موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ١ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨
تدفق المعلومات الرسمية الأنجع للحد من الإشاعات والأخبار الكاذبة

نادين النمري - الغد :

اعتبر خبراء أن ضمان حق الحصول على المعلومات والافصاح المسبق، يعد الطريقة المثل للحد من الإشاعات والأخبار المزيفة، معتبرين أن ما شهدته مواقع التواصل الاجتماعي من انتشار للإشاعات انما هو "نتيجة لغياب الرواية الرسمية والتضارب في التصريحات".

ويرى هؤلاء أنه "في ظل تأخر الرواية الرسمية فإن مواقع التواصل الإجتماعي كانت العنصر الأكثر فاعلية اعلاميا في التعاطي مع فاجعة البحر الميت"، لافتين الى أن "الانتشار الإشاعات على مواقع التواصل تسبب بضرر نفسي كبير للأهالي تحديدا خلال الساعات الاولى من الكارثة، وما تبع ذلك من اساءات من قبل قلة للضحايا والناجين وأسرهم".

وكان جلاله الملك عبدالله الثاني انتقد في مقال نشر لجلالته امس، طريقة تعاطي بعض مستخدمي وسائل التواصل مع فاجعة البحر الميت، وقال جلالته: "يجب أن نفرق بين آراء انتقدت الأداء وطالبت بتحديد المسؤوليات، وهذا نابع من الحرص وهو مطلوب، وبين قلة ممن أساؤوا بالشماتة والسخرية، بحق أبنائنا وبناتنا الذين فقدناهم، ما يضعنا أمام العديد من التساؤلات حول أساس علاقتهم بالمجتمع، والأهداف من وراء هذه السلبية التي أفقدتهم وللأسف، إنسانيتهم. ولا بد أن نتساءل عمّن يقف وراء هذه الآراء البعيدة عن قيم مجتمعنا".

وزاد جلالته إن التعامل مع حادثة البحر الميت المؤلمة "يتطلب الوقوف على أوجه الخلل والتقصير، ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليته، واستخلاص الدروس، حتى نتجنب مثل هذه الحوادث المؤلمة مستقبلا، ويستدعي أيضا نظرة فاحصة وشاملة لحجم وطبيعة التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي".

ومنذ وقوع الفاجعة حتى يوم امس تم تحويل 7 أشخاص الى المدعي العام، بتهم تتعلق بنشر أخبار مختلقة تنطوي على ذم وقدح وتشهير، الى جانب نشر مواد ومنشورات أساءت لضحايا حادثة البحر الميت.

وكان الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي قال في تصريحات سابقة "إن الأمن الوقائي وبناء على التكليف الموجه من المدعي عام، يتتبع كافة الأشخاص الذين يقومون بنشر خطابات ومنشورات تبث الكراهية وتسيء لضحايا حادثة البحر الميت وذويهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

وتعليقا على ذلك يقول مدير مركز حرية وحماية الصحفيين نضال منصور "كلما كان حق الوصول للمعلومات والافصاح المسبق بمعلومات ذات مصداقية متاحا، كلما ضاقت مساحة الاخبار الزائفة والملفقة والاشاعات والتكهنات".

ويزيد منصور: "في فاجعة البحر الميت كان هناك مساحة كبيرة للإشاعات والأخبار الكاذبة، التعامل مع ذلك لا يكون من خلال تغليظ العقوبات انما من خلال تكريس التربية الاعلامية بالمدارس والجامعات وتعليم حقوق الانسان، التي تشجع على مبادئ التسامح وقبول الرأي الآخر والمناهضة للعنف والتمييز".

ويرى منصور انه لو كان "لدينا وعي حقوقي أكبر لتقلصت العوارض والانتهاكات لحقوق الضحايا في وسائل التواصل الاجتماعي، تحديدا في قضايا ترتبط بنشر ضور الضحايا ونشر الاشاعات او التعليقات الجارحة".

أما ما يخص الانتقادات التي وجهت للمؤسسات والمسؤولين الحكوميين، فيبين منصور "الشخصيات العامة، يجب دائما ان تتوقع وتقبل النقد حتى وان كان قاسيا، وهذا ما استقرت عليه احكام قضائية". ويضيف "مساحة الحريات الشخصية (الخصوصية) تضيق في المجتمعات الديموقراطية للشخصيات العامة". وقال "نحن ندعم حرية التعبير والحوار المستند لوقائع وحقائق ووجهات نظر وان اختلفنا معها".

من جانبه، يشير أستاذ علم النفس في الجامعة الهاشمية الدكتور جلال ضمرة الى الأثر النفسي السلبي الذي تتركه التعليقات على الحادثة في نفوس أهالي الضحايا والناجيين، وقال "هؤلاء الأفراد والعائلات حاليا في حالة من الصدمة نتيجة لهول الحدث غالبا سيترتبط ذلك بالشعور بالذنب، لومهم سواء بشكل مباشر او على وسائل التواصل الاجتماعي سيزيد من الشعور بالذنب لدى العائلات".

يتطرق ضمرة كذلك الى الإشاعات المتضاربة المتعلقة بالناجين والمتوفين والتي أيضا تتسبب بضرر نفسي وتوتر للعائلات، ولعل اكثر تلك الإشاعات تسببا بالضرر تلك المتعلقة بالعثور على أطفال مفقودين، وانتشار إشاعات بأنهم متواجدون في مستشفيات معينة ليتضح لاحقا ان ذلك الأمر كان مجرد اكاذيب.

من جانبه، يرى عضو مجلس نقابة الصحفيين خالد القضاة إن "حالة الفوضى وانتشار الإشاعات على مواقع التواصل لم تكن سوى انعكاس لحالة الفوضى في التعامل الاعلامي الرسمي، لجهة التضارب في التصريحات وتأخيرها والتمنع عنها ما خلق بيئة مواتية للإشاعات".

وفيما يخص الاساءات والإهانات لأهالي الضحايا والناجين، يعتبر القضاة ان "هذه التعليقات المسيئة المؤسفة بقيت قليلة وفي اطار محدود"، مبينا أن "الرد على هذه القلة القليلة كان من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمواطنين مباشرة".

ويبين ان "حجم الاساءات كان اقل من 1 بالألاف من التعليقات بشكل عام، حيث كان الجو العام متعاطفا مع الضحايا وأسرهم"، ويرى ان "تغليظ العقوبات لن يكون ذا جدوى في هذه الحالات". وينهي القضاة بالقول أن "مواجهة الإشاعات والاساءات على مواقع التواصل يكون من خلال تمكين الاعلام المهني من الوصول الى المعلومة".