موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٩ فبراير / شباط ٢٠١٩
البطريرك الكلداني: إصلاح الطقوس ضرورة قصوى لمواجهة تحديات المعاصرة

بغداد - أبونا :

انضم الكاردينال ساكو إلى النقاش حول تجديد طقوس الكنيسة الكلدانية، والتي يريد البعض، وبعناد، أن تبقى متمسكة بالماضي. لذلك، "بات تقييم التراث الكنسي وتأوينه وتحديثه ضرورة لمعالجة الوضع الاجتماعي الحالي بتحدياته ومتطلباته، والاستجابة لانتظارات المؤمنين، لتغدو الطقوس حيوية تنعش الايمان والرجاء، فلا تبقى تقليدًا جامدًا".

وفي هذا السياق، أصدر البطريرك الكلداني لويس روفائيل ساكو رسالة راعوية حول "الأصالة والتجدد" في الكنيسة الكلدانية، يجيب فيها "على بعض الانتقادات والتعليقات عن تأوين الطقوس المشرقية الكلدانية"، ويشير فيها أنه "على الكنيسة، وعلى كل كنيسة، أن تجيب على الأسئلة التي تُـطرح عليها اليوم، والتي سوف تُطرح عليها كذلك في المستقبل".

ويحذّر غبطته من "الخوف من المعاصرة"؛ ومن الذين ينتقدون التغييرات في الطقوس والعادات والتقاليد، ويخاطبهم متسائلاً: "لماذا لا تحافظوا على الزيّ الذي كان رائجًا في قراكم؟ وعلى عادات وتقاليد أجدادكم؟ لقد غيرتموها، لأنها ما عادت تلائم مجتمعكم الجديد". وبالتالي، يشدد على ضرورة أن تُعدّ الكنيسة "رتبًا بالعربية والكردية والإنكليزية والفرنسية والألمانية والسويدية..."، للمجتمعات الكلدانية الجديدة التي ظهرت منذ عقود، و"لا تعرف لغتنا وطقسنا". ويستشهد بمثال كنيسة مالابار في الهند، والتي جددت وترجمت طقوسها من اللغة الكلدانية السريانية إلى الملايالم، حتى تكون ملائمة للمؤمنين.

ويشدد البطريرك ساكو على "أننا كنيسة، ولسنا متحفًا للتراث". وبالنسبة لغبطته، فهنالك خطر يتمثل بفقدان الكنائس الشرقية "لبعدها التبشيري، وحسها الإرسالي"، نتيجة "الوضع الجيوسياسي، والضغوطات والاضطهادات"، والتي أدت لأن تصبح "كنائس قومية: كلدانية وأشورية وأرمنية وسريانية وقبطية ومارونية"، لكل منها انتماءها "بحسب البقعة الجغرافية واللغة". ويضيف: "لربما في حقبة ما، استطاعت هذه الكنائس بسبب طقوسها في اللغة أن تحافظ على إيمانها. أما اليوم، وهي متواجدة في دول عدة ولغات وثقافات مختلفة ومتنوعة، وتواجه تحديات مصيرية، فكيف لها أن تحافظ على تراثها وتقاليدها ولغتها؟".

ويشير غبطته إلى أننا اليوم "نعيش في عصر يختلف عن العصر الذي ظهر فيه المسيح والكنيسة، بيننا ألفا سنة ونيّف. وقد غدا عالمنا قرية رقمية"، وبالتالي، فإن "طريقة التفكير قد اختلفت، ومزاج الناس قد تغيّر، وهكذا الثقافة واللغة. كما استجدّت قضايا وقيَم لم يعرفها الخطاب الديني القديم". ويشدد على أن "الإبقاء على التقليد القديم فقط، قد ينتهي بفقدنا شعبنا، كبعض الكنائس التقليدية التي هجرها تقريبًا الشباب، من دون مشاركة الناس الصلوات".

ويؤكد البطريرك الكلداني أن "تأوين الطقوس هو نتيجة دراسات أكاديمية ونقاشات راعوية رصينة تسعى للحفاظ على الأصالة والأمانة الراعوية تجاه المؤمنين المعاصرين"، ويشير إلى أهمية التمييز بين ما هو جوهري وعَرَضيّ، وبين ما هو إلهي ثابت وبشري متحرك. وبالتالي، يشدد غبطته "أن الكنيسة في تأسيسها مُرسلة، وأن أحد العناصر الأساسية فيها هي الشمولية في ذاتها، وفي كينونتها ورسالتها. وهذه الحقيقة يجب أن نعلنها للجميع. لذلك، ينبغي أن تُنقل الرسالة بكل اللغات واللهجات، ومراسيم العبادة كذلك، لتكون قادرة على مخاطبة كل إنسان، وكل الإنسان، في كل زمان ومكان".