موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢٨ يناير / كانون الثاني ٢٠١٩
إصلاح التعليم يكسب التحدي

فهد الخيطان :

بعد عقد من الزمن على انطلاق برامج أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، غدت الأكاديمية صرحا علميا في كنف الجامعة الأردنية. بالأمس دشن الملك عبدالله الثاني المبنى الدائم للأكاديمية بحضور الملكة رانيا العبدالله التي أشرفت على تأسيسها، ورئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز الذي واكب انطلاق برامجها عندما كان وزيرا للتربية والتعليم.

دولة الكويت الشقيقة قدمت دعما ماليا مباشرا لتجهيز مباني الأكاديمية، حتى اكتمل على أعلى مستوى. قاعات تدريس وتدريب مجهزة بأحدث الوسائل، وشراكات مع مؤسسات دولية لها باع طويل في تأهيل المعلمين، وخبرات لدول سبقتنا في برامج تطوير التعليم، عملت كفاءات أردنية على مواءمتها لتتناسب مع قيم العملية التعليمية في الأردن.

الآلاف من المعلمين استفادوا على مدار السنوات العشر الماضية من برامج الأكاديمية. لكن إقامة مبنى دائم يعد دفعة قوية لبرامج التدريب سنلمس أثره في السنوات المقبلة.

تأهيل المعلمات والمعلمين وتطوير أساليب التدريس ومحتوى المناهج الدراسية تشكل مجتمعة العنوان الأبرز لمشروع إصلاح التعليم في الأردن، والشرط الأساس لنجاح ثورة التعليم في الأردن والتي بدونها لن يكتب لمشاريع الإصلاح السياسي والاقتصادي التقدم المأمول.

الدول التي تمكنت من مغادرة مربع التخلف وسجلت تجاربها التنموية والاقتصادية نجاحا فائقا، هي التي تولى قادتها بأنفسهم رعاية وإدارة مشاريع إصلاح التعليم،مثل ماليزيا وسنغافورة.

الملك يؤمن بهذه الحقيقة، ومن خلفه الملكة رانيا، ويقفان بكل قوة خلف مشروع الاصلاح. عندما انجزت اللجنة الملكية استراتيجية تطوير الموارد البشرية قبل عامين وأكثر رعى جلالته حفل إطلاقها، وبالأمس حرص على رعاية حفل تدشين الأكاديمية. هي رسالة ملكية مفادها أن إصلاح وتطوير التعليم مهمة عاجلة تتقدم سلم الأولويات.

لم تكن العملية تسير على النحو المطلوب في السنوات الأخيرة، فكما الحال مع كل الخطوات الإصلاحية المقدامة، تحاول قوى مختلفة إعاقة التقدم إلى الأمام، وتكون المعركة شرسة أحيانا مع ثقافة مستسلمة للوضع القائم، ومشككة بكل تجديد وتطوير، وأخرى تريد أن تفصل الاصلاح على مقاسها وسرديتها.

وثمة مشاكل أخرى تتعلق بالنمط الإداري السائد والموروث من الخبرات المتراكمة التي ترفض التجديد وتقاوم التغيير.

لكن روح التغيير عند عشرات الآلاف من المعلمات والمعلمين تغلبت على كل الصعاب، خاصة بعد أن لمسوا قيمة التغيير في حياتهم وحياة طلابهم. كان هؤلاء الشجعان هم جند الملك في سعيه لبناء منظومة متكاملة تنطلق منها عملية الاصلاح بكل الاتجاهات. ورشة مفتوحة لتطوير المناهج، وأكاديمية لتدريب المعلمين، وإجراءات فعالة لتطوير الامتحانات.

التحدي الذي يواجه الأكاديمية حاليا هو في كيفية المحافظة على الكفاءات التي تخرجها، فقد وضعت دول شقيقة نصب عينيها استقطاب خريجي برنامج دبلوم المعلمين برواتب مجزية وحوافز مالية لا تقدر عليها وزارة التربية.

ينبغي التفكير بطريقة خلاقة للمحافظة على هذه الكفاءات في مدارسنا، إلى أن تتشكل لدينا أجيال من المعلمين المؤهلين، تكفي لحاجاتنا أولا وما يفيض لدول شقيقة.

(الغد الأردنية)