موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٦ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٩

تنوع الآراء يُثري حياتنا

بقلم :
جورج عصفور - الأردن

قدم لنا السيد المسيح له المجد قاعدة ذهبية فى التعامل مع الآخرين، حين أوصانا في الكتاب المقدس: كما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا انتم ايضا بهم، فالإنسان كائن إجتماعي بطبعه لا يستطيع أن ينعزل عن مجتمعه الذى يعيش فيه. لقد اصبحنا نحيى فى عصر الفضاءات المفتوحة والنت والمحمول، ومن خلالها نتصل ونتواصل مع الآخرين مع القريب والبعيد فى كل البلاد الواسعة، ويعتمد مدى نجاحنا فى الحياة على مدى قدرتنا على كسب الأصدقاء والتاثير على الناس بروحٍ منفتحة على الشخص الآخر، نقبله ونحبه ونتعاون معه للتغلب على المشكلات الى تواجهنا فى مختلف نواحي الحياة ، وقد جاء في الكتاب المقدس ان الله خلق الإنسان ويعلم ما بداخله ، ولأن كل منا جُبل على محبة نفسه فقد علمنا الله ان نحب القريب كأنفسنا { تحب قريبك كنفسك } وقريبنا هنا هو كل انسان أخ لنا فى البشرية ، عندما نحبه محبة روحية صادقة فاننا نعمل لخيره ولا نريد له أذى أو ضرر ، ونحن نريد كذلك أن يعاملنا الناس حسنا وبالاحترام والتقدير، فلا بد ان نكون مبادرين لمعاملتهم هكذا أيضا ، فهذا هو من جوهر الإيمان فى التعامل مع الآخرين. انت تريد ان يحترمك الناس ويحبوك فعليك ان تحترمهم وتحبهم ، وتريد ان يستمع اليك الآخرون عندما تتحدث ويقدروك كما انت بشخصيتك وافكارك ومعتقداتك ، فهكذا يجب ان تكون انت معهم مُقدراً لهم محترما ارائهم ومعتقداتهم ، أنت تريد ان يقبلك الناس كما انت فاقبلهم كما هم { لذلك اقبلوا بعضكم بعضا كما ان المسيح ايضا قبلنا لمجد الله } وحتى عندما تخطئ تريد أن يلتمس لك الآخرون الأعذار والمبررات فهل تفعل انت هكذا ؟ يجب ان تبادر الى التعامل الإنساني الراقي حتى وإن لم تجد رد الفعل المناسب من البعض. وإذا كنا نعيش فى مجتمع ينتشر فيه العنف ، فعلينا ان نتحلى بالأخلاق الفاضلة والمبادئ السامية التي نُصحنا بها ، فالنار تُطفأ بالماء لا بمزيد من الحطب { ان جاع عدوك فاطعمه خبزا وان عطش فاسقه ماء} هكذا جاء السيد المسيح ليقدم لنا تعليما ساميا يهدف الى نشر الخير والمحبة التي تُحوّل الأعداء الى أصدقاء وتجعلنا نتشبه بالله خالقنا وأبينا السماوي ، فأنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا الى مبغضيكم وصلّوا لأجل الذين يُسيئون اليكم ويطردونكم ، فكونوا انتم كاملين كما ان أباكم الذي في السماوات هو كامل. إننا نختلف فيما بيننا فى الميول والثقافات والآراء وقد نختلف فى الأعراق أو الاديان ونتيجة لذلك قد نختلف فى نظرتنا الى الأمور ومعالجتنا للمشكلات ، ولكن يجب أن نقبل بعضنا البعض ونحترم الآخر مهما كان رأيه أو جنسه أو معتقده الديني او السياسي ، لا بد ان نقبل الغير وندعهم يُعبرّون عن رأيهم وليس معنى هذا ان نتبنى اراء الاخرين او نوافقهم عليها ولكن علينا ان نصل معهم بالحوار والاحترام والقبول الى القواسم المشتركة التي نتفق عليها بدون تعصب او انغلاق ، مما يصل بنا الى فهم أشمل يُثرى حياتنا بتبادل وتنوع الآراء ، واعلموا أيها الأحباب أن الإحترام المتبادل بين الناس هو دليل على رقي المجتمع والإنسان ، متمنيا لكل البشر الحياة المثلى الأبدية.