موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٩ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٠

للحفاظ على منظومتنا الصحية: حماية الذات والآخرين

د. كميل موسى أفرام

د. كميل موسى أفرام

د. كميل موسى أفرام :

 

الوباء الفيروسي الذي يفتك بأحلامنا وحريتنا ويهدد استمراريتنا بظرفه المستجد غير المستقر ضمن معادلة عدم التهاون أو الاستخفاف، يحتاج لجهود مجتمعية لضمان معادلة النجاح، وقد بدى جلياً أن منظومتنا الصحية تواجه تحديات كبيرة بالأداء والاستمرارية، فالجيش الأبيض هو الوحيد القادر على خوض المعركة بالخطوط الأمامية بمختلف تصنيفاته وتشكيلاته لحسمها، فالأداء تكاملي، وهو في الميدان على مدار الساعة منذ قُرع الجرس، وأستحضر من الذاكرة ببداية الجائحة مقولة وتصريحاً صاعقاً وصادماً لرئيس الوزراء البريطاني بضرور الاستعداد لوداع المحبين بدون موعد، نتيجة الوباء الذي يخترق الحدود بحرية، وتسارع يفتقر لأدنى متطلبات الإذن أو الرحمة، وإن المناعة المجتمعية وهي (مناعة القطيع بلغته) هي وسيلة الحرب بنظره، فمنذ لحظة الشرارة الأولى للوباء هناك التزايد المضطرد بأعداد الإصابات والوفيات، تفوق قدرة الأنظمة الصحية على احتواءها ومواجهتها، حتى بالدول المتقدمة وصاحبة الإمكانات العلمية والتقنية والمادية، وهي التحدي الأكبر اليوم للجميع، فالعالم يعيش قوله.

 

هناك واجب وطني على كل منا بأداء دوره في هذه المرحلة الحياتية، فالمختبرات العلمية والشركات العملاقة تتسابق لإنتاح لقاح فعال وعلاج شاف لهذا الوباء، وهناك دخان أبيض يبشر بنجاح العديد من الشركات بإحراز السبق تمهيداً لمحاصرة المرض، وللوصول لهذه المرحلة المفصلية من التاريخ البشري الحاضر، هناك مسافة زمنية تفصلنا وتلزمنا للتعامل الأمثل للمحافظة على ملفنا الصحي الشخصي والعائلي، الذي بمجمله يساهم بتخفيف العبء على المنظومة الصحية، التي تلتزم بالعمل ضمن مفهوم الفريق الواحد، على أن تتجرد خطتنا العلاجية من فقرة الفزعة التي لا تتناسب ومتغيرات المنعطف الوبائي.

 

الحقائق غير الخلافية عن هذا الوباء حتى الساعة والتي لا تدخل بموسوعة الاجتهاد أو الفتوى أو احتكار الحقيقة، تتمثل بمجموعة متناسقة من الأسلحة الذاتية للحماية؛ إرتداء الكمامة بصورتها الصحيحة بحماية الأنف والفم لتصبح جزء أساسي من سلوكيات الشعوب والموضة الحالية والمستقبلية ضمن مواصفاتها الصحية، فهناك من أصحاب الاختصاص قد أعلن أن نسبة حمايتها تعادل مفعول المطعوم المنتظر، والكمامة لها مواصفات طبية ملزمة ودقيقة، بغض النظر عن الشكل واللون، كما أن التباعد الاجتماعي بجميع الأوقات يحمل درجة إضافية من الحماية والوقاية؛ الشخصية منها والمجتمعية، وواقع اليوم يفرض علينا مراجعة أمينة للكثير من العادات الاجتماعية المتوارثة بالمناسبات المختلفة، بمبرر تغير الظروف الصحية والمادية، فالتعبير عن المشاركة بالأفراح والأحزان والمناسبات والاجتماعات، يمكن ترجمته بوسائل متعددة ضمن التحديثات الذكية على وسائل الاتصالات والتكنولوجيا، وتجربتنا المتواضعة بالتعليم عن بُعدْ، ولدت بطريقة الفزعة من رحم الواقع، ويمكننا الاستفادة منها للتطوير والتحديث، ويقيني أن المحافظة على النظافة الشخصية وتعقيم اليدين والأسطح من بديهيات البناء الذاتي، وليست حدثا جدليا يتطلب التذكير أو التحديث، وبذلك يكون كل منا قد ساهم بجهده الذاتي لوقاية نفسه والآخرين من العدوى المتبادلة، خصوصاً في هذه الذروة الزمنية التي تمتحن صبرنا وصمودنا، فالأمل بإيجاد لقاح يمنح المناعة قد اقترب من مرحلة الواقع والحقيقة، وننتظر بصبر ودعاء لدخان أبيض يصعد من محراب العلماء والباحثين إعلانا بالتوصل لعلاج لهذا الوباء، ولكن الوعد لن يمنحنا مناعة الإصابة بغير التزام صحيح بسلوكنا والتعامل مع حقيقة وجود الوباء بتهديد حقيقي لن يرحم المشككين أو المستهترين، فهل نعتبر الانتخابات النيابية القول والفصل وللحديث بقية.

 

(الرأي الأردنية)