موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٥ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
رئيس مجلس كنائس مصر يتحدث عن آمال الوحدة والعقبات التي تواجهها

حاورته: تريزة شنودة ومونيكا جرجس :

<p dir="RTL">رأى الأب بولس جرس، رئيس مجلس كنائس مصر، أن تحقيق الوحدة بين الكنائس المصرية أمر يصعب تحقيقه، وإن كان ذلك لا يمنع الحوار بينها من أجل تقريب وجهات النظر ودعم ثقافة تقبل الآخر.</p><p dir="RTL">وقال راعي كنيسة الأنبا أنطونيوس للأقباط الكاثوليك في الفجالة، في حواره مع &laquo;الدستور&raquo;، إن المجلس يعمل على تقريب وجهات النظر بين الكنائس المسيحية في مواجهة الأفكار المتطرفة التي تحاول إقصاء الآخر، بالإضافة إلى عمله على تخريج جيل من الخدام من الشباب الذين يستطيعون إفادة كنائسهم ومجتمعاتهم.</p><p dir="RTL">واعتبر أن &laquo;الإيمان العاطفي&raquo; والانغلاق الكنسي أهم أسباب انتشار الإلحاد بين الشباب في مصر حاليًا، داعيًا القيادات الكنسية إلى تطوير وسائلها والدعوة لـ&laquo;الإيمان العقلي&raquo; من أجل مواجهة ظاهرتي الإلحاد والتطرف.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>بداية.. لماذا تأخر الاحتفال السنوي لمجلس كنائس مصر عن موعد انعقاده الذي كان مقررًا في أكتوبر الماضي؟</strong></span></p><p dir="RTL">تأجيل الاحتفالية السنوية للمجلس كان بسبب عدم وجود قيادات الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية في مصر، نتيجة سفرهما إلى الخارج في رحلات رعوية، لذا لم يكن ممكنًا أن تجري الاحتفالية في موعدها، فاضطررنا لتأجيلها إلى فبراير من العام المقبل.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>ما الهدف من تأسيس مجلس كنائس مصر؟</strong></span></p><p dir="RTL">كل جماعة مسيحية تسعى بالأساس لأن نكون واحدًا في المسيح، أي أن نتحد به، لكن طبيعة البشر تميل للتعددية التي تعد سمة بشرية، لكننا أصبحنا نعاني حاليًا من أزمة محاولة البعض إلغاء الآخر لمجرد الاختلاف في الرأي.</p><p dir="RTL">محاولات الإلغاء هذه هي قوام الفكر الإرهابي المتطرف الذي يعتقد صاحبه أنه هو وحده على صواب ويحاول إقصاء الآخر بالقتل، وحتى نواجه ذلك دشنا مجلس كنائس مصر حتى يتعلم الجميع قبول الآخر عبر دعم الحوار بين الكنائس المختلفة، وهدفنا منه هو تأهيل الشباب والخدام حتى يقبلوا الآخر دون تعصب، ويؤدوا دورهم المجتمعي بأمانة كي يستطيعوا خدمة مجتمعهم المصري ككل، لا الكنسي فقط.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>هل يعنى ذلك أنكم تهدفون لتحقيق الوحدة بين الكنائس؟</strong></span></p><p dir="RTL">من الصعب تحقيق وحدة الكنائس في الوقت الحالي، فهذا أمر لن يحدث إلا بـ&laquo;مجيء المسيح&raquo;، لكن ذلك لا يعني أنه يجب عليها الانغلاق والخوف من الآخر وعدم التحاور مع بعضها، كما تحاول بعض القيادات في الكنائس المختلفة أن تفعل.</p><p dir="RTL">ففكرة منع الشباب من قبول الآخر، عبر تشويه صورته أو تصويره بشكل خاطئ أمر لا يواكب العصر، لأن المعرفة أصبحت متاحة بسهولة للشباب ولكل الأجيال الجديدة، وأصبح بإمكانهم التعرف على حقيقة الأمور عبر بحث بسيط على الإنترنت، لذا فمن الخطأ الاستمرار في هذه الفكرة، بل يجب دعم ثقافة الحوار بين جميع الأطراف.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>هل تعني أن بعض القيادات الدينية بالكنائس المختلفة تحاول عرقلة جهود التقارب بين الكنائس؟</strong></span></p><p dir="RTL">للأسف، هناك بعض الأشخاص داخل الكنائس يعانون من التعصب الفكري تجاه الآخر ويرفضون قبول الكنائس الأخرى، وهذا الأمر ينطبق على الجميع، سواء كانوا كاثوليكًا أو أرثوذكسًا أو إنجيليين. هؤلاء يرون أنهم الصواب والحق، لذا يرفضون التعامل مع الآخر ويدعون للانغلاق على الذات، وهذا أمر يرفضه المسيح، لأنه يريدنا جميعًا أن نكون متحدين به.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>ما الموضوعات الأساسية الموجودة على أجندة النقاش داخل المجلس؟</strong></span></p><p dir="RTL">مجلس كنائس مصر يتكون من لجانٍ مختلفة مثل المرأة والشباب والحوار اللاهوتي والقيادات الكنسية وجميعهم يهدفون لأمر واحد هو الحوار من أجل التقارب الكنسي بين الكنائس المسيحية. ورغم ذلك هناك بعض اللجان المهمة لاتزال معطلة ولا تلعب دورها في التقارب مثل لجنة الحوار اللاهوتي التي تتعطل أعمالها منذ تأسيسها نتيجة الاختلاف بين الكنائس في بعض الأمور العقائدية. كما تسعى هذه اللجان إلى إيجاد حلول لعدة مشكلات عامة مثل الإلحاد وابتعاد الشباب عن الكنيسة وغيرهما.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>كيف يمكن للمجلس أن يواجه ظاهرة انتشار الإلحاد بين الشباب؟</strong></span></p><p dir="RTL">الإلحاد ظاهرة غير جديدة، سواء على المجتمع المصري أو على المسيحية، فهي موجودة منذ عهد السيد المسيح، وتخطيها يكون عبر تخطي فكرة الإيمان العاطفي إلى مرحلة الإيمان العقلي، التي تعني التفكير في وجود الله بالعقل والعلم.</p><p dir="RTL">وأعتقد أن سبب انتشار هذه الظاهرة حاليًا في الأوساط الشبابية هو ابتعاد القيادات الكنسية عن الفكر المعاصر واختلاف النظرة بين القيادات الكنسية والشباب، فيجب علينا قبل أن ندعو الشباب لدخول الكنيسة أن نعد راعيًا بمعنى الكلمة يستطيع أن يكون قريبًا من قلوبهم وعقولهم.</p><p dir="RTL">ولا يمكن أن تستمر الدعوة لـ&laquo;الإيمان العاطفي&raquo; في الوقت الذي يبحث فيه الشباب عن &laquo;الإيمان العقلي&raquo; وإثبات وجود الله، وكل ذلك أدى لانخفاض أعداد المترددين على الكنائس بمختلف طوائفها إلى ١٥٪ فقط من المسيحيين، رغم زيادة عدد الكنائس وتوافرها. لذا يجب على هذه القيادات الاقتراب من الشباب وتفكيرهم أولا، كما دعا لذلك سينودس الشباب العالمي برعاية بابا الفاتيكان من أجل إيجاد مساحة من المشتركات.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>ذكرتم أن الخلافات تعرقل جهود لجنة الحوار اللاهوتي.. فماذا عن مساعي توحيد المعمودية بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية؟</strong></span></p><p dir="RTL">هذا الأمر كان حلمًا لدى البابا فرنسيس والبابا تواضروس وسعيا معًا لتحقيقه، لكن توحيد المعمودية لم يلق قبولًا بين كثيرين، لذا لم يتم، رغم النية الصادقة للبابوين في سعيهما للوحدة الكنسية، وزيارة بابا الفاتيكان للقاهرة دعمًا لذلك. ورغم أن الكنيسة الأرثوذكسية قريبة من جميع الكنائس الأخرى بالمجلس من حيث الطقوس والأسرار المقدسة، فإن بعض قياداتها لا يريدون الاعتراف بذلك ويخشون من خطط التقارب بين الكنيستين كي يحافظوا على سلطتهم الدينية داخل كنائسهم.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>من وجهة نظرك.. كيف يمكن تجديد الخطاب الديني في المسيحية للتغلب على جهود عرقلة الوحدة بين الكنائس؟</strong></span></p><p dir="RTL">الخطاب الديني المسيحي في أشد الحاجة للتجديد والتطوير، خاصة بعد انغلاق كل كنيسة على ذاتها، ورفض بعض قياداتها التقارب مع الكنائس الأخرى، لكن تجديد الخطاب الديني المسيحي لن يقوم ما دامت هناك عقول تقليدية تعيش بفكر الماضي ولا تقبل الآخر.</p><p dir="RTL">ويجب أن يقوم خطابنا المعاصر على قبول الاختلاف مع الآخر دون تحويله إلى خلاف يؤدي لمزيد من الانعزال، فلا يمكننا أن نرفض التقارب بين الكنائس الشقيقة ونكفر بعضنا البعض ثم نلوم على بعض الأديان الأخرى التي تكفرنا، وهذا الأمر المؤسف يدعونا لوضع حد له عبر زيادة مساحة الحوار بيننا واحترام ثقافة الاختلاف بين جميع الكنائس.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>ما دور مجلس كنائس مصر فى دعم هذا التوجه؟</strong></span></p><p dir="RTL">المجلس يعقد لقاءات دورية مع القيادات الكنسية من مختلف الكنائس المسيحية ويؤكد فيها ضرورة الحوار بين الكنائس الشقيقة بكل محبة، كما علمتنا المسيحية، كما يؤكد دائمًا على ثقافة قبول الآخر، ويدعو لتطوير الخطاب الديني المسيحي حتى يتناسب مع التغيرات المجتمعية المعاصرة، وكذلك يدعو للبعد عن جمود النص الديني الذي يجعله بعض التقليديين حاجزًا يحول بينهم وبين الحوار مع الكنائس الأخرى.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>بالانتقال إلى شأن آخر.. كيف ترى تأخر صدور قانون موحد للأحوال الشخصية للأقباط؟</strong></span></p><p dir="RTL">القانون الموحد للأحوال الشخصية للأقباط &laquo;وهم&raquo;، لن يتحقق، نظرًا لاختلاف القوانين الكنسية المتعلقة بالزواج والطلاق بين الطوائف، ولا أتوقع أن تتفق الكنائس عليها، فمثلا الكنيسة الكاثوليكية لا تقر بالطلاق لأي سبب، بينما تقتصر الأرثوذكسية على الطلاق لعلتي الزنا وتغيير الديانة، وهذا مجرد مثال على اختلاف الأحكام. كما أن الخلاف حول القانون الموحد يتعلق أيضًا ببعض الموروثات في المجتمعات الشرقية التي ترفض الزواج بين مختلفي الديانة خشية حدوث فتن طائفية، وهو أمر يختلف كثيرًا عن الدول الغربية التي لا تمانع فى ذلك.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>ألا يمكن الاكتفاء بالزواج المدني لحل الأمر؟</strong></span></p><p dir="RTL">وفقًا للكنيسة الكاثوليكية يكون من حق أي شخص أن يختار الطريقة التي يتمم بها مراسم زواجه، وهي لا تمانع في أن يتجه البعض للزواج المدني، لكن في الوقت ذاته ليس من حق المتزوجين مدنيًا أن يمارسوا الطقوس الكنسية بشكل عادي بعد هذا الزواج، فإذا كان الأشخاص اختاروا طقوسًا غير كنسية لزواجهم فنحن لا نحرم ذلك، لكننا لا نقبله أيضًا.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>ما رأيك في مسألة صدور قانون بناء الكنائس؟</strong></span></p><p dir="RTL">أملك رأيًا صادمًا في هذا الأمر، فأنا لا أعترف بوجود قانون لبناء الكنائس أو بناء دور العبادة بشكل عام، وأرى أنه من حق أي شخص أن يمارس عباداته وصلواته دون قانون خاص، فالكنيسة والمسجد، من وجهة نظري، مبان عادية يجب أن تخضع لقوانين البناء والإنشاء، مثل أي مبان عادية دون أي حاجة لقوانين وشروط خاصة.</p><p dir="RTL">وأرى أن هذا الأمر &laquo;عبثي&raquo;، لكن ما تسبب فيه هو ثقافة المجتمع وبعض المتطرفين الذين لا يقبلون بوجود دور عبادة للديانات الأخرى بجوارهم، رغم أن هذا حق لأي شخص، وتغيير الأمر لن يحدث سوى بتغيير ثقافة التطرف التي يروج لها بعض القيادات الدينية، فالكنيسة ليست مفاعلاً نوويًا يجب أن يحظر تواجده في بعض الأماكن.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>كيف ترى جهود البابا تواضروس في دعم ثقافة الحوار بين الكنائس؟ </strong></span></p><p dir="RTL">البابا تواضروس الثاني شخصية تمثل المحبة الحقيقية لكل الكنائس، كما أنه دائمًا ما يقدم المحبة للجميع، وهو مثال لراعٍ حقيقي يسعى للاتحاد في الله، ويسعى بكل جهده لدعم الحوار والوحدة والتقارب بين الكنائس المختلفة، رغم العقبات التي يواجهها.</p><p dir="RTL">(جريدة الدستور المصرية)</p>