موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الأربعاء، ٢١ أغسطس / آب ٢٠١٩
أزمة غير مرئية في جودة المياه تهدد البشر والبيئة

الأمم المتحدة :

 

حذر تقرير جديد للبنك الدولي من تدهور نوعية المياه في المناطق شديدة التلوث مما يؤدي إلى خفض الإمكانات الاقتصادية لتلك المناطق، مشيرا إلى أن "الأزمة غير المرئية" في جودة  المياه تهدد الرفاهية البشرية والبيئية.

 

وقال التقرير إنه في بعض المناطق تكون الأنهار والبحيرات ملوثة لدرجة أنها تحترق حرفيا. وتشمل الأمثلة الرئيسية بحيرة بيلاندور في بنغالور في الهند، حيث حملت الرياح رماد هذه الحرائق لمسافة تصل إلى ستة أميال، أو عشرة كيلومترات.

 

وفي الوقت الذي تتسبب فيه العديد من المسطحات المائية الأخرى في إحداث تلوث بصورة أقل دراماتيكية، إلا أنها مع ذلك لها نفس القدر من الخطورة، حيث أوضح التقرير أن هذه المسطحات المائية تحتوي على مجموعة سامة من البكتيريا ومن مخلفات الصرف الصحي والمواد الكيميائية والبلاستيكية التي تمتص الأكسجين من إمدادات المياه وتحوله إلى سم.

 

دراسة البنك الدولي التي صدرت بعنوان "جودة غير معروفة: الأزمة غير المرئية في المياه" تلقي الضوء على الطرق التي تتم بها هذه العملية، من خلال استخدام أكبر قاعدة بيانات عالمية حول جودة المياه، تم جمعها من محطات المراقبة وتكنولوجيا الاستشعار عن بعد وأدوات التعلم الآلي. ويجادل التقرير بأنه بدون اتخاذ إجراءات عاجلة، ستستمر جودة المياه في التدهور، مما يؤثر على صحة الإنسان ويخفض بشكل كبير من إنتاج الغذاء، وبالتالي يوقف التقدم الاقتصادي.

 

ويقدر التقرير أن انخفاضًا بمقدار الثلث في الإمكانات الاقتصادية للمناطق المتأثرة بسبب انخفاض جودة المياه، ينجم عن طلب الأكسجين البيوكيميائي، وهو كمية الأكسجين الذائبة التي تحتاجها البكتيريا والكائنات البيولوجية الهوائية لإزالة وتحليل النفايات العضوية في جسم مائي ما. وبمجرد أن يتخطى الطلب الأوكسجيني هذا مرحلة معينة، ينخفض النمو الاقتصادي في المناطق الواقعة أسفل مجرى المياه الملوثة بنسبة تصل إلى الثلث، بسبب الآثار السلبية على الصحة والزراعة والنظم الإيكولوجية.

 

وعن استخدام النيتروجين كسماد في الزراعة، فقال التقرير إن ذلك يعتبر مشكلة خاصة عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على جودة المياه. إذ يدخل النيتروجين في الأنهار والبحيرات والمحيطات ليتحول إلى مواد تعرف باسم النترات. وهذه النترات ضارة بالأطفال الصغار، كما يحذر التقرير، مما يؤثر على نمو وتطور المخ لدى الأطفال.

 

دراسة البنك الدولي تشير إلى أنه مقابل كل كيلوغرام إضافي من سماد النيتروجين يدخل في إمدادات المياه بصورة نترات، يمكن أن يزيد مستوى ظاهرة التقزم في الطفولة بنسبة تصل إلى 19%، مقارنة مع الأطفال الذين لم يتعرضوا له. بل وتضيف الدراسة أن لهذا الأمر أيضا تأثير على دخل الأطفال المتأثرين في المستقبل، حيث يقلل من دخلهم، بعد انضمامهم لسوق العمل، بنسبة تصل إلى 2%. وأوضح التقرير أن من بين العوامل التي تجعل الأرض أقل إنتاجية من الناحية الزراعية، زيادة الملوحة في المياه، التي تنتج بدورها عن الجفاف الشديد واشتداد العواصف وارتفاع معدلات استخراج المياه.

 

ويقدر التقرير أنه في كل عام، يفقد العالم ما يكفي من الغذاء لإطعام 170 مليون شخص، أي ما يعادل عدد سكان بنغلاديش، بسبب زيادة الملوحة. ومن أجل مواجهة هذه التحديات، دعا البنك الدولي إلى إيلاء اهتمام فوري لهذه المخاطر، التي تواجه البلدان المتقدمة والنامية أيضا على المستوى العالمي والوطني والمحلي.

 

كما أوصى التقرير  بمجموعة من الإجراءات التي يمكن للبلدان أن تتخذها لتحسين نوعية المياه، ومن بينها تبني سياسات ومعايير بيئية؛ ورصد دقيق لمستويات التلوث؛ وإنشاء بنية تحتية لمعالجة المياه مدعومة بحوافز للاستثمار الخاص؛ توفير معلومات موثوقة ودقيقة للأفراد لإلهام وتشجيع مشاركة المواطنين.