موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٣ سبتمبر / أيلول ٢٠١٥

ما هذا التجاهل لإضراب المدارس الأهلية

بقلم :
عفيف شليوط - حيفا

مع نشر هذا المقال في موقع "أبونا" يكون قد مرّ أسبوعان على الاضراب المفتوح للمدارس الأهلية في البلاد، هذه الخطوة التي اتخذتها الأمانة العامة للمدارس المسيحية رداً على التقليص في ميزانية تلك المدارس من قبل وزارة المعارف، الذي دفع الأمانة العامة لتلك المدارس الى الاعلان عن اضراب مفتوح في تلك المدارس منذ افتتاح السنة الدراسية الحالية. من المثير للدهشة، ومنذ مطلع هذا الشهر، التجاهل التام وغير المبرر من قبل وسائل الاعلام الاسرائيلية لهذا الاضراب، فقد تابعت النشرات الاخبارية في محطات التلفزيون العبرية التي تابعت موضوع افتتاح السنة الدراسية بأدق تفاصيلها، وبكل وقاحة واستهتار ذُكر في القناة العاشرة على سبيل المثال أن افتتاح السنة الدراسية قد تمّ على أتم وجه اللهم إلا مشكلة صغيرة في روضة في الوسط العبري، ولم يتم الحديث مطلقاً عن إضراب المدارس الأهلية. تم الحديث عن روضة كان من المفروض أن يتعلم فيها حوالي ال 30 طفلاً ولم يتم التطرق لإضراب مفتوح أدى الى بقاء أكثر من ثلاثين ألف طالب في بيوتهم من دون أن يمارسوا حقهم الطبيعي في التعلّم. ولم يتم الحديث أيضاً عن الاضراب التضامني مع المدارس الأهلية ليوم واحد في الوسط العربي، وكأننا نعيش في كوكب آخر. هذا التجاهل من قبل وسائل الاعلام الاسرائيلية يتناغم مع تجاهل الدوائر الحكومية للمطلب العادل للمدارس الأهلية. وهنا، ورغم الألم، هنالك ما يُثلج الصدر ويفرح القلب. فالاضراب التضامني الذي أعلنه الوسط العربي برمته، أثبت مجدداً أننا شعب متلاحم وموحّد، والدور الذي قامت به القائمة المشتركة ورؤساء السلطات المحلية واللجنة القطرية في دعم الإضراب، أثبت مجدداً أنه لا بديل عن وحدتنا لتحصيل حقوقنا، والارتماء في أحضان المأجورين ومغازلة السلطة لن يُجدي نفعاً، ولن يحل أزمة، بل الحل هو احتضان المجتمع العربي لكافة أبنائه وشرائحه وحمايتهم، فالمجتمع العربي هو الحضن الدافىء والحصن الأمين لكافة أبنائه. وعودة الآن الى الإضراب وما أدى الى الإعلان عنه، فلا يكفي التقليصات في ميزانيات هذه المدارس، إنما تمّ منع تلك المدارس من جباية الرسوم المدرسية من قبل الطلاب، وبالتالي وضعوا إدارات تلك المدارس أمام خيارين، إما إغلاق تلك المدارس لأنها لا تستطيع الاستمرار في ظل وضعٍ كهذا، أو تحويل هذه المدارس الى مدارس حكومية. عملياً تمّ تضييق الخناق على المدارس الأهلية بحيث لم يعد أمامها خيار إلا إعلان الإضراب المفتوح، لأن كلا الخيارين المذكورين الإغلاق أو تحويل المدارس الأهلية الى مدارس حكومية مرفوض كليّاً من قبل كل إنسان عاقل ، والذي يدرك أن تلك الخطوات ما هي إلا مقدمة لتفريغ هذه المدارس من خصوصيتها وتميزها. وأريد أن أذكّر إذا نفعت الذكرى أن هذه المدارس نشأت بالأساس كمدارس تبشيرية، لها رسالتها والقضية ليست قضية مالية فحسب. والعرض المقترح على تلك المدارس هو اقتراح وقح لا يستحق حتى الرد، لأنه عبارة عن مؤامرة ومخطط للقضاء على هذه المدارس. وأنا أناشد إدارات هذه المدارس والهيئة العامة لها ألا يتراجعوا قيد أنملة عن مطالبهم العادلة، بل أدعوهم الى تصعيد الخطوات الاحتجاجية والاستمرار حتى النهاية، فإما تحقيق المطالب كاملة وإما الاستمرار في هذا الاضراب الى ما لا نهاية، لأن الهيئة العامة لا تملك خيارات أخرى، والقبول بأيّ تنازل هو عبارة عن ضرب المسمار الأول في نعش المدارس الأهلية. وهنا أوّد أن أذّكر بخطاب القائد الفذ طارق بن زيّاد عندما قام بحرق أسطول جيشه عندما كان على سواحل اسبانيا: "أيها الناس؛ أين المفرُّ؟! والبحر من ورائكم والعدوُّ أمامكم، فليس لكم والله! إلاَّ الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضْيَعُ من الأيتام في مآدب اللئام"، فهنا على المدارس الأهلية أن تناضل حتى النهاية، تناضل من أجل بقائها واستمراريتها ووجودها.