موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الأحد، ١٢ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٠
«الطاقة السوداء» ونهضة الشباب العربي

بيروت - محاسن حدارة :

احتفى العالم بالعام ٢٠٢٠ بأكثرية بشرية قلبت المعادلة الطبيعية للأرض، وتقدم حضور الإنسان على الطبيعة ليحتل سبعين في المئة من المساحة الجغرافية لتتراجع الطبيعة وتشكل فقط ثلاثين في المئة. مشهد يبدو طبيعيًا، ولكن الحقيقة الصارخة تقول إن الإنسان قتل ويقتل أخيه الإنسان بكامل قواه العقلية بحجة الدين والسياسة وقضايا أخرى وصولًا إلى إقتضام الطبيعة ومحو معالمها بحجة العمران.

العالم يحتضر على وقع جرائم تطال بنيته البشرية والطبيعية، العالم أصبح مسرحًا مفتوحًا تتغير فيه المشاهد والفصول والصورة واحدة، عنف ودمار وكراهية تُصيب معظم أتباع الأديان والثقافات والطبيعة. شاهدوا معي، البلدان كافة وعلى مختلف «الكتل السبع» أي القارات السبعة، بلدان تثور عليها الطبيعة لتُهجّر وتُشرّد الملايين وتُصبح منكوبة، وبلدان تتقاتل مع أخرى للسيطرة عليها، فتُهجَّر الملايين وتَعْجز التقارير الرسمية وغير الرسمية بإحصاء عدد الموتى والمفقودين، وبلدان أخرى تعيش تحت اضطرابات وثورات واحتجاجات نتيجة الفساد في الأرض والبحر والبرّ.

إنها «الطاقة السوداء» التي تمدّ العالم بتيار الكراهية وتحسه على الإحباط والتطرف والفساد في الأرض. هذه الطاقة ليست وليدة القوة والنصر، إنما الضعف والإستسلام. هل يمكننا استبدال «الطاقة السوداء»؟ هل نستطيع؟ لا خلاص لنا إلا بالإرادة والإيمان والمحبة، وهنا تَكْمُن المعجزات البشرية لتأمين "طاقة النور"، وهي موجودة داخل كل فردٍ منا، فإذا أراد سيتغلب على المستحيل ويصنع الفرق ويجعل من التحدي فرصة للعبور إلى الحياة، حيث تنتصر مقولة «الفرد يصنع الفرق».

قبيل عيد الميلاد المجيد، وقبل الدخول إلى العام الجديد ٢٠٢٠، أطلق المركز العالمي للحوار «كايسيد» في فيينا وبالتعاون مع مركز «الحياة» لتنمية المجتمع المدني في عمان، منتدى "الشباب العربي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات"، بمشاركة أكثر من مئة شابة وشاب من ١٥ دولة عربية في العاصمة الأردنية - عمان.

ومن هنا تبدأ الحكاية، لماذا منتدى «الشباب العربي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات»؟

منذ آلاف السنين نال هذا الشرق المقدس وسام «السلام» حيث عاش فيه جميع أتباع الأديان والثقافات، واستوطن فيه جميع الأنبياء والمرسلين ونشروا رسالة الإيمان بالإنسانية، هذا الدور الأكبر للإنسان على الأرض تولى قيادته في معظم الأحيان رجال الدين وغيرهم وتغيب عنه الشباب، وتوالت الأحداث على منطقتنا وخطفها الإرهاب بإسم الدين، والهدف الرئيس كان زرع «الطاقة السوداء» في عقول الشباب لضلال وتفرقة المجتمع العربي.

ولكن «سرّ المقدس» لهذا الشرق كان أقوى، والشباب العربي بأكثرية حضارية تتجاوز الستين في المئة قالت كلمتها، نعم للوحدة الإنسانية، نعم لرفع قيم المواطنة كقانون أبدي لتطور ورقي مجتمعاتنا، نعم لتشكيل خلية نحل عربية عمادها عمارة الأرض، لتمهيد الطريق إلى ولادة جديدة للحوار تكمن آلياته بالعمل الميداني، وبالتالي، الرفع عن سواعدنا والمضي إلى جهود جدية لخدمة المواطنة المحلية والإقليمية والدولية أي المواطنة العالمية.

المشهد أعلاه وقع عليه بنشامة أكثر من مئة شابة وشاب من 15 دولة عربية، وولد إلى الحرية أول منتدى لـ «الشباب العربي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات» في المنطقة، لمواجهة خطر الفوضى بقيادة شبابية تؤمن بالحوار كسبيل وحيد للحرية والعدالة الإجتماعية، وبناء الجسور مع القيادات الدينية والسياسية والرسمية وغير الرسمية.

نحن الشباب نملك الحق وسنعمل على نشره عربيًا وعالميًا، نحن الشباب تعبنا من الوطن المؤقت وسنناضل من أجل وطن دائم يجمعنا بكرامة وحرية وعدالة.

(اللواء اللبنانية)