موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٩ أغسطس / آب ٢٠٢٠

زيارة ماكرون في عيون السياسيين الفرنسيين

د. ناهد عميش، الاستاذة المشاركة في الجامعة الأردنية

د. ناهد عميش، الاستاذة المشاركة في الجامعة الأردنية

د. ناهد عميش :

 

كان لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان بعد انفجار بيروت بيومين، ردّات أفعال كثيرة على المستوَييْن: اللبناني؛ والفرنسي.

 

وقد شغلت أخبار الانفجار الذي حصل في بيروت الصفحات الأولى في الصحف الفرنسية.

 

ولا يُعدّ اهتمام الرئيس ماكرون بلبنان بالأمر الجديد. إذ قام بتأكيد هذه الأهمية بزيارته للبنان خلال حملته الانتخابية في كانون الثاني العام 2017. كما أنه قام بتعيين العديد ممن عملوا دبلوماسيين في لبنان في وكالة الأمن الخارجي الفرنسية DGSE.

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان قد أعلن أن فرنسا سترسل طائرة مساعدة إنسانية ثالثة إلى بيروت بعد الانفجار الضخم الذي هز العاصمة اللبنانية.

 

وبالطبع؛ فان الزيارة تضمنت رسائل عدّة، فكان واضحاً بأن التضامن جاء أولاً مع الشعب اللبناني، لذلك فقد قام ماكرون بداية بتفقد موقع الانفجار وبلقاء الناس قبل لقاء السياسيين. كما تكلم عن أزمة سياسية واقتصادية و"أخلاقية" في لبنان. وأضاف بأنه لا يمكن إعطاء شيك مفتوح إلى نظام فاقد للشرعية، وركز على أهمية أن تشرف الأمم المتحدة على المساعدات الإنسانية التي ستقدم للبنان. ولم تخلو الرسائل التي وجهها ماكرون من التذكير بأن النظام لم يقم بالإصلاحات المرجوة، وبأن الشعب غير راضِ عن سياسات الحكومة.

 

وقد أعلن الرئيس بعد اللقاء أهداف زيارته:

 

"- نقل تضامن الشعب الفرنسي مع الشعب اللبناني بعد انفجار 4 آب/ أغسطس . كما أن التحقيقات يجب أن تحصل بكلّ شفافية لمعرفة ما حصل ومنْ تسبّب بالانفجار في بيروت.

 

- تقديم الدعم من الشعب الفرنسي إلى اللبنانيين، وظهر عبر 3 طائرات وصلت إلى لبنان تحمل معدّات ولوازم طبية، وأغذية وإعادة البناء بأسرع وقت مُمكن.

 

- تنظيم الدعم الدولي سريعاً.

 

وقال ماكرون: " يجب القيام بمبادرات سياسية قوية لفرض الشفافية وإنهاء الفساد، والقيام بإصلاحات في قطاع الكهرباء ومعالجة انقطاع الكهرباء، ومعالجة عمل القطاع المصرفي وشفافية المصرف المركزي. المسألة تعود إلى الرؤساء والشعب الذي يتمتع بالسيادة لتطبيق هذه الخيارات، وهي يجب أن تُمثّل عقداً سياسياً جديداً."

 

أما في فرنسا، فلم يسلم ماكرون من انتقادات بعض السياسيين للزيارة، وأولهم كان Jean Luc Melanchon زعيم حزب La France insoumise، حيث كتب على تويتر "أحذر من التدخل في الحياة السياسية اللبنانية. لبنان ليس محمية فرنسية" وأضاف النائب "أحذر اللبنانيين من إصلاحات ماكرون. احموا مطالب ثورة مواطنيكم".

 

كما انتقد رئيس حزب الخضر، جوليان بايو، زيارة إيمانويل ماكرون وقال على تويتر: "نهاية الانتداب الفرنسي للبنان 1941. الاستقلال ، 1944. التضامن مع لبنان يجب أن يكون غير مشروط".

 

أما نائب رئيس حركة الRassemblement National وهي حركة يمينية متطرفة، جوردان بارديلا، فقد كتب على تويتر: "دعم فرنسا للشعب اللبناني في هذه المأساة لا جدال فيه.ولكن ومن ناحية أخرى فإن العرض المتغطرس الذي قدمه ماكرون ك «one man show » في بيروت، غير مقبول."

 

هذه الانتقادات لمً تكن مقبولة لرافاييل غلوكسمان، النائب في البرلمان الأوروبي، الذي قال: "هل كنا نفضل عدم الذهاب إلى هناك وغياب فرنسا بعد هذه الكارثة التي أصابت شعبًا قريبًا جدًا من شعبنا؟"وقد أكد بأن المطالبات بالإصلاحات ضرورية جداً خاصة من حكومة اشتهرت بفسادها وإهمالها.

 

لا تكمن أهمية زيارة ماكرون للبنان المنكوب بالتضامن فقط مع هذا البلد؛ وإنما بالرسائل التي تضمنتها الزيارة أيضاً، وأهمها الحاجة إلى ميثاق أو عقد جديد للبنان بعد فشل الصيغة الميثاقية الحالية.

 

(عمون)