موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٤ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠

عيد القديس فرنسيس الأسيزي (التاريخي)

بقلم :
الراهب بولس رزق الفرنسيسكاني - مصر
لم يدخل القديس فرنسيس التاريخ، بل صنع تاريخًا بحياته واتحاده بيسوع المسيح المخلص

لم يدخل القديس فرنسيس التاريخ، بل صنع تاريخًا بحياته واتحاده بيسوع المسيح المخلص

 

يحتفل العالم كله في الرابع من اكتوبر من كل عام، بعيد القديس فرنسيس الأسيزي. ولد قديس العصور الوسطى، بل هو قديس كل عصر، عام 1181، ومازال صوته حتى اليوم وكلماته وعظاته وأعمال ينادى بها في كل مكان. شخصية القديس فرنسيس شخصية تاريخية حفرت فى التاريخ بحروف الحب وفي قلوب البشر بنغمات هادئة.

 

يقول قداسة البابا بندكتس السادس عشر في تعليمه يوم 27/1/2010 "لقد حاول في الواقع البعض من مؤرخي القرن التاسع عشر والقرن الماضي أيضًا خلق ما يُسمى بفرنسيس التاريخي من وراء التقليد رجلاً يودّ أن يخلق تجديدًا في شعب الله وكان فعلاً على علاقة مباشرة بيسوع".

 

دخل القديس فرنسيس التاريخ بل صنع تاريخًا بحياته وإتحاده بيسوع المسيح المخلص، وإنعكس هذا بأعماله، وحياته وحبه للطبيعة وهذه البصمات لا يمحيها التاريخ أبدًا على سبيل المثال في مقابلته مع السلطان الملك الكامل في دمياط، وصنع السلام بين الشرق والغرب في وسط الحروب، وعمل مغارة الميلاد في مدينة جريتشو. وانطبعت في جسده سمات السيد المسيح، وضع أنظمة للحياة الرهبانية والرسالة في الكنيسة وأصبح منشدًا ومسبحًا لله.

 

عاش القديس فرنسيس  بشخصيته البارزة ولم نستطع أن نفصل  حياته التاريخية عن حياته الروحية وعلاقته مع الله والكنيسة عاش حياة التوبة وأنطلق نحو الآخرين وأعطى العالم صبغة جديدة وهي السلام والأخوة وعيش الإنجيل وروحانيته.

 

القديس فرنسيس كان شابًا مليئًا بالأحلام العظيمة، و شخصًا قياديًا، يقود مجموعة من شباب المدينة في  ذلك الوقت وكان يحب مدينته و إنتمائه  وكان  يدافع عن مدينته ضد الأعداء. والله أستخدم هذه الشجاعة والحب والانتماء لخير البشرية وجعله أداة ليحمل اسمه بين البشر، كما دعي القديس بولس الرسول في طريق دمشق إختاره للتبشير. وكان القديس فرنسيس لديه الرغبة في تجديد شعب الله من داخل الكنيسة وتحت  رعاية خليفة القديس بطرس الرسول.

 

ولد في العالم شمس هكذا يقول الشاعر الكبير الإيطالي دانتي من القرن الثالث عشر في كتابه الكوميديا الإلهية (الفردوس، النشيد 13)، (ولد في العالم شمس)، إذ أن مولد القديس فرنسيس هو بمثابة شمس جديدة أشرقت على الدُنيا، والعالم يشعر بحرارة إيمانه ويلقبه أيضًا بالشمس الساطعة كما تبزع قوة ساطعة الصيف. وكان يفيض بالمحبة الإلهية كالملائكة والسيرافيم الذين هم رمز المحبة المشتعلة وذلك دعم الكنيسة بالإيمان والعطف على الفقراء.

 

القديس فرنسيس التاريخي العاشق للجمال وينشد لنا نشيد المخلوقات ويسبح الله من خلال الطبيعة ويضعه لنا مع صلاته، وتأملاته وعشقه لله اللامحدود لأن الله هو الجمال. أدرك أن الخليقة تعلن عن وجود الله  ومن خلال الطبيعة  كان يسبح ويعزف بأوتار ترفع أصوات إلى الله، وبنغمات هادئة تدخل القلوب وتجعل القلب متحدًا مع الله.

 

القديس فرنسيس التاريخي كان إنجيل معاش بين البشر، مجسدًا محبة الله بين البشر.

 

القديس فرنسيس التاريخي يحقق حُلم البابا إينوشنسيوس الثالث وهو يحمل الكنيسة واليوم الرهبنة الفرنسيسكانية تحمل الكنيسة في قلبها من الخدمة وبذل الذات والتضحية والموت في سبيل الرسالة.

 

القديس فرنسيس التاريخي  الحامل سمات يسوع المسيح ولأول مرة في تاريخ المسيحية التي يجري فيها الكلام عن سمات يسوع المسيح.

 

القديس فرنسيس التاريخي الذي زرع بذرة وصارت شجرة عظيمة في الكنيسة وهي الرهبنة وتغذت بعمل الروح القدس وبشفاعة أمنا مريم العذراء، وهي منتشرة في كل المسكونة. وحمل حب الله الغير متناهي للبشرية مجسدًا في خدمته. والذي سلك طريق القداسة أصبح نموذجًا نقتدي به وعلى خطاه نسير في طريق القداسة.

 

وهو أخًا لكل البشرية، ليس فقط في الماضي بل هو الآن حاضرًا وسوف يكون حاضرًا ما دامت الكنيسة حاضرة على الأرض هكذا يكون القديس فرنسيس لأنه صورة حية للمسيح . هو الآن موجودًا في كل إنسان يعيش حياته المسيحية الحقيقية على الأرض.

 

في مثل هذا اليوم الله دعي القديس فرنسيس التاريخي لكي يكمل حياته في السماء، ويشارك مع الملائكة والقديسين، ونحن أبناء القديس فرنسيس علينا أن نكمل رسالته في الكنيسة والمجتمع، ونعلن محبة الله الغير محدودة.