موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٢٩ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨
الذوق السيئ في اختيار الأصدقاء

د. حسان ابوعرقوب :

للأصدقاء أهمية كبرى في حياة الإنسان، حيث يتبادل معهم الأفكار والآراء، والرحلات، ويتشارك معهم في كثير من التصرفات، ولا تُبنى الصداقة الحقيقية إلا في ظل توافر جوامع مشتركة، تشكل الأساس الذي تقوم عليه جسور الصداقة، لتنتقل كثير من العادات والتصرفات بين الأصدقاء.

فإذا كان ذوق الإنسان سليما فسوف يختار الأصدقاء الذين يشكلون إضافة في حياته، يستفيد منهم ويفيدهم، يرتقي بهم ويرتقون به، في النواحي المادية والعلمية والثقافية. وهكذا تكون هذه الصداقة مثمرة، نافعة للجميع، فالكل رابح، ولا يوجد فيها خاسر، وعلى رأي المثل: يا بخت من نفّع واستنفع. أما إن كان الإنسان يريد أن يكون مثاليا يُعطي ولا يأخذ فهذا شأنه وخياره، وبارك الله فيه.
أما الصحبة التي تُبنى على أساس المحبة في الله، يعني لا تشوبها شائبة من أغراض الدنيا، فهي من أجمل الصداقات، حيث يتعاون الأصدقاء على طاعة الله، ومحبته، والتقرب منه، فيشدّ أحدهم عضد أخيه في الحفاظ على الطاعات، والبعد عن المحرّمات، وهذه صحبة يحبها الله تعالى، حيث اجتمع الأصدقاء على الله وتفرّقوا عليه، فسيكونون من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظلّ إلا ظله، كما أن للمتحابين في الله منابر من نور يوم القيامة، فهنيئا لهم.

أما الصحبة إذا بنيت على ذوق رديء أو سيئ، فلن تثمر إلا الحنظل، ولن يذوق صاحبها إلا طعم المرارة في حياته، وسيرى الخيبة تطارده كظله ولا تفارقه؛ لأن الصديق السيئ لن يأتي بخير، مهما حاول أن يكون طيبا؛ لأن كل إناء بما فيه ينضح. فمن علّمك الهروب من الفصل صديق سيئ، ومن ألهمك الكسل في العمل صديق سيئ، ومن أوحى لك أن تختلس أو تسرق أو تغش صديق يلعب دور الشيطان بكل كفاءة واقتدار. ولن تجد مع هؤلاء الخير مهما طال بك الزمان.

فميزان الصداقة واضح، من نفعك في دينك أو دنياك، أو علمك الخير أو دلك عليه، أو علمك تحقيق مصالحك بالطرق المشروعة، فذاك الصديق الجيد الذي تفتخر بصداقته، أما من علمك الشرّ أو دلك عليه، فذاك صديق لا حاجة لك به، فحذارِ أن تكون ذا ذوق سيئ أو رديء في اختيار الأصدقاء.

(الدستور الأردنية)