موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٣٠ مايو / أيار ٢٠٢٠

وقفة مراجعة في زمن كورونا

وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق، رئيس جامعة جدارا الأردنيّة

وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق، رئيس جامعة جدارا الأردنيّة

د. محمد طالب عبيدات :

 

تخطينا مراحل مهمة في زمن كورونا بما يخص الملف الطبي وملف العودة للعمل والإنتاجية والقطاعات الاقتصادية؛ ونجحنا بامتياز في الملف الأمني؛ والملف التعليمي بشقية العام والعالي كان عن بُعد بإستراتيجية حديثة؛ وفتح دور العبادة على وشك خلال الأسبوع القادم؛ ولم يتبقّى من ملفات كورونا على الأرض سوى أماكن التجمعات من مدارس وجامعات وفنادق ودور حضانة وغيرها؛ وهذا كله يسجّل بنجاح للأجهزة الرسمية ومن خلفها الوقفة الشعبية في خندق الوطن؛ فكانت الجائحة تئن في وطني لقرب القضاء عليها كنتيجة لجهود طيبة من كل الجهات؛ وهذا مصدر فخر وعز للجميع؛ ومع ذلك هنالك بعض الأمور التي يجب الحديث فيها على سبيل تصويبها.

 

رغم النجاح في الملف الطبي بامتياز كنتيجة لجهود الحظر الرسمية والشعبية وتطبيقها من قبل الجيش والأجهزة الأمنية؛ إلا أن هذا الملف معرّض للنكسة في أي لحظة بسبب عودة المغتربين الأردنيين من الخارج وفتح المعابر والحدود، ولذلك مطلوب وضع أسس وبروتوكولات صارمة للحجر لمنع تسرّب أي حالة والتي لربما ستنعكس على كل الناس لا سمح الله تعالى؛ والإعلان عن قُرب فتح دور العبادة الأسبوع المقبل أراح أوساط الناس كثيراً؛ رغم أننا نعلم جيداً بأن المنع والإغلاق كان لغايات الحفاظ على السلامة والصحة لكل الناس؛ ومع ذلك الناس تنتظر قرا فك المطر على دور العبادة على أحر من الجمر؛ لأن ذلك يطفئ حيرة الناس وتساؤلاتها حول الموضوع؛ وحتماً الفتح سيكون تدريجياً وبأعلى درجات الضوابط والسلامة والصحة العامة.

 

وما زال البعض يفكّر بأن هنالك نظرية مؤامرة خلف الكواليس بالنسبة لفايروس كورونا المستجد؛ فالبعض يقول بأن هنالك صراعا خفيا بين الولايات المتحدة والصين؛ وهذا الصراع اقتصادي وسياسي وغيره؛ وتتهم كل دولة الأخرى حول الفايروس؛ والبعض الآخر يقول بأن جائحة كورونا جعلت للدولة دورا إيجابيا جسّر الهوّة بين المواطن والدولة.

 

وحتماً لمسنا جميعاً عودة هيبة الدولة في كثير من القضايا؛ وخصوصاً في مسائل تطبيق سيادة القانون وتطبيق قانون الدفاع وإجراءاته؛ بالإضافة إلى قيمة وتقدير رجال الوطن نشامى القوات المسلحة الباسلة وأجهزتنا الأمنية من قبل كل المواطنين شيباً وشباباً؛ فقرارات الحكومة كافة والتي تم الحديث فيها كانت تأخذ بعين الإعتبار الأبعاد الصحية والأمنية والاجتماعية والاقتصادي والتربوي وغيرها؛ ما يعني أنها قرارات مدروسة وتأخذ الأبعاد كافة بعين الاعتبار؛ ولا يمكن أن يتخذ أي قرار إلا بعد دراسة كل الأبعاد سابقة الذكر بعين الاعتبار.

 

والبعض يعلّق على تناقض في بعض قرارات الحكومة؛ من أمثلة ذلك أن الفايروس أول يومي العيد منع الناس من الخروج وأبقاهم في منازلهم؛ بيد أنهم انتشروا ثالث أيام العيد؛ فهل هنالك فرق بين الأيام وانتشار كورونا؟ الجواب حتماً لا ومنع التجوّل كان مثل ‹قصة الصبّة الخضراء›؛ وعودة الحياة وفتح القطاعات الاقتصادية تدريجياً شيء مهم للنمو الاقتصادي والمساهمة في دعم السيولة النقدية للدولة وللناس في القطاعين العام والخاص؛ وبالطبع على الجميع الالتزام بشروط السلامة العامة والصحة التي وضعتها وزارة الصحة؛ والكرة في مرمى الجميع.

 

والحديث عند كل الناس مُنصبّ على كيفية الحياة بعد كورونا؛ وهل ستتغير ملامح مهمة في ذلك؛ وهنا أقول بأن الحياة الاجتماعية يجب أن تتغير في كثير من مسائل الأفراح والأتراح درءاً للتجمعات؛ وكذلك الحال بخصوص الأمور الاقتصادية والترشيد في الاستهلاك والحفاظ على السيولة النقدية والاستثمار وقضايا أخرى.

 

مطلوب من الجميع البدء بالتأقلم لمرحلة ما بعد كورونا في كثير من مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية لأن العالم حتماً سيتغيّر كثيراً في قابل الأيام؛ ويبدو بأن القادم من الأيام سيشهد تطورات وتغيّرات مذهلة على الأصعدة كافة.

 

وأخيراً؛ الجهود الوطنية المخلصة التي بذلتها الأجهزة الرسمية والشعبية لا ينكرها إلّا جاحد؛ وبالرغم من النجاحات على معظم الأصعدة إلا أن ذلك لا يخلو من بعض الثغرات هنا وهناك؛ نتطلع لعودة الحياة لينعم الجميع بها فيما بعد زمن كورونا.

 

(الدستور)