موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الجمعة، ٢١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
أجداد يخضعون لرغبات الأحفاد وينجذبون نحو منصات التواصل الاجتماعي

ربى الرياحي - الغد :

بروحها المرحة وحديثها المحبب للنفس نجحت الطفلة حنين الطوس (12 عاما) في إقناع جدتها بتحميل واستخدام تطبيقات الهاتف الذكي، بعد أن كان مقتصرا على إجراء وتلقي المكالمات الهاتفية.

بدأت الصغيرة بتعريف جدتها في كيفية استخدام "واتساب" والتواصل مع الآخرين، وحظيت الفكرة بإعجاب الأخيرة، وانتقلت مباشرة للدردشات واستخدام الصور، بالإضافة لاستبدال الحالات بشكل يومي، خصوصا أن "حنين" هي المسؤولة عن إرسال هذه "الحالات"، بطلب من الجدة.

لم تكتف الحفيدة باستخدام جدتها لتطبيق "واتساب"، واتجهت لتعريفها بـ"فيسبوك" وكيفية إنشاء حساب خاص بالجدة يمكنها من التواصل مع الآخرين.

تبادل للأدوار وخروج عما هو مألوف حالة تلغي معها تلك الفجوة الدائرة بين الأجيال، وتجسد بعمق دفء العلاقة ومتانتها بين الأجداد والأحفاد.

الجميع يدرك بأن تغيرات الحياة والانتشار الواسع للتكنولوجيا أسباب جعلت من الحفيد بمثابة المعلم الأول لجده وجدته، وتحديدا فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الأجهزة الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها المتطورة، وهو الأمر المحبب للأجداد.

عداء كبير ومبالغ فيه كانت تبديه الجدة أم سامي لمواقع التواصل الاجتماعي، وتلك الأجهزة الحديثة الذكية.. محاولات لا تعد ولا تحصى تلك التي لجأ إليها أبناؤها لإقناعها بمواكبة التكنولوجيا والدخول إلى العالم الافتراضي، لكنها ظلت ترفض وتدين بشدة تعلق الكثيرين بها والانجراف خلفها. وعللت ذلك الرفض بأن السلبيات أكثر من الإيجابيات وأن الاستسلام لسطوة هذه المواقع يعني تخليا صريحا عن ذلك الترابط الذي توجده الزيارات العائلية.

وتتابع الجدة أم سامي، لكن أحيانا الوحدة والحاجة لأن نتواصل مع من نحب يدفعنا لتغيير رأينا والبحث عن طرق جديدة لكسر الروتين الممل، وتبين لهذا السبب "قررت أن أستجيب لإلحاح حفيدتي سلام ذات الخمسة عشر عاما التي كانت تصر كثيرا على تعليمها أسس التعامل مع عالم جديد ومختلف بكل ما فيه".

تقول بأنها بدأت بالتدريج تنجذب لحياة لم تكن تؤمن بها من قبل، وأصبحت أكثر اللحظات سعادة واستمتاعا بالنسبة لها تلك التي تقضيها على يوتيوب وفيسبوك وواتساب برفقة نساء يقربنها بالعمر، حتى أنها استطاعت أن تكون صداقات كثيرة من خلال تواصلها على هذه المواقع. وتؤكد أن التوازن في التوجه لمنصات التواصل الاجتماعي تجعلنا دائما في قلب الأحداث، ويبدد شعور الوحدة الذي يباغتنا رغما عنا ويخلق أجواء من الألفة والتقارب مع من حولنا.

كرم إبراهيم (16 عاما) يقول أن حبه الشديد لجده وقربه منه كونه الحفيد الأول له أعطاه امتيازا خاصا مكنه من أن يكتسب ثقته لدرجة أن جده لا يرفض له طلبا.

ويضيف إصراره على أن يجعل جده أكثر انفتاحا على العالم جاء بعد أن أحس بأنه يعيش في عزلة ليس هناك ما يفعله يسيطر عليه الفراغ، لهذا السبب لجأ للتكنولوجيا التي جعلت من العالم قرية صغيرة، وبدأ أولا بإنشاء حساب خاص لجده على فيسبوك، ومن ثم نشر صورة له فانهالت التعليقات عليها بشكل كبير.

تعليقات تفيض حبا واحتراما وتقديرا على الصورة، الأمر الذي جعل الجد يتأثر كثيرا بذلك، ويقرر الدخول إلى العالم الافتراضي ومشاركة الأصدقاء عنده عمر كامل من الذكريات سواء كان ذلك بالصور أو باسترجاع مواقف قديمة مع أشخاص من جيله.

ويقول إن جده لا يكتفي اليوم بالمناقشات الدائرة على مواقع التواصل الاجتماعي فحسب بل أيضا يتصفح الصحف والمواقع الإلكترونية، ويطلع على الأخبار أولا بأول.

إشراك الأجداد بالتطور الحاصل يقربهم أكثر من محيطهم وخاصة بمساعدة الأحفاد، إذ يجدون في ذلك متعة كبيرة وإحساسا بضرورة التعرف على ما يدور بهذا العالم، والاطلاع على كل ما هو جديد.

اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة يقول، للأحفاد مكانة مميزة عند أجدادهم يتمتعون بكثير من الامتيازات الخاصة، وذلك بسبب العلاقة العاطفية التي تجمع بينهم وكمية الحنان التي يمنحونها لهم، وقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي متاحة للجميع يتعامل معها كبارا أو صغارا.

ويضيف أن الأحفاد يحاولون دائما تغيير الحالة النفسية لأجدادهم وإشعارهم بالتطور وإطلاعهم على جميع الأحداث ويفسر الموضوع على أنه حالة من التفاعل بين الأجيال ومحاولة خلق صور جديدة عند الأجداد.

ويشير إلى أن الأجداد بطبيعتهم يميلون إلى إرضاء أحفادهم وإرضاء أنفسهم أيضا، حيث أنهم يجدون بمواقع التواصل الاجتماعي مساحة للتعبير عن أنفسهم وآرائهم.

ويرى أنها حالة إيجابية أن يكون هناك اتصال بينهم وبين العالم الخارجي من خلال هذه المواقع، ويبين أن الأحفاد هم شعلة التغيير والتجديد والتطوير، وكونهم يجدون أن وسائل التواصل الاجتماعي بالنسبة لهم هي هدف وغاية يبحثون عنها ويتعاملون معها بشكل يومي ومستمر، فيقومون بطرحه على الأجداد على أنه شيء جميل، وبالفعل يحظون بقبولهم للفكرة.

ويبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن نحو 6.6 مليون مستخدم بحسب ما نشرته "الغد" مؤخرا. وفي أرقام نشرها تقرير مركز بيو للأبحاث عن ارتفاع نسبة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم في دراسة شملت 39 دولة؛ أظهرت أن نسبة استخدام الإنترنت توسع بالأردن بمتوسط 80%، وبلغت نسبة الانتشار بين العمر 18-34 لما يقارب 75%. ويستخدم نحو 75% من البالغين لمنصات التواصل الاجتماعي، وشكلت نسبة التفاعل عليها 94%. وتقدر نسبة امتلاك الأردنيين للهواتف الذكية بـ76%.

وبحسب التقرير السنوي السادس عن حالة وسائل الإعلام الاجتماعية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا الذي أصدرته جامعة نورث وسترن في قطر للفئة العمرية لمن هم فوق 45 عاما 48% للذكور مقابل 46% للإناث. وشكلت نسبة استخدام فيسبوك بين الذكور لنفس الفئة العمرية من الذكور 98% مقابل 95% للنساء. ونسبة امتلاك الهواتف الذكية لنفس الفئة العمرية أيضا من الذكور 59% مقابل 58% للنساء.