موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٣٠ يوليو / تموز ٢٠١٩
صحافة المواطن.. واقع لا بد منه!

حنان كامل الشيخ :

أسهمت الشبكة الإلكترونية، كأحد الجوانب التي قدمتها ثورة التقنية الحديثة في مجال الاتصال، في تغيير المفهوم السائد لوسائل الإعلام التقليدية، نتيجة التفوق الذي تقدمه على مدار الساعة، والمتمثل في سرعتها في نقل الأخبار وقت حدوثها وإلحاقها بالصور وأفلام الفيديو، وبعض المؤثرات التفاعلية الأخرى التي يعتقد “المتلقون الجدد” بأنها تدعم مصداقية الخبر!

كل هذا يتواكب مع ظهور أجيال جديدة تمارس أنشطتها كافة من خلال الإنترنت الذي أصبح يستقطب العديد من شرائح المجتمع، وبالتالي أصبحت لا تُقبل على الصحافة الورقية ولا وسائل الإعلام التقليدية الأخرى.

تعد مشاركة المواطنين في وسائل الإعلام، أو مساهمة المتلقين، المسؤولة عن ولادة ما عرف بـ”صحافة المواطن” أو بمعنى آخر “المتلقي عندما يصبح مرسلا”، والتي أثرت بشكل كبير خـلال الأعـوام الماضـية علـى تكـوين الـرأي العـام وتشـكيل اتجاهاته، والمختلف في شكلها أن الجماهير التي تشهد الحوادث يمكن أن تكون شهود عيان حال وقوعها أو إرسال تقرير وصور إلى وسائل الإعلام، وخلافا للصحفيين في وسائل الإعلام الرئيسية، يمكن للصحفيين المواطنين أن يكونوا مساهمين مجهولين من دون أي تدريب على الصحافة. وهذا الأمر شكل جدلا واسعا وما يزال بخصوص الامتثال لمواثيق وأخلاقيات الإعلام، من حيث احترام الخصوصيات ومصداقية المعلومات.

وكان نمو صحافة المواطن نتيجة ما ينشره الجمهور بشكل متزايد أو ما يسهمون به في وسائل الإعلام بدلا من مجرد استهلاكه واستقباله، ويرى كثير من مرتادي مواقع التواصل، “واليائسين” من دور الصحافة والإعلام التقليديين، أن هذه الجماهير تلعب دورا أكبر في توفير محتوى إخباري لوسائل الإعلام، كونها عيون وآذان وسائل الإعلام في توفير المعلومات الفورية مثل الصور وأشرطة الفيديو من الحوادث أو الأحداث الآنية، وبعبارة أخرى الأحداث المتسارعة، التي تتطلب وجودا على أرض الواقع، بوسائل وأدوار اكتسحت الطريقة التقليدية للإبلاغ عن الأخبار؛ حيث اعتمد كثير من الصحف على صور ومواضيع صحفية نشرت في مدونات لمواطنين لم يسبق لهم احتراف أو ممارسة العمل الصحفي.

ونظرا لتزايد الاهتمام بمواضيع حقوق الإنسان على المستويين المحلي والدولي، ومع تزايد المطالبة بتحقيقها في ظل العدالة الانتقائية التي تمارس من قبل بعض الدول في مجالات حقوق الإنسان المختلفة، ونظرا لما حققته صحافة المواطن من انتشار كبير على المواقع والصحف الإلكترونية؛ حيث أوجدت صحافة المواطن مفهوما جديدا للمجتمع العالمي يتمثل في حق كل مواطن الحصول على المعلومات، كما يمتلك نتيجة لتوفر تقنيات الاتصال القدرة على توزيعها ونشره؛ فإن هذا النوع من المواد المرسلة أصبح أكثر شيوعا وانتشارا، ومنح المواطنين نوعا ما شرعية مبطنة كونهم يهتمون أصلا بقضايا حقوقية وإنسانية، تهم المجتمع ككل.

هذا الأمر يبدو أنه سيجبر الإعلام التقليدي على إدراج أقسام خاصة للمواد الخبرية المرسلة من المواطن في الصحف والدوريات، بالإضافة إلى استحداث أبواب خاصة لصحافة المواطن، وليس الاكتفاء بأبواب محددة ومحشورة داخل برامج وزوايا تتبرأ من مصداقية الخبر ولكنها في الوقت نفسه مجبورة على إلقاء الضوء عليه! بحيث يصبح هناك استمرارية في المتابعة والاهتمام بدور المواطن الصحفي في الصحافة التقليدية إلى جانب ما تتناوله وسائل الإعلام الجديدة، وهو ما تحقق على استحياء في كثير من وسائل الإعلام، نظرا لاقتصاره على نشر صور مرسلة من المواطنين مرفقة بإيضاح للصورة لبعض التجاوزات أو المخالفات في المجتمع.

ثم إن ضرورة الاهتمام بتنوع الفنون الصحفية واحتلال هذا النوع والشكل الجديدين لصورة الخبر والتقرير تفرض علينا تقديم المحتوى المهني، بالإخراج والاختصار الذي يبحث عنه الجمهور، والاهتمام بنقل الأحداث بموضوعية وعدم الانحياز إلى جانب على حساب الآخر، والابتعاد عن التكهنات والآراء الشخصية، مع توخي الدقة والأمانة، حتى يتحقق الهدف من صحافة المواطن في المشاركة في نقل الأحداث بدقة وموضوعية.

(الغد)