الكنيسة تقدم نصيحتها بتنفيذ القانون حول الإساءة بشكل أسرع. وتم إنشاء عمليات مراجعة داخلية. ولم يعد الضحايا غير مرئيين. لكن تبقى الصورة الكاملة بعد غير واضحة. نحن نعلم أن إساءة معاملة الأطفال في الكنيسة لم تختفِ بعد"، و"نحن نعلم أنه قد يكون هناك العديد من الضحايا الجدد الإضافيين، الذين لم يطوروا بعد مواردهم اللازمة للتقدم إلى الشرطة أو إلى الكنيسة. كما تعلمنا من تجارب الضحايا الذين رأيناهم أن الأمر يستغرق بعض الوقت. نأمل أن يشجع هذا التقرير الآخرين على التحدث".

وتضيف: "ما يمكن قوله هو أنه على الرغم من بعض الإصلاح المؤسساتي، إلا أن القادة الفرديين للكنيسة نجحوا بعدم المساءلة العامة إلى حدٍ كبير. كان الكهنة يغتصبون الأولاد والبنات الصغار، فيما لم يُقدم رجال الله، الذين كانوا مسؤولين عنهم، على فعل شيء؛ أخفوا لعقود كل شيء. وفي الغالب، تم حماية الأساقفة المساعدين والأساقفة ورؤساء الأساقفة والكرادلة، وتمّ ترقيتهم... إلى أن تتغير هذه الأمور، فإننا نعتقد أنه من السابق لأوانه إغلاق الكتاب المتعلق بالفضيحة الجنسية في الكنيسة الكاثوليكية". وبعد الاعتراف بأن العديد من الحالات لن يتم مقاضاتها بسبب انتهاء مدتها القانونية، كما وكون "العديد من الكهنة الذين نعرفهم ميتون"، فقد قدّمت هيئة المحلفين بعض التوصيات لحكومة بنسلفانيا الأميركية من أبرزها إبلاغ السلطات المدنية، وحق الجمهور العام "التاريخي والقانوني" في معرفة النتائج.

وتعقيبًا على هذا التقرير، أصدر مجلس الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة مذكرة توضّح "ألم أولئك الذين وقعوا ضحية لجريمة الاعتداء الجنسي من قبل كهنتها، ومن قبل أولئك الذين قاموا بتقييد المسيئين، وسهّلوا شرًا استمر لسنوات أو حتى لعقود". وقالوا: "نحن ممتنون لشجاعة أولئك الأشخاص الذين ساعدوا في التحقيق، من خلال مشاركة قصصهم الشخصية حول الإساءة. وكجسمٍ أسقفي، نشعر بالأسف تجاه الآثام والخطايا التي اقترفها الكهنة والأساقفة. كما نشعر بالحزن العميق في كل مرة نسمع فيها عن أذى ناجم عم الإساءة من قبل رجل دين من أية رتبة". وأضافوا: "ستواصل لجنة حماية القصّر عملها في حماية الأطفال والشباب، كما سيعمل مكتب حماية الأطفال والشباب على توفير سبل الشفاء لأولئك الذين تعرضوا لسوء المعاملة. نحن ملتزمون بالعمل بطرق منهجية بحيث لا تتوفر إمكانية لحدوث مثل هذه الاعتداءات".

وبعد التذكير بأن تقرير بنسلفانيا يغطي فترة 70 عامًا، يذكر الأساقفة بأنه "في عام 2002، تبنى الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة ميثاق حماية الأطفال والشباب، والذي يلزمنا بالاستجابة السريعة والتضامن مع الضحايا، كما والإبلاغ عن الإساءة، وتنحية المجرمين، واتخاذ إجراءات مستمرة لمنع هذا السوء. كما تم تعديل هذا الميثاق وتحديثه عام 2011، ومرة ثانية عام 2018. وقدّم الأساقفة تعهدهم "بالحفاظ على الشفافية، وإقالة المخالفين بشكل دائم، والحفاظ على بيئة آمنة للجميع". فيما أشارت المذكرة إلى أن الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة ستستضيف هذا الأسبوع سلسلة من الاجتماعات حول تعزيز البيئة الآمنة داخل الكنيسة.