موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢ يونيو / حزيران ٢٠٢٠

شمس الصحافة الورقية تسطع في سماء الوطن

نيفين عبدالهادي

نيفين عبدالهادي

نيفين عبدالهادي :

 

اليوم، تشرق شمس الصحافة الورقية بصيغتها التي اعتاد عليها كثيرون، تعود لألقها الورقي، حيث تصدر الصحف الأردنية اليومية الثلاث بطبعتها الورقية، لتعود الصباحات تتنفس رائحة حبر المطبعة، ويعود الصحفيون الى مكاتبهم يمارسون عملهم من جديد، الذي لم ينقطعوا عنه للحظة خلال الأيام الماضية، حيث تواصلوا مع العمل الصحفي من خلال المواقع الإلكترونية للصحف.

 

كثيرون ينتظرون اليوم الصحف بالطبعة الورقية، ليستمتعوا بقراءتها وهم يلامسون صفحاتها، ويقفوا وجها لوجه أمام المعلومات والحقائق، والتحليل الصحفي، والقراءات والتحليل الإخباري، وهو ما بات يميّز المادة الصحفية بالصحف عن غيرها من وسائل الإعلام المختلفة، ليكتمل بذلك المشهد الإعلامي المحلي، ويعود لألوانه التي تميّز بها الأردن عبر سنين وتصبح فسيفساء الإعلام الوطنية نموذجية مكتملة الأركان.

 

ليس يوما عاديا اليوم في الشارع الصحفي الأردني، فهو اليوم الذي تستطع به شمس الصحافة الورقية في سماء الوطن، تقف في خندقة مقدّمة رسالتها إلى جانب نسختها الإلكترونية، بعودة إلى الإستماع لصوت المطابع في كافة الصحف، وهو الصوت الذي تطرب له أذان الصحفيين كافة، كما سمفونية عشق تعيد اليهم حبّ عمرهم المسطّر بين أحرف الصحف، وأسطرها، هي الحياة تعود من جديد لأوراق الصحف، بمهنية ومصداقية خطابها الذي بقي وسيبقى صوتا للوطن.

 

قبل اجتياح وباء كورونا، كانت الصحافة الورقية تعاني من مشاكل تميل إلى الواقع الإقتصادي، وبعد هذه الجائحة، أصبحت الصحافة تحمل العبء الأثقل في مواجهة واقعها الذي امتلأ دربه بالصعاب، وذلك في مواجهة تبعات الوباء التي كان اولها وقف إصدارها الورقي، لتفقد بذلك جزءا من رسالتها التي تعود اليوم بثقلها ومهنيتها وتكمل مشوارها الذي لم تتوقف عن العطاء به حتى في أكثر الظروف صعوبة، فرغم أن الظرف تركها وحيدة في شارع الإعلام، لفترة من الزمن، لكنها اليوم تعود لألقها، تقوم بدورها سلطة رابعة مسؤولة تحقق معادلة الإعلام الناضج في وقوفها مع الوطن والمواطن، وتكون منبرا مسؤلا للرأي والرأي الآخر.

 

نحن في جريدة الدستور لم نبتعد لحظة عن العمل الصحفي، وتوزعت قاعات رئاسة التحرير، والتحرير والمندوبين والإخراج في منازلنا جميعا، لتصدر الصحيفة يوميا من خلال طبعة بي دي إف، وبحضور قوي على وسائل التواصل الإجتماعي كافة، مسجلة أرقاما مرتفعة جدا من المتابعات والقراءات، فكانت الصحيفة حاضرة في المشهد الإعلامي بشكل يومي ووفقا لمتطلبات المرحلة، لتكمل اليوم رسالتها وتعود لتشغيل المطبعة تقدّم لقرائها منذ صباح اليوم وجبة دسمة من المعلومات والمقالات والأخبار التي تتسم بأعلى درجات المهنية والمسؤولية، لتصبح مؤسسة رقمية وورقية بحرفيّة المعنى.

 

والثابت اليوم، والصحافة الورقية تعود لتفرض نفسها وتنتزع حضورها في الشارع الإعلامي، أن الصحف الورقية بريئة تماما من تصنيفها ضمن الوسائل الناقلة للأوبئة، حيث أكدت منظمة الصحة العالمية في بيان أصدرته «احتمال انتقال العدوى من شخص مصاب إلى البضاعة التي يتم تسويقها ضعيف جدا، وبالتالي فإن إمكانية انتقال فيروس كورونا من خلال حزم الجرائد التي يتم نقلها غير واردة، خاصة أنها تنقل لمسافات طويلة وتخضع لحرارة مرتفعة، وهو ما يجعل الاحتمال ضعيفا جدا»، مبددة بذلك أي مخاوف يمكن أن تحيط بالصحافة الورقية في كونها ناقلا للوباء.

 

الصحافة اليوم تجدد مناعتها التاريخية من أي مشكلة أو أزمة، فقد واجهت الكثير من الصعوبات ربما بدأت منذ عشرات السنين، منذ ظهور الإذاعات والتلفزيونات، وهاهي اليوم تعود لعشاق الورقة والقلم، متسلحة بأدوات تنسجم ومتطلبات المرحلة.

 

(الدستور)