موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١٩ أغسطس / آب ٢٠١٩
نحو خطاب إسلامي معاصر

د. حسان ابوعرقوب :

يعتقد فريق من الناس أن استعمال الأدوات والوسائل الحديثة في نشر الدعوة والثقافة الإسلامية يجعل الخطاب الإسلامي معاصرا، وهذا اعتقاد يحتاج إلى تأمل، لأنّ أي شخص يمكنه استعمال هذه الأدوات والبرامج الحديثة مثل (الواتس آب، والفيس بوك، والتويتر) عن طريق الجوال أو الحاسوب المحمول، لنشر أفكاره الرجعية والمتخلفة، ولا يمكن أن نصف خطابه بعد ذلك بأنه معاصر، فالعبرة ليست باستعمال الأدوات والبرامج الحديثة فقط، بل لابد من تطوير بنية الخطاب ذاتها، من حيث اللغة، والأفكار، والأهداف، والمقاصد، والوسائل.

ومن أهم الأهداف التي ينبغي أن يركز عليها الخطاب الإسلامي المعاصر الوصول إلى القيادة الحضارية، فلا يمكن لأمتنا أن تكون قدوة لغيرها مادامت خارجة عن الركب الحضاري للعالَم، والعالَم لا يتبع إلى من نصّب نفسه عن جدارة قائدا له، من خلال القوة الأخلاقية، والعلمية، والفكرية، والصناعية، والزراعية، والتجارية. فهنا يأتي دور العلماء والدعاة، أن يحثوا الناس على العلم والبناء والتطوّر، والبعد عن أسباب الجهل والتخلف، وألا يكون العلماء والدعاة أحد أسباب الجهل والتخلف وذلك بالتركيز على الهوامش التي لا تضر ولا تنفع، تاركا المهمات والأساسيات، فمثلا من يسخّر خطبة الجمعة ليبين بطلان أضحية من قص ظفره أو شعره-وهي مسألة خلافية فرعية- والمسلمون يضحّى بأرواحهم في مشارق الأرض ومغاربها، لا شكّ أنه أضاع البوصلة.

ومن أهم الأهداف –أيضا- أن تقدم الصورة الحقيقية المشرقة للإسلام وأخلاقه وتعاليمه، وهذا واجب على العلماء والدعاة، ولا نعدم من يقوم بالعكس تماما، حيث يقدّم الصورة الخطأ والمغلوطة التي تشوّه صورة الإسلام والمسلمين، وذلك كمن ينشر خطاب الكراهية والعنف، ويحث على العيش بمعزل عن الحياة الدنيا وأهلها.

وعلى الدعاة والعلماء أن يحافظوا على وَحدة الأمة في خطابهم؛ لأنه مقصد شرعي لا غنى عنه، فأمتنا أمة الجسد الواحد، وكل خطاب يدعو إلى الانقسام أو التفرقة، أو التشظي، فليس من الإسلام في شيء، بل هو نقيض له، ومخالف لأحكامه وتعاليمه وأخلاقه.

وبناء على ما سبق نستطيع أن نميّز بين الخطاب الإسلامي المعاصر الذي يحيا بالدين ومعه، والخطاب الذي يشوّه الدين وأهله، والذي علينا أن نقوم بمعالجته، ومعالجة أصحابه بالحكمة والموعظة الحسنة.

(الدستور الأردنية)