موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ١٩ يوليو / تموز ٢٠١٩
في ضرورة شن حملة لتطبيق شروط السلامة العامة وبكل جدية

حنا ميخائيل سلامة - كاتب وباحث :

هل لديكم طفاية حريق؟ هل لديكم صندوق إسعاف؟ سؤالان تطرحهما في العادة، فِرق السلامة العامة عند كل زيارة سنوية أو نصف سنوية للتفتيش على محلاتٍ وشركاتٍ ومعارضَ على اختلاف أنواعها. وبعد أن يتمَّ التأكد من توفرهِما مع ما يصحب هذا في حالات من جولة سريعة تغادر تلك الفِرَق باعتبار الأمور كلِّها على ما يرام. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا تلفتت فرق السلامة العامة إلى المحلات والمستودعات والمعارض الموجودة داخل المجمعات التجارية وفي طوابق عمارات وأبنية كثيرة سواء التجارية منها أم السَّكنية في داخل العاصمة أو في محيطها بما في ذلك سائر المدن والبلدات، حيث تحتشد تلك الطوابق بالمحلات المتلاصقة التي تتكدَّس فيها أطنان الأقمشة والملابس والأحذية ومنتجات الكاوتشوك والبلاستك وبضائع ومعروضات أخرى، في ظروفٍ تنعدم فيها أدنى شروط ومتطلبات السلامة العامة، علماً أنها من البضائع القابلة للاشتعال من شرارة واحدة؟

وإذا كانت فرق السلامة العامة التي تُمثـِّلُ المديريات المختصة والدوائر الرسمية تضمُّ خلال حملات التفتيش خبراء ومختصين، فلماذا تـَصْرِفُ النظر عن إلقاء نظرة فاحصة على الأنظمة الكهربائية والتمديدات وحجم الأحمال الزائدة عليها؟ ولو أنَّها ألقت نظرة من نوافذ طوابق تجارية أو سكنية إلى تندات الدكاكين وشرفات طوابق المحلات والمستودعات لوجدت مشهداً خطيراً لا يخطر على البال وهو تراكم كميات كبيرة من الأسلاك الكهربائية الممدودة والمتصلة ببعضها، ومن تلك الأسلاك ما يسري فيه التيار الكهربائي بقوة ثلاثة – فاز - حيث ألقيت فوق بعضها البعض بشكل عشوائي، ومنها ما يحيط بأجهزة التكييف المثبتة على الجدران أو المتموضِعة فوق الشرفات حيث يندفع منها هواءٌ ساخِنٌ يذيب أقوى شبكات الكيبلات والأسلاك القديمة مع حرارة الطقس. ومع تآكل الأغلِفة الواقية للإسلاك التي يسري فيها التيار الكهربائي وتعرِّيها وتفتَّتت وصْلاتِها بفِعْل القِدَمِ وتقلبات الفصول وحرارة الشمس الحارقة، أصبحت ولِتَجمُّعِها فوق بعضها البعض وقرب تماسِّها تشكل خطراً كبيراً على الطوابق السالِفة الذِكِر، والإتيان على ما فيها بحريقٍ يفتك ويمتد عمودياً وأفقيا لعشرات المحلات والمستودعات المتلاصِقة بما يتعذر إخماده إلا بعد وقوع خسائر مادية ضخمة قد يواكبها خسائر بشرية!

وإذا كانت السلامة العامة في كثيرٍ من محلات ومخازن الطوابق الأرضية المتجاورة والمحشودة ببضائع سريعة الاشتعال شبه معدومة، فإن ما يلفت الانتباه منح تراخيص مزاولة مهنة لمطاعم الوجبات السريعة وغير السريعة لمجرد قيام أصحابها بتركيب مداخِن.. لكن دون استيفاء الشروط المحدَّدة من ناحية الارتفاع المطلوب وجودة التصنيع والتركيب. فتراها وقد أخذت تقذف حِمَمَها من أبخِرَة وغازات وزيوتٍ محترقه على التندات والشرفات التي تتكدس عليها الكيبلات وشبكات الأسلاك بما يُسهِّل ذوبانها فتماسها فاشتعال المحيط بها ثم الانتقال بلمح البصر إلى داخل الطوابق حيث الأقمشة والملابس والمنتجات البلاستيكية والكاوتشوكية. ولن أخوض في أماكن تموضع أسطوانات الغاز في المطاعم وأخص الشعبية منها حيث تجدها ملتصقة بأدوات الطهي أثناء إشعالها وتشغيلها بل وقرب العاملين عليها والزبائن!

إن تطبيق شروط السلامة العامة بكافة بنودها على الجميع ودون استثناء مسألة لا تحتمل التأجيل! آخذين بعين الإعتبار أن أي تغاضٍ من أي جهة مسؤولة، أو إهمال أيّ صاحب موقعٍ أو محلٍ أو مستودعٍ أو مؤسسة خاصة كانت أم عامة قد يوقع ضحايا بشرية بما في ذلك تدمير أسباب معيشة الكثيرين! ولعل ذاكرتنا ما زالت تختزن ما جرى لمرات متتاليةٍ كثيرةٍ ولا يزال أمام سمع وبصر الجهات المعنية بتطبيق القوانين في الشأن الخطير أعلاه!!

Hanna_salameh@yahoo.com