موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٧ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨
الملك يسلط الضوء على الظواهر المقلقة على منصات التواصل الاجتماعي

د. جورج طريف :

في المقالة التي كتبها جلالة الملك عبدالله الثاني ونشرته صحيفة الرأي في 31-10 2018 ركز المللك على جملة من القضايا الجوهرية التي تتمثل في بعض الظواهر الاجتماعية التي تشكل مصدر قلق لكل مواطن اردني من خلال ما تنشره منصات التوصل الاجتماعي خصوصا في تغطية ونشر المعلومات عبر الاحداث والتطورات التي تشهدها الساحة المحلية وكان آخرها فاجعة البحر الميت التي آلمت كل موطن في اردننا الغالي.

نحن نعلم اننا نعيش في عصر شهد ويشهد ثورة اعلامية غير مسبوقة من حيث تداول الاخبار وسرعة انتشارها ونقلها والتفاعل معها سواء من خلال «الفيسبوك وتويتر والانستغرام والواتس أب» وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت العالم قرية صغيرة يعلم كل واحد فيها ما يجري حوله في زمن قياسي بالصوت والصورة، لكن حتى ننجح في التعامل مع هذه المنصات الاعلامية لا بد من الحرص التام على التأكد من مصدر المعلومة الواردة والمنشورة ومدى صدقيتها وعدم التفاعل معها وتداولها الا بعد التأكد من مثل هذه الأمور التي قد تتسبب في بث الكراهية وتعبئة الراي العام ضد جهة أو شخصية معينة من دون معرفة الحد الأدنى من الحقيقية.

ومن هنا جاء حديث الملك الذي أكد أنه حين يتصفح المرء منصات التواصل الاجتماعي يصطدم أحيانا بكمٍّ هائل من العدوانية، والتجريح، والكراهية، حتى تكاد تصبح هذه المنصات مكانا للذم والقدح، تعج بالتعليقات الجارحة والمعلومات المضللة، والتي تكاد أحياناً تخلو من الحياء أو لباقة التخاطب والكتابة، دون مسؤولية أخلاقية أو اجتماعية أو الالتزام بالقوانين التي وجدت لردع ومحاسبة كل مسيء،مشيرا الى أن ما شهدناه مؤخراً في حادثة البحر الميت، التي آلمتنا جميعا، وما تبعه من تعليقات البعض يؤكد هذا التأرجح، ويذكرنا بأن استخدام منصات التواصل الاجتماعي يملي علينا أن نكون على قدر المسؤولية في تفاعلنا مع أحداث يشهدها الوطن.

ودعا جلالته للوقوف عند بعض أشكال هذا التفاعل؛ مؤكدا أنه يجب أن نفرق بين آراء انتقدت الأداء وطالبت بتحديد المسؤوليات، وهذا نابع من الحرص وهو مطلوب، وبين قلة ممن أساؤوا بالشماتة والسخرية، بحق أبنائنا وبناتنا الذين فقدناهم، ما يضعنا أمام العديد من التساؤلات حول أساس علاقتهم بالمجتمع، والأهداف من وراء هذه السلبية التي أفقدتهم وللأسف، إنسانيتهم. ومن يقف وراء هذه الآراء البعيدة عن قيمنا وأعرافنا وتقاليدنا التي نعتز ونفاخر بها.

وحذر الملك في مقاله من الأكاذيب والشعارات الفارغة والبطولات الزائفة، التي تنشر في كثير من الأحيان، السلبية والشعور بالإحباط وتضع المجتمع في جو من الريبة والإرباك والتشاؤم، بسبب إشاعات مصدر مصداقيتها الوحيد هو سرعة انتشارها، حتى بات العالم الافتراضي لا يعكس الصورة الحقيقية لقيمنا الأصيلة ومجتمعنا ولواقعنا الذي نعيش فيه كل يوم.

مشيرا الى أن البعض حاول نشر الإشاعات التي تستهدف معنويات الأردنيين وتماسكهم ومشددا على أن علينا جميعا أن لا نتوانى عن مواجهة من يختبؤون وراء شاشاتهم وأكاذيبهم، بالحقيقة. وأن بإمكان كل من يتعرض للإساءة أن يلجأ للقضاء لينصفه، فنحن دولة قانون ومؤسسات.

في ظل هذه المعطيات التي طرحها جلالته لا بد من إعادة النظر في تشريعاتنا الوطنية ومراعاة التوازن بين صيانة حرية التعبير وبين حقوق وأولويات المجتمع والوطن وتعامل الحكومة مع الأحداث والتطورات بشفافية عالية وبسرعة توازي سرعة انتشار الاشاعة لأن القضاء على الاشاعة لا يمكن ان يتم دون وضع المواطن في صورة الحقيقة والمعلومة الصادقة وأعتقد ان لمديري أكبر منصات التواصل الاجتماعي دور في هذه المرحلة في وضع حد لكل الاشاعات المغرضة والمضللة والاخبار الكاذبة والتحكم في توجيه وسرعة انتشارها.

القول الملكي جاء في الوقت المناسب للتنبيه على خطورة منصات وسائل التواصل الاجتماعي ويضعنا أمام مسؤوليتنا كأفراد ومجتمعات بأن لا نرتضي لأنفسنا أن نكون متلقين فقط، بل أن نفكر فيما نقرأ وما نصدق، ونتمعَّن فيما نشارك مع الآخرين مع تحكيم العقل المنطق والعقل في تقييم الأخبار والمعلومات بعيدا عن التشكيك والريبة وأجواء تسريب الاشاعة، والعمل على الوقوف صفا واحدا في وجه كل من يحاول المساس بأمن الوطن أو اغتيال الشخصية أو توجيه الاتهامات من دون وجه حق والعمل على الانخراط الإيجابي والمشاركة الايجابية في مسيرة وطننا الغالي والحفاظ على أمنه واستقراره.

(الرأي)